
العربي الجديد-
أعلن مكتب النائب العام في ليبيا عن تحركات قضائية في ملفات فساد مالي وتزوير وثائق رسمية، في إطار حملة واسعة تستهدف موظفين عموميين ومسؤولين سابقين، وسط تصاعد القلق من تآكل منظومة المال العام وتفشي التلاعب في السجلات السيادية.
وبحسب المكتب، فقد أسفرت التحقيقات الجارية عن صدور أحكام وأوامر حبس احتياطي طاولت عشرات المتهمين، في وقت تسعى فيه السلطات القضائية إلى تعزيز مبادئ الشفافية والمساءلة داخل المؤسسات الحكومية، لا سيما في القطاعات الحيوية كالمصارف والخدمات المالية والأحوال المدنية.
وفي أبرز القضايا، أصدرت محكمة الجنايات في دائرة استئناف الزاوية حكماً بإدانة ثلاثة أشخاص، بينهم مدير فرع مصرف الجمهورية ببلدية الرقدالين، بعد إدانتهم بتزوير صك مصرفي استخدم للاستيلاء على مبلغ قدره 1.5 مليون دينار ليبي ما يعادل نحو 273 ألف دولار (بسعر صرف 5.5 د.ل/ دولار) من المخصصات المالية الموجّهة لمرتبات موظفين عموميين. وحكمت المحكمة بسجن المتهمين لمدة خمس سنوات، مع إلزامهم برد كامل المبلغ، وتغريمهم 3.77 ملايين دينار، في واحدة من أبرز قضايا الفساد المالي المعروضة أمام القضاء في الآونة الأخيرة.
وفي بنغازي، أمرت نيابة مكافحة الفساد بحبس مدير سابق لفرع هيئة التأمين الطبي، بعد تحقيقات كشفت استيلاءه على 700 ألف دينار من أموال الهيئة باستخدام مستندات مزورة، وتم توقيفه احتياطياً عقب استجوابه. وفي ملف آخر، تقود النيابة العامة عمليات تدقيق موسعة في قيودات السجل المدني في عموم البلاد، وذلك بعد رصد عدد كبير من حالات التزوير في وثائق الهوية والإقامة والنقل. وبحسب بيانات رسمية، شملت التحقيقات حتى الآن مراجعة ملفات 10,620 أسرة، وتدقيق بيانات 6,990 حالة متصلة بالانتماء إلى الأصل الليبي، ما أسفر عن رصد 291 رقماً وطنياً غير قانوني تم شطبه.
إلى جانب ذلك، باشرت النيابة العامة تحريك دعاوى جنائية في 3,130 واقعة تزوير، تتعلق بوثائق اكتتاب وإقامة، وانتقال في السجل المدني، وأحالت 68 متهماً إلى القضاء، جميعهم قيد الحبس الاحتياطي، بينهم موظفون عموميون ومستفيدون من التزوير. وأكدت النيابة العامة أن هذه الإجراءات تأتي في إطار خطة وطنية لإرساء سيادة القانون، وحماية الوثائق السيادية من العبث، ومحاسبة المتورطين في الاعتداء على المال العام. وحتى اليوم، أنجزت النيابة 246 قضية موزعة على مختلف دوائر المحامين العامين في ليبيا، في وقت تستمر فيه التحقيقات في قضايا مماثلة تعتبرها السلطات “أولوية وطنية” ضمن مساعي إصلاح الجهاز الإداري للدولة
وفي وقت سابق، كشف تحقيق صحافي استقصائي لـ”العربي الجديد” بعنوان “كتيب العائلة الليبية… تلاعب موسع بالتركيبة السكانية للبلاد”، عن وجود عمليات تلاعب ممنهجة في منظومة الأحوال المدنية في ليبيا، شملت إصدار آلاف “كتيّبات عائلة” مزورة ومنح الجنسية الليبية لمواطنين غير مستوفين للشروط القانونية، فيما اعتبره مسؤولون سابقون تهديداً مباشراً للهوية الوطنية والتركيبة السكانية في البلاد.
وبحسب المسؤولين، فقد استُغل غياب المنظومة الرقمية خلال حكم القذافي، ومنح التجنيس لأسباب سياسية، ما تسبب في تضخم سكاني غير دقيق، تجاوز 7.7 ملايين نسمة بحسب مصرف ليبيا المركزي، في حين تشير التقديرات الواقعية إلى نحو 6.5 ملايين فقط.