العربي الجديد-
مثّل اعتقال عبد الرؤوف الكابو، أحد أبرز تجار المخدرات المطلوبين للعدالة، في منطقة زوارة الليبية المحاذية للحدود مع تونس، مؤخراً، خطوة في طريق تطويق ظاهرة الاتجار بالمخدرات التي تفشت في السنوات الماضية بسبب الانفلات الأمني، والنفوذ المتنامي للمجموعات المسلحة. وكان لافتاً إطلاق الإنجاز الأمني جدلاً بين أنصاره التابعين لمجموعته المسلحة في مدينة الزاوية التي يتحدر منها غرب طرابلس والذين عارضوا العملية، وبين سكان المدينة الذين أشادوا بما حصل.
ويعد الكابو بين الأسماء المعروفة في عالم الجريمة والاتجار بالمخدرات في ليبيا. وأكد مكتب النائب العام في طرابلس أن عملية القبض نفذت بحسب أوامره، وشملت إرسال حكومة الوحدة الوطنية قوة عسكرية كبيرة من أجل جلب الكابو من الزاوية إلى طرابلس. وواجه أفراد هذه القوة مسلحي المجموعة التي يقودها الكابو، والذين قطعوا الطريق بين زوارة وطرابلس لمحاولة منع توقيفه، من دون أن يحققوا مرادهم في نهاية المطاف.
وتنشط عصابات عدة للجريمة المنظمة بمدينة الزاوية، بسبب ضمها أكبر مصفاة نفط في المنطقة الغربية، حيث تكثر عمليات مهربي الوقود، خصوصاً نحو تونس ومدن الجنوب ومنها إلى دول الساحل. كما تقع الزاوية على الطريق الساحلي الذي يربط بين طرابلس والحدود التونسية، الذي ينشط فيه تجار المخدرات.
وكان واضحاً أن العمليات الأمنية لم تهدف إلى اعتقال “الكابو” وحده إذ استهدفت قوات حكومة الوحدة الوطنية، بمشاركة الطيران الحربي، أوكار عصابات تهريب الوقود وتجارة المخدرات والاتجار بالبشر في مدن الزاوية وصبراتة والعجيلات وزوارة. وأثمر ذلك، بحسب مكتب النائب العام في طرابلس، توقيف 9 تجار مخدرات و65 متهماً بارتكاب انتهاكات ضد سكان في الزاوية، والذين “لم تدرج غالبيتهم ضمن قوائم المطلوبين لسنوات” بحسب ما أفاد بيان أصدره مكتب النائب العام الذي أمر الأجهزة الأمنية بمواصلة مهماتها الضرورية لتعزيز سيادة القانون، والعمل ضمن آليات تضمن تضافر سلطات إنفاذ القانون حول مكافحة الجرائم وآفة المخدرات تحديداً.
وفي مؤشر على عزم السلطات على المضي في تطويق ظاهرة الاتجار بالمخدرات، أضافت وزارتا الداخلية والعدل في حكومة الوحدة الوطنية أخيراً مجموعة عقاقير إلى جداول المواد المخدرة، تجاوباً مع التحديثات التي ينشرها مكتب الأمم المتحدة لمكافحة المخدرات والجريمة بحسب الشروط العالمية.
وعثرت أجهزة الأمن التابعة لوزارة الداخلية في حكومة الوحدة الوطنية في طرابلس على 44 كيلوغراماً من مخدر الكوكايين في مواقع بشواطئ سرت، وأكثر من 14 كيلوغراماً من المخدر نفسه على بعد 50 كيلومتراً من غربي مدينة سرت. كما ضبطت أجهزة الأمن كمية من المخدرات في منطقة جنزور غربي طرابلس مطلع يونيو الماضي.
ولم تقتصر الحملات على وسط وغرب ليبيا، إذ طاولت أماكن في الشرق، ما أسفر عن ضبط متهمين بترويج المخدرات والاتجار فيها بين مدينتي طبرق وبنغازي (شرق).
وفي فبراير الماضي، أعلنت مصلحة الجمارك ضبط 269 كيلوغراما من الكوكايين في ميناء الخمس شرقي طرابلس، ما شكل بحسب قيادة الجمارك الليبية أكبر كمية مضبوطة في شمال أفريقيا.
ويؤكد الضابط في الجهاز الحكومي لمكافحة المخدرات فرحات عبد الرزاق أن السلطات الأمنية في غربي ليبيا وشرقها تعملان، رغم الانقسام الحكومي، لملاحقة تجار المخدرات ودهم أوكارهم، مشيراً إلى أن “الظاهرة تتراجع”. ويضيف في حديثه لـ”العربي الجديد”: “يحتاج القضاء على الظاهرة إلى بذل جهود مضاعفة، لكن ما يحدث حالياً عبر المجاهرة بالأمن وإطلاق حملات ضد المتاجرين بالمخدرات يبعث رسالة تفيد بأنهم ملاحقون للقبض عليهم، ما يساهم في تراجع الظاهرة”.
ويعترف عبد الرزاق بأن “جرائم المخدرات ملف واسع وقضية كبيرة، لكن بدء تنفيذ خطوات سابقة وحالية مهم جداً لتأكيد جدية الحملة التي أطلقتها الحكومة وقسوتها بعدما ترافقت مع قصف جوي لمواقع وأوكار التجار غربي البلاد”.
ويعبر أنور البلعزي، المتحدر من مدينة الزاوية، عن ارتياحه لحملات القبض على تجار المخدرات، ويقول لــ”العربي الجديد”: “الحملة الواسعة ضد القتلة ومجرمي السرقات ومهربي المهاجرين والمخدرات ضرورية جداً بعدما تحوّلت مدن غرب البلاد الى بؤر للجريمة شجعت كثيرين من أبناء المنطقة على دخول عالم الجريمة”. ويعتبر أن “انتشار جريمة المخدرات ضاعف إلى الأضرار الصحية المشاكل الاجتماعية أيضاً بسبب امتلاك الشباب المتورطين في المتاجرة بها السلاح ما يتسبب في اندلاع اشتباكات داخل الأحياء وبين المساكن”.
وجعل الانهيار الأمني بدءاً من عام 2011 ليبيا أحد طرق تهريب الكوكايين خصوصاً من أميركا اللاتينية، بالاعتماد أيضاً على شبكة كاملة من مسؤولي الجمارك وسياسيين وعسكريين.
كذلك، تكشف تقارير أن مسار تهريب الحشيش بحراً بين ليبيا والمغرب ظل رائجاً لسنوات، حيث كانت تنقل المخدرات إلى موانئ مصراتة وطبرق، ثم تحمّل على متن سفن. واستغل المهربون وتجار المخدرات الفوضى الأمنية في ليبيا لتخزين المخدرات في مستودعات على الساحل.