“دليل الفن الصخري في الصحراء الليبية”: رحلة عبر الزمن لكشف أسرار الحضارات الغابرة

الناس-
كتاب “دليل الفن الصخري في الصحراء الليبية” للمؤلف الإيطالي باول جراتسيوسي، والذي قام بترجمته والتعليق عليه الدكتور إبراهيم أحمد امحمد المهدوي، يقدم للقارئ العربي نافذة فريدة على عالم الفن الصخري القديم في قلب الصحراء الليبية الشاسعة.

* كتب/ محمد المهدي زعبية،
يُعدّ الكتاب بمثابة كنز معرفي يوثق ويرصد التعبيرات الفنية التي تركها الإنسان القديم على صخور الصحراء الليبية، والتي تمتد لآلاف السنين وتغطي فترات زمنية سحيقة. الفن الصخري، سواء كان رسومات أو نقوشاً، هو سجل حي لحياة الشعوب التي سكنت هذه المناطق في عصور ما قبل التاريخ، ويقدم معلومات قيمة عن أنماط حياتهم، بيئتهم، معتقداتهم، وأنشطتهم اليومية، بالإضافة إلى التغيرات المناخية التي طرأت على المنطقة عبر العصور.
يتناول جراتسيوسي في عمله هذا مواقع الفن الصخري المنتشرة في الصحراء الليبية، مثل تلك الموجودة في جبال أكاكوس وتاسيلي. هذه المواقع تُظهر تنوعاً كبيراً في الموضوعات والأساليب الفنية، حيث يمكن رؤية صور للحيوانات البرية التي كانت تعيش في المنطقة عندما كانت أكثر خضرة، مثل الأبقار والزرافات والفيلة، بالإضافة إلى مشاهد من الصيد والحياة اليومية للإنسان القديم.
تكمن أهمية هذا الدليل في كونه ليس مجرد تجميع للصور والنقوش، بل هو تحليل علمي لهذه الآثار الثقافية، مما يساعد على فهم التطور الحضاري والبيئي للمنطقة. ويساهم الكتاب في تسليط الضوء على الدور المحوري الذي لعبته الصحراء الليبية كجسر ثقافي وحضاري بين شمال أفريقيا والعمق الإفريقي.
يُعد “دليل الفن الصخري في الصحراء الليبية” مصدراً لا غنى عنه لكل من يسعى لاستكشاف الطبقات العميقة من تاريخ البشرية في هذه المنطقة، ولفهم كيف استخدم الإنسان القديم الفن كوسيلة للتعبير عن وجوده وتوثيق عالمه. هذا الكتاب يؤكد أن الصحراء الليبية ليست مجرد مساحات رملية قاحلة، بل هي متحف طبيعي يحوي في طياته إرثاً فنياً وحضارياً عريقاً ينتظر المزيد من الاكتشاف والدراسة.



