عربي 21-
قال عضو المجلس الأعلى للدولة في ليبيا وعضو ملتقى الحوار السياسي، عبد القادر حويلي، إنه “لن تكون هناك انتخابات في 24 ديسمبر المقبل”.
وأوضح أن “سبب ذلك يعود إلى أنه يجب الاتفاق أولا على القاعدة الدستورية، وتعديل القوانين، ومنع المجرمين من الترشح، الأمر الذي يُعدّ مستبعدا الآن، نظرا لضيق الوقت، وبالتالي بات خيار تأجيل الانتخابات دون تحديد موعد بعينه هو السيناريو القادم في المشهد الليبي”.
وشدّد، في مقابلة خاصة مع “عربي21″، على عدم القبول بنتائج الانتخابات الليبية حال إجرائها وفقا “للقوانين المعيبة”، وفق تعبيره.
وأوضح أن “موقف بعض الدول الغربية من الانتخابات بدأ يتراجع بعد ترشح سيف القذافي وحفتر، وربما تضغط ألمانيا وبريطانيا وإيطاليا لتأجيل الانتخابات لحين حل هذه الإشكالية”.
وحذّر “حويلي” من تكرار السيناريو العراقي في ليبيا حال الإصرار على إجراء الانتخابات في ظل المعطيات الراهنة، خاصة بعد ترشح سيف الإسلام القذافي وخليفة حفتر، وتحرك الشارع رفضا لهما، مضيفا: “لدينا في ليبيا استقرار نسبي الآن، ولا نريد أن نفقده بسبب تلك الانتخابات”.
وتاليا نص المقابلة:
هل قوانين الانتخابات هي السبب الرئيس في الخلافات الدائرة الآن؟
بالطبع هي سبب هذه الخلافات؛ فقوانين الانتخابات قوانين معيبة شكلا وموضوعا. فمن ناحية الشكل: صدرت بالمخالفة لقرارات مجلس الأمن الدولي، والاتفاق السياسي الليبي، والإعلان الدستوري، والقوانين المحلية الليبية، ومعيبة من ناحية الموضوع؛ لأنها تسمح للمجرمين بالترشح، وتدعو للتهميش، وهو ما رأيناه في ترشح المجرم سيف الإسلام القذافي وحفتر وعقيلة صالح، ومن المتعارف عليه في أي انتخابات تُجرى في الدول المتقدمة أو المتحضرة أنه يتم منع أي شخص متهرب من دفع الضرائب من خوض الانتخابات، فما بالك بالقتلة والمجرمين الذين أجرموا بحق الشعب الليبي.
ما هي خيارات المجلس الأعلى للدولة إزاء التطورات الخاصة بالانتخابات؟
الحقيقة أن المجلس الأعلى للدولة قد تأخر في رفض هذه القوانين المعيبة منذ البداية؛ فقد طالبنا فور صدور قانون الانتخابات رئيس المجلس الأعلى للدولة بالتواصل مع المجتمع الدولي، كرئيس مجلس الأمن أو الأمين العام للأمم المتحدة والبعثة الأممية، لكنه لم يفعل، واعتمد على تواصله الشفهي مع بعض السفراء والمندوبين، في المقابل رأينا عقيلة صالح – رئيس مجلس النواب – يتمادى في إصدار هذه القوانين.
وقد بدأنا في تصحيح الأمور من خلال بعض الإجراءات – وإن كانت متأخرة – منها: التواصل مع مجلس الأمن الدولي، وتواصلنا مع الأمين العام للأمم المتحدة، وكذلك تواصلنا مع الاتحاد الأوروبي والاتحاد الإفريقي، ومع جامعة الدول العربية، هذا من الناحية السياسية، أما على الجانب الميداني فقد تواصلنا وعدد من قيادات البلديات، مع الثوار، وحاليا هناك العديد من الوقفات الاحتجاجية الكبيرة لمنع مكاتب المفوضية العليا للانتخابات من العمل، وستستمر هذه الوقفات خاصة بعد قبول أوراق ترشح سيف القذافي وحفتر.
لكن ماذا لوأجريت الانتخابات نهاية العام الجاري في ظل المعطيات الراهنة؟
لا أعتقد أن الانتخابات ستُجرى بعد الأحداث الأخيرة، ولن تُقبل نتائجها إذا أجريت وفقا لهذه القوانين المعيبة، ومن وجهة نظري أنه لن تكون هناك انتخابات في ليبيا ما لم يكن هناك تعديلات في القوانين، ومنع المجرمين من الترشح، وهو الأمر الذي يُعدّ مستبعدا الآن، نظرا لضيق الوقت، وبالتالي فلا مفر من التأجيل.
كيف تنظر لدعوة رئيس المجلس الأعلى للدولة، خالد المشري، إلى الاعتصام أمام مفوضية الانتخابات ومقر البعثة الأممية ومقرات الحكومة ومجلس النواب والميادين لرفض الانتخابات المرتقبة؟ وهل ستجد صدى واسعا برأيكم؟
بالفعل بدأت الاعتصامات، وبدأ بعض الأهالي بإغلاق بعض مراكز الاقتراع لمنع عملية تسليم البطاقات، وندعو للاعتصام أمام مقر بعثة الأمم المتحدة، وأمام مقر المجلس الأعلى للقضاء حتى يتم النظر في الطعون المُقدمة، ويجب على القضاء أن يكون له دور في هذه المرحلة، وستكون هناك تظاهرات كبيرة يومي الجمعة والسبت القادمين، وهذا ما يدعو إليه رئيس المجلس الأعلى للدولة، أيضا هناك تصريح من رئيس الحكومة يؤكد فيه أن تلك القوانين معيبة، وبإمكانه أن يخرج ويقول إنه لا يستطيع تأمين الانتخابات، ومن ثم لا تُجرى العملية الانتخابية، وفي رأيي رئيس الحكومة له دور كبير في منع إجراء هذه الانتخابات، ويجب ألا يُستدرج عبر السماح له بالترشح لانتخابات الرئاسة.
من وجهة نظركم، كيف يمكن فض النزاعات بين المؤسسات الليبية، وخاصة بين البرلمان والمجلس الأعلى للدولة؟
لقد قدمنا العديد من المقترحات لكن بعثة الأمم المتحدة – مع الأسف – كانت سببا رئيسيا في رفضها، ولا ننفي مسؤولية مجلس النواب عن ذلك أيضا، وهناك العديد من الآليات والطرق لفض النزاع بين المؤسسات، بين المجلس الأعلى ومجلس النواب، على الأقل من خلال جلسة مشتركة بينهما، وقد قمنا بتقديم مقترح – باعتبارنا أعضاء ملتقى الحوار السياسي – بأن تُعقد جلسة مشتركة فقط للتصويت على جميع المقترحات، ويقوم على الإعداد للجلسة: اللجنة القانونية بالمجلس الأعلى للدولة، واللجنة التشريعية بمجلس النواب، حتى تنتهي هذه الخلافات، وكل المشاكل الموجودة تحدث عنها الاتفاق السياسي، والقوانين واللوائح التي يجب أن تصدر بالمشاركة تكون مطروحة في هذه الجلسة المشتركة للنظر فيها، أو أن المجلس الرئاسي يقوم بالتدخل.
فقد قدمنا هذا الطلب أيضا للمجلس الرئاسي، وقلنا هذا دوركم لإجراء المصالحة السياسية، بأن يقوم رئيس المجلس الرئاسي بدعوة رئيس مجلس النواب، ورئيس المجلس الأعلى للدولة، ورئيس الحكومة للاجتماع والجلوس معا، ووضع حل للمشكلة القائمة بين المجلس الأعلى للدولة ومجلس النواب، لكن للأسف المجلس الرئاسي لم يقم بدوره في هذا الجانب، وبالتالي فالحلول موجودة لكنها للأسف لا ترى طريقا للتنفيذ.
هناك دعوات للمجلس الأعلى للقضاء للانعقاد وتفعيل الدائرة الدستورية لفض النزاعات بين مؤسسات الدولة، وذلك على اعتبار أن المؤسسة القضائية هي الجسم الوحيد بالبلاد الذي لديه شرعية قانونية وشعبية مستقلة.. ما تعقيبكم؟
هذه هي أهم نقطة، فيجب أن تكون هناك اعتصامات أمام المجلس الأعلى للقضاء، والمحكمة العليا، للنظر في الطعون المقدمة بأسرع وقت ممكن، ويجب ألا تُجرى الانتخابات تحت أي ظرف من الظروف في ظل قوانين معيبة.
البعض يرى أن هناك حالة انقسام حادة ونزاع شرعيات مختلفة في ليبيا وبالتالي فيجب السماح لكل الأطراف والشخصيات بالترشح للانتخابات بينما يرى آخرون أنه يجب ألا يتم السماح لمن يصفونهم بـ “المجرمين” بالترشح وممارسة العمل السياسي.. كيف ترون تلك الإشكالية؟
سبب المشكلة هو ترشح سيف القذافي وحفتر للرئاسة، وهذا الترشح هو ما سينسف العملية الانتخابية برمتها، وهو خطأ جوهري وفادح؛ لأنه كان بالإمكان صرف نظر سيف الإسلام وحفتر عن الترشح، فكلا الاسمين مرفوض تماما من الجهة الغريبة، وبإمكان سكان المنطقة الشرقية أن يسموا الأشخاص المرفوضين لديهم في المنطقة الغربية؛ فيجب أن نجلس جلسة حوار مشتركة لنحدد الأسماء غير المقبولة في الغرب والجنوب والشرق، ولا يتقدم منهم أحد للترشح في الانتخابات، ويكون هذا الاتفاق على الأقل خلال المرحلة الحالية من الانتخابات، لأن هذه المرحلة مرحلة تأسيس للدولة؛ فكما تعلمون القذافي لم يترك لنا دولة أو مؤسسات دولة.
ونريد أن نؤسس دولة في جو يسوده التفاهم والمشاركة، وليس على الانقسام، ثم تكون مؤسسات الدولة منقسمة بعد انتهاء العملية الانتخابية؛ فيجب أن تكون هناك جلسة تشاورية توضح فيها الأسماء التي لا يرغبون في ترشحها، ونحن نعرض الأسماء التي نرفضها، ونحن صرّحنا أكثر من مرة، لا نريد حفتر، ولا نريد سيف القذافي، ولا نريد الدائرة الأولى، والثانية التي كانت محيطة بعائلة القذافي، ولا نريد أن نراهم متصدرين للمشهد خلال هذه المرحلة.
ما تقييمكم لموقف المجتمع الدولي من الانتخابات والخلافات المصاحبة لها؟
موقف المجتمع الدولي سلبي جدا تجاه الانتخابات، لكن بعد إعلان ترشح سيف القذافي وحفتر بدأت بعض الدول في التراجع؛ فهناك إشكالية حقيقية في الوقت الراهن، فنجد أن روسيا تُربك المشهد بعد أن كشفت عن أوراقها من خلال دعم ترشح سيف القذافي وحفتر، بينما فرنسا متضررة من ذلك، وإيطاليا أكثر تضررا، والولايات المتحدة مترددة، وربما تضغط ألمانيا وبريطانيا وإيطاليا لتأجيل الانتخابات لحين حل هذه الإشكالية.
هناك تهديدات دولية بفرض عقوبات على “معرقلي الانتخابات”.. ما موقفكم من تلك العقوبات المحتملة؟
أنا لا أتوقع أن يأتي الغرب بخير لليبيين، ويجب على الليبيين أن ينأوا بأنفسهم عن هذه المؤسسات الدولية، وأن يذهبوا لحل مشاكلهم بأنفسهم، فلن تكون انتخابات في 24 ديسمبر، وإنقاذ الانتخابات يكون بتأجيلها الحتمي، وبإصلاح القوانين المعيبة.
أما بخصوص العقوبات الغربية، فإن تأثيرها لا يكون على المتنفذين، وإنما تأثيرها على الشعب الليبي للأسف.
من وجهة نظركم، ما هو السيناريو القادم في ليبيا مستقبلا؟
السيناريو القادم في المشهد الليبي هو تأجيل الانتخابات دون تحديد موعد بعينه، حتى نتفق على القاعدة الدستورية ويتم تعديل القوانين بحسب قرارات مجلس الأمن الدولي، والاتفاق السياسي الليبي، أو أن يقوم المجلس الرئاسي بإصدار قرارات أو مراسيم بعد التشاور مع النخب والمؤسسات القائمة حاليا وإجراء الانتخابات وفق مراسيم متفق عليها، أو أن يقوم ملتقى الحوار السياسي بحل هذه الإشكالية الدستورية من خلال التصويت على المقترحات المعروضة أمامه، أو أن يصدر قرار من مجلس الأمن يقضي بأن ليبيا دولة فاشلة وتوضع تحت الوصاية الدولية كما حدث مع بعض الدول التي لم يتفق الساسة فيها، وأجرت لهم الانتخابات بالمعايير الدولية، ثم القبول بنتائجها وتنتهي الإشكالية.
لكن سيكون هناك حل قريبا، وأنا متفائل بذلك، خاصة بعد ترشح سيف القذافي وحفتر، وتحرك الشارع الليبي رفضا لهما، وأقول إننا لدينا في ليبيا استقرار نسبي الآن، لا نريد أن نفتقده بسبب تلك الانتخابات، وأحذّر من تكرار السيناريو العراقي في ليبيا حال الإصرار على إجراء الانتخابات في ظل المعطيات الراهنة.