* كتب/ د. رافع بيت المال،
لست أدري كيف يعزل معلم العربية عن وسطه ومحيطه وواقعه ويحمل أعباء الانتكاسة والضعف والتدهور والضياع!
يطالب معلم العربية بالتطوير والتحديث ومسايرة الجديد ومجاراة التقدم والتكنولوجيا، والانطلاق نحو الوافد، وتسخيره وتطويعه خدمة للعربية، وخروجا بها من أسرها وضعفها كما يصفون.
ولعمري إن في ذلك تجنيا وتحاملا على أهل العربية وخدامها.
معلم العربية مطالب باستخدام التقنية الحديثة والذكاء الاصطناعي الذي لم تستخدمه كليات متخصصة، كتقنية المعلومات وكليات الهندسة إلا على استحياء. ولم تستخدمه كذلك كليات الطب لتسخيره وتطويعه للتنبؤ بالأمراض المستعصية، التي تحمل خصائص جينية يمكن استشرافها قبل الابتلاء بمصابها.
لكن معلم العربية وحده هو من يحمل تقاعسه عن استخدام هذا الوافد الذي لم تثبت فاعلية استخدامه وتطويعه!
معلم العربية هو من يحمل تبعات الضعف وتراجع التحصيل وتدني المستوى، والحقيقة تشير إلى أن السبب الرئيس يكمن في صناع القرار الذين لا يأبهون بشيء من ذلك في منح القوس باريها وإعطاء الخبز لخبازه.
تدني التحصيل يتحمل تبعاته مسئولو المحاصصة المتطفلون على القطاع، الذين أوكلت إليهم مهام الإشراف على مراقبات التربية والتعليم ومكاتب التفتيش التربوي فما رعوها حق رعايتها.
تدني التحصيل يسأل عنه من زاحم طلاب الجامعات في أقسام اللغة العربية بمواد ناشزة، لا تمت لفلسفة التكوين للعربية بصلة، فأفسدت على الطلاب تحصيلهم البنائي، فخلفت ضعفا وتراجعا انعكس على خريجي العربية الذين اشتغلوا بالتدريس. وهي شكوى مرصودة نقلت إلينا من مكاتب المتابعة والتفتيش التربوي.
تدني التحصيل أحد أسبابه المدخلات الضعيفة لأقسام العربية، وهي نتيجة ثقافة مجتمعية متخلفة تجعل من أولياء الأمور يدفعون بأبنائهم المتفوقين إلى كليات الطب والهندسة وضعاف التحصيل (بتوع ربنا) يوجهون لكليات الآداب والشريعة.
أقلوا اللوم على معلم العربية، فلو أوكل الأمر له ورجع بالدرس اللغوي إلى جذوره الأولى، زمن من أدرك حقيقته فتدرج بها ضمن مهارات الاستظهار (حفظ المتون) والترقي بين مستوياتها، والتنقل بين الشروح (فقه النصوص) والمقابلات والمقارنات (الحجاج) ورصد ظواهر العربية (فقه اللغة)… الخ
لو ترك لمعلم العربية الاضطلاع بهذا الدور ومتابعة المسير لكان للعربية شأن آخر.
كل عام ومعلمو العربية ومحبوها بخير