
العربي الجديد-
تناقش الجهات المعنية زيادة إنتاج النفط الليبي بمقدار 247 ألف برميل يوميًا. وفي هذا الصدد، عقد محافظ مصرف ليبيا المركزي، ناجي محمد عيسى، الأربعاء (02 يوليو 2025م) اجتماعًا موسعًا مع رئيس مجلس إدارة المؤسسة الوطنية للنفط، مسعود سليمان موسى، بحضور رئيس لجنة إدارة المصرف الليبي الخارجي ومديره العام، وبمشاركة عدد من مديري الإدارات من المصرف المركزي والمؤسسة الوطنية للنفط.
ويأتي الاجتماع في ظل ظروف اقتصادية دقيقة تواجهها البلاد، خُصص لمناقشة آليات دعم الجهود الجارية لزيادة إنتاج النفط الليبي الخام بنحو 247 ألف برميل يوميًا، وهي زيادة تستهدف رفع إجمالي الإنتاج الوطني إلى مستويات تقارب 1.5 مليون برميل يوميًا في المدى القريب، مقارنة بالمستويات الحالية التي تدور حول 1.25 مليون برميل يوميًا.
ووفقًا لما عُرض خلال اللقاء، فإن هذه الزيادة المتوقعة في إنتاج النفط الليبي قد تسهم في تحقيق إيرادات إضافية تصل إلى نحو 6 مليارات دولار سنويًا، ما يُمثل دفعة قوية لقدرة مصرف ليبيا المركزي على تلبية الطلب المتزايد على النقد الأجنبي، خصوصاً في ظل الضغوط الناجمة عن تقلبات أسعار الصرف، وارتفاع فاتورة الواردات، وضعف الإيرادات غير النفطية.
وأكد محافظ المصرف المركزي أن زيادة إنتاج النفط الليبي تمثل خيارًا استراتيجيًا لتعزيز قوة الدينار الليبي، الذي شهد ضغوطًا متزايدة في السوق الموازي خلال الأشهر الماضية، إضافة إلى كونها خطوة محورية نحو استعادة التوازن في الميزان التجاري والميزانية العامة.
كذلك شدد الاجتماع على أهمية تفعيل قنوات التمويل المشتركة بين المصرف المركزي والمؤسسة الوطنية للنفط، سواء من خلال المصرف الليبي الخارجي أو عبر شراكات مالية مع عدد من المصارف الدولية، لتوفير التمويل اللازم لتنفيذ مشروعات المؤسسة المخططة خلال الأعوام المقبلة، والتي تشمل تحديث البنية التحتية، وحفر آبار جديدة، وتوسعة قدرات التخزين والتصدير.
وخلال اللقاء جرى عرض مرئي قدّمته المؤسسة الوطنية للنفط يتضمن خطة تحسين إنتاج النفط في ليبيا للعامين 2025 و2026، مع التركيز على المناطق ذات الجاهزية الفنية لزيادة الإنتاج بشكل سريع، بما في ذلك الحقول الكبرى في حوض سرت والواحات، إلى جانب تطوير مشاريع الغاز المصاحب.
وفي ختام الاجتماع، اتفق الجانبان على مواصلة التنسيق الفني والمالي بين فرق العمل المختصة، وعقد اجتماعات دورية لتذليل العقبات، وضمان التقدم في تنفيذ الخطة المعلنة، لما لذلك من أثر مباشر على الاستقرار المالي والاقتصادي للدولة الليبية.
وتُسجل مؤسسة النفط صادرات البلاد من النفط الخام تطورات إيجابية، إذ ارتفع متوسط الصادرات خلال الربع الأول من عام 2025 إلى 1.24 مليون برميل يوميًا، مقابل 1.042 مليون خلال المدة نفسها من العام الماضي، أي بزيادة قدرها 19%، وفقًا لبيانات وحدة أبحاث الطاقة. ويُمثّل هذا النمو السنوي دفعة قوية لجهود الدولة في استعادة مكانتها ضمن كبار المورّدين للأسواق العالمية، ويعكس استقرارًا نسبيًا في القطاع مع تحسُّن البنية التشغيلية.
كذلك قفزت صادرات النفط الخام المنقولة بحرًا إلى 1.18 مليون برميل يوميًا، مسجّلة نموًا سنويًا نسبته 21.9%، مقارنة بـ 972 ألف برميل في الربع الأول من 2024. ويعتمد الاقتصاد الليبي بشكل شبه كامل على إيرادات النفط، التي تمثل نحو 90% من مداخيل الدولة، و60% من الناتج المحلي الإجمالي حسب أرقام 2020. وتحتفظ ليبيا بأكبر احتياطيات مؤكدة من النفط في القارة الإفريقية، تُقدّر بنحو 48.4 مليار برميل، ويظل قطاع النفط والغاز العمود الفقري للاقتصاد الليبي منذ اكتشافه في خمسينيات القرن الماضي، رغم ما شهده من اضطرابات سياسية وأمنية.
وأشار صندوق النقد الدولي في آخر تقرير له إلى أن الاقتصاد الليبي لا يزال معتمدًا بشكل شبه كلي على صادرات النفط، ما يجعله عرضة بشدة للتقلبات العالمية، خصوصاً في ظل استمرار فاتورة الواردات المرتفعة. وأشار إلى أن الآفاق الاقتصادية للبلاد تبقى رهينة بتطورات قطاع النفط، حيث يُتوقع أن يشهد الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي انتعاشًا في عام 2025 مدفوعًا بتوسع في الإنتاج النفطي، قبل أن يستقر على معدل نمو بنحو 2% على المدى المتوسط.