رأي- “إغلاق الأنبوب” من منظور فتحي!
* كتب/ خليفة البشباش،
فتحي شاب عاش حياته كلها يعتقد أن العالم هو عبارة عن عائلته وزقاقه وقبيلته ولا يخرج عن أحكامهم، يأكل ويشرب بسبب الصدفة القدرية التي وضعت النفط في بلاده التي لم يزر معظم مدنها؛ بسبب أنه لم يسمع بوجودها أصلا.
في أحد الأيام قام شخص يدعى “إبراهيم” بإغلاق أنبوب النفط الذي يربط فتحي بمحل المواد الغذائية الملاصق لمسجد الحي، ورغم أنه قد تم تحذيره بالنتائج الكارثية لهذا الإغلاق إلا أنه أعجب به، لأنه سمع من أبناء قبيلته وزقاقه أن إبراهيم “فارس” و “أسد” ثم إنه أحد أقارب “سمعة” أحد البائسين الذين يعرفهم في الحي المجاور، وهكذا أخذ فتحي يردد دعايات إبراهيم الذي يصفه بقاهر الإخوان، رغم أن فتحي لا يعرف معنى إخوان ولا يزال يجد صعوبة في التفريق بين الشيعة والشيوعية، لكنه فهم بطريقة أو بأخرى أن كل أولئك المعارضين لإغلاق الأنبوب هم إخوان، ومع الوقت صار كل همه أن يرى أولئك “الإخوان” غاضبين حتى لو أدى ذلك لهلاكه قبلهم أو دونهم.
مع مرور الأيام ونضوب الخزينة العامة بدأت آثار الأزمة تصل إلى الزقاق الترابي الذي يقيم به فتحي، وصار يقضي ساعات طويلة في طابور المصرف بدلا من قضائها مع “سمعة” ورفاقه وذلك بسبب أزمة السيولة، ثم طار الدولار “في العلالي” وصارت مدخرات فتحي بالكاد تساوي شيئا، باع ما باع من ممتلكاته ليؤمّن بعض مصاريفه، لكنه بدأ يدرك بالحواس الرئيسية أن إغلاق ذلك الأنبوب لم يسئ للإخوان فقط بل وصلت الصفعة إليه.
بالطبع بدأ يبحث عن شماعة ما وعندما أدركه اليأس من استخدام شماعة “الأزمة مفتعلة” بدأ يحاول سب أحد أو حدث ما وبالطبع ليس ذلك الحدث الذي أيّده “إغلاق الأنبوب” فبدأ يسب أحداثا أخرى مثل “كله من ثورتكم” و”كله من الإخوان” ولا يزال بالطبع يقصد بالإخوان كل من يخالفه الرأي، على كل حال ولحسن الحظ ظهر فارس جديد وبدا أنه أفضل من سابقه، وعلى قاعدة (هذا أكبر) وبما أنه قد جنّ الليل ورأى كوكبا أضخم فقد اتبعه، عندما تجرأ إبراهيم ووصف نجمه الجديد بـ”الأسير المهزوم” انقلب فتحي عليه، واكتشف فجأة أنه “تشادي” وليس قريبا لصديقه سمعة، وشارك في الهجوم على بيته وإخراج صور الشخصية مع أهله وشاركها على الإنترنت شامتا في فارسه القديم.
على كل حال قد يظن المرء أن هذه التجربة المريرة بتحولاتها الكثيرة قد صقلت شخصية فتحي وجعلته أكثر نضجا، “أبسلوتلي” بصوت اللمبي.. فنجمه الجديد المشير أركان حرب خليفة حفتر المعروف اختصارا بـ”التافه حلاوتا”، والذي يصفه فتحي مرة أخرى بقاهر الإخوان قد قرر إغلاق نفس الأنبوب، وطار الدولار مرة أخرى وبسرعة أكبر، وأزمة السيولة ستعود قريبا لنفس حدتها القديمة.. لكن فتحي لا يزال يعتقد أنه يقهر الإخوان بذلك التصرف.. المثير للسخرية والمؤسف ليس فقط أنه يكرر أخطاءه بالملليمتر يا حبيبي بالملليمتر، بل إنه لا يزال يعتقد أن الإخوان هم كل من يعارض إغلاق الأنبوب، طول هذه المدة والأحداث لم يتبرع أحد بشرح ذلك المصطلح لصديقنا، الذي بالكاد يفتح كتالوج الترابونو فلا أمل في إهدائه كتابا يشرح مبادئ الاقتصاد أو ماهية جماعة الإخوان.
على كل حال.. عندما بدأت أزمة إبراهيم، كان الاقتصاد يتكئ على بعض ما في الخزينة لذا كان سير الأزمة بطيئا في ظهورها لكن قاسيا في وقعها، اليوم لا يتكئ الاقتصاد على شيء ولم يتعافى بعد أصلا من تلك الأزمة، ومع تجددها وإذا استمرت -وهو المتوقع- فإن سير الأزمة سيكون أسرع ووقعها أشد قسوة. لكن ذلك ليس مهما.. المهم نقهروا الإخوان
تنبيه: هذه القصة من وحي خيال الكاتب وأي تشابه بينها وبين أشخاص تعرفهم فيسبوكيا أو واقعيا هو بسبب مخيلتك أو بسبب غباء هؤلاء الأشخاص..