الأناضول-
تباينت ردود الأفعال الداخلية والخارجية إزاء مبادرة المبعوث الأممي عبد الله باتيلي، لتنظيم الانتخابات في ليبيا، فبينما دعمتها الولايات المتحدة وحلفاؤها، رحب بها المجلس الرئاسي وحكومة الوحدة، فيما عارضها مجلس النواب صراحة، وانقسم بشأنها المجلس الأعلى للدولة.
ـ خطة باتيلي
أطلق المبعوث الأممي إلى ليبيا عبد الله باتيلي، مبادرة “تهدف إلى التمكين من إجراء الانتخابات الرئاسية والتشريعية خلال عام 2023″، بعدما اعتبر أن كلا من مجلسي النواب والدولة لم ينجحا “في التوافق على قاعدة دستورية للانتخابات”.
وأعلن باتيلي، خلال إحاطته أمام مجلس الأمن، في 27 فبراير الماضي، اعتزامه “إنشاء لجنة تسيير رفيعة المستوى للانتخابات”.
وأوضح أن الآلية المقترحة ستعمل على “الجمع بين مختلف الأطراف الليبية المعنية، بمن فيهم ممثلو المؤسسات السياسية، وأبرز الشخصيات السياسية، وزعماء القبائل، ومنظمات المجتمع المدني، والأطراف الأمنية الفاعلة، وممثلون عن النساء والشباب”.
باتيلي، أن هذه اللجنة ستضطلع “بتيسير اعتماد إطار قانوني وجدول زمني ملزم لإجراء الانتخابات في 2023”.
وأضاف أن اللجنة المقترحة “سوف تمنح منصة للدفع قُدما بالتوافق حول الأمور ذات الصلة، مثل تأمين الانتخابات، واعتماد ميثاق شرف لجميع المرشحين”.
ـ مجلس النواب يرفض المبادرة
هيئة رئاسة مجلس النواب الليبي ردت بالرفض على مبادرة باتيلي، في بيان صدر في 27 فبراير، أكدت فيه على “الملكية الليبية للعملية السياسية، وأنها الضامن الوحيد لإنجاح أي مبادرات في هذا الشأن”.
وأشار مجلس النواب في هذا الصدد إلى “المادة 64 من الاتفاق السياسي الليبي، التي حصرت الدعوة لانعقاد لجنة الحوار في طرفي الاتفاق (مجلس النواب ومجلس الدولة) دون غيرهما من الأجسام والكيانات داخلية كانت أم خارجية”.
واستغرب المجلس “ما تضمنته الإحاطة من مغالطات بشأن فشل مجلسي النواب والدولة في إقرار القاعدة الدستورية”.
وانتقد ما وصفه بــ”الغياب التام” في إحاطة باتيلي، “لأي ذكر عن تعطيل انعقاد جلسة مجلس الدولة من قبل ذات القوى القاهرة التي أفشلت الانتخابات العام 2021″، على حد قوله.
ولفت إلى “عدم الحديث عن الفشل الذي لحق بباقي المؤسسات المنوطة بها مهام جسام لإنجاح أي عملية انتخابية وسياسية”.
ـ مجلس الدولة منقسم
المجلس الأعلى للدولة (نيابي استشاري) لم يعلن على الفور موقفا من مبادرة باتيلي، لكنه عقد جلسة طارئة، الخميس، للتصويت على التعديل الـ13 للإعلان الدستوري، بعد ثلاث جلسات ألغيت بسبب عدم اكتمال النصاب، إثر إعلان 54 عضوا (من إجمالي 135 عضوا).
وأفاد المكتب الإعلامي لمجلس الدولة، في بيان، أن المجلس صوت “بموافقة غالبية الأعضاء الحاضرين بعد اكتمال النصاب، على التعديل الدستوري الثالث عشر الذي أقره مجلس النواب بالتشاور مع المجلس الأعلى للدولة”.
بينما اعتبر مقرر المجلس أنّ “الجلسة لم يتحقق نصابها قبل انقضاء ساعتين من الموعد المحدد لانعقاد الجلسة”.
وأوضح المقرر (لم يرد اسمه في البيان)، أنّ النصاب القانوني لانعقاد الجلسة هو 68 عضوا (النصف+1)، وأنّ موعد جلسة المجلس “الساعة 11.00 صباحاً، وعند الساعة 13.00 ظهراً بلغ عدد الموقعين لحضور الجلسة 61 عضواً فقط ما يعني أنّ النصاب لم يتحقق في الوقت القانوني المحدد في النظام الداخلي للمجلس”.
غير أن نوابا حضروا الجلسة أكدوا أن عدد الأعضاء الحاضرين بلغ 69، ما يعني تحقق النصاب، لكن المعارضين يرون أن النصاب لم يتحقق إلا بعد نحو نصف ساعة من انقضاء الوقت القانوني.
حيث صوت 53 عضوا لصالح اعتماد الإعلان الدستوري، وفق العضو في المجلس عبد السلام الصفراني، في مداخلة تلفزيونية.
ومصادقة مجلس الدولة على تعديل الإعلان الدستوري، رغم أنه جاء بعد نشر مجلس النواب له في الجريدة الرسمية، يعني اعتماده رسميا، وأن هناك توافقا بين المجلسين بشأنه، الأمر الذي شكك فيه باتيلي، في إحاطته.
وهذه الخطوة تعني ضمنا رفض رئيس مجلس الدولة والأعضاء الداعمين له، خطة باتيلي، لتجاوز المجلسين، وتشكيل آلية بديلة.
ـ حكومة الوحدة ترفع مستوى التنسيق
حكومة الوحدة الوطنية برئاسة عبد الحميد الدبيبة، وجدت في إحاطة باتيلي، فرصة ذهبية للإشراف على الانتخابات تحت قيادة أممية، بعدما تقدم رئيس مجلس النواب بمقترح لتشكيل حكومة جديدة للإشراف على تنظيم الانتخابات.
وفي هذا الصدد أصدر رئيس حكومة الوحدة تعليماته لوزارة الخارجية برفع مستوى التنسيق مع الأمم المتحدة في مجال الدعم الفني والمشورة للمفوضية العليا للانتخابات، لإنجاز الانتخابات.
كما خاطب الدبيبة، الأمين العام للجمعية العامة للأمم المتحدة أنطونيو غوتيرش، بشأن تقديم المساعدة التقنية والفنية لتنفيذ الاستحقاق الانتخابي.
ودعاه إلى التنسيق مع حكومته ومفوضية الانتخابات “لإرسال مراقبين دوليين على العملية الانتخابية، وحتى الانتهاء منها واعتماد نتائجها النهائية، وفريق لتقييم الاحتياجات الخاصة بالانتخابات”، لإنجاح الاستحقاق.
المجلس الرئاسي يدعم خطة باتيلي
من جانبه، أعلن رئيس المجلس الرئاسي محمد المنفي، “دعم أي جهود أممية واضحة ومفصلة تفضي لمعالجة مختنقات القاعدة الدستورية للانتخابات البرلمانية والرئاسية خلال 2023، وتلبي رغبة الشعب الليبي في اختيار قياداته”.
وجاء هذا التصريح في بيان، عقب لقاء المنفي، مع السفير الفرنسي لدى ليبيا مصطفى المهراج، في 28 فبراير.
حيث قدم السفير الفرنسي للمنفي، إحاطة “حول اللقاء الذي عقد بالعاصمة الأمريكية واشنطن (3+2+2+2) مع المبعوث الخاص للأمم المتحدة، المعني بالشأن الليبي واجتماع مجلس الأمن بالخصوص”.
ففي 23 فبراير، وقبل أربعة أيام من إحاطة باتيلي، اجتمع الأخير مع ممثلين عن الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا+ إيطاليا وألمانيا+ تركيا ومصر+ قطر والإمارات.
دعم دولي لمبادة باتيلي
حثت السفارة الأمريكية لدى طرابلس القادة الليبيين الرئيسيين على التعاطي مع خطة باتيلي، لإجراء الانتخابات في ليبيا بطريقة بناءة.
وفي تغريدات على حسابها في تويتر، اعتبرت السفارة الأمريكية أن مقترح باتيلي “يحفز الجسم السياسي الليبي، وسوف يبني على التقدم الذي أحرزه كل من مجلس النواب والمجلس الأعلى للدولة في التوصل إلى قاعدة قانونية للانتخابات”.
وأفادت أن “مثل هذه اللحظة فرصة لجميع القادة الرئيسيين في ليبيا لإظهار أنهم فعلاً متفانون في خدمة احتياجات الشعب”.
بينما قالت السفارة البريطانية لدى طرابلس، في تغريدة لها على تويتر، “يجب على قادة ليبيا أن يحترموا الضرورة للتسوية، يجب أن يتفق الجميع على شروط الانتخابات واحترام النتائج”.
لكن روسيا، العضو الدائم في مجلس الأمن، لا تبدي حماسة في دعم خطة باتيلي، بل حذر مندوبها في الأمم المتحدة عندما مناقشة المبادرة، “من أي تسرع في تنظيم الانتخابات، باعتباره لن يحل مشاكل ليبيا”
واعتبر المندوب الروسي أن إنشاء آليات جديدة لتسوية المشكلة الليبية دون إشراك ليبيا نفسها لن تكون مثمرة، قائلا “الصيغ الجديدة قد لا تكون ناجحة بسبب عدم معالجة الأخطاء السابقة”.
روسيا تدعم مجلس النواب، في موقفه الرافض للعب الأمم المتحدة دورا في إنشاء آلية جديدة لتنظيم الانتخابات على حساب البرلمان.