حلفاء الأمس واليوم

الناس-
في عام 1510م، بدأ حصار الأسطول الإسباني لمدينة طرابلس، ونتيجة للقصف الشديد تمكَّن الإسبان من دخول المدينة واحتلوا القلعة وبعض النقاط الرئيسية في المدينة رغم الصمود الباسل الذي أبداه الطرابلسيون في المعركة.
* كتب/ محمد المهدي زعبية،
يقول المؤرخ “ابن إياس”، في كتابه “بدائع الزهور” أن الفرنجة قد ملكوا مدينة طرابلس الغرب، وهي مدينة عصية، ولولا أن الفرنج تحايلوا على أخذها لما قدروا على ذلك، وقد أحاطوا بها برا وبحرا، فوقع بين الفريقين واقعة عظيمة، وقُتل من المسلمين نحو أربعين ألف إنسان.
وبعد مواجهات دامية ضد الإسبان، قرَّر وفد من أهالي ليبيا التوجُّه إلى إسطنبول لمقابلة السلطان “سليمان القانوني” وطلب المساعدة العاجلة منه، لاقى النداء العاجل والمظالم التي حكاها أهل طرابلس للسلطان “سليمان” صداها، فأمر أحد قادته واسمه “أندروللي مراد أغا” بقيادة أسطول عسكري عثماني مُصغَّر وبعض الجنود الإنكشارية، وانتهى بهم المطاف عند “تاجوراء” وبدأت المقاومة العثمانية الليبية منذ ذلك التاريخ تؤتي نتائجها.
وبعد مده من مقاومة الغزاة أرسل مراد آغا إلى اسطنبول يحثّها على ضرورة الإسراع بإرسال الأسطول العثماني الكبير لتدمير الوجود الصليبي في ليبيا، الذي أخذ يسرف في قتل وتشريد الليبيين.
استجاب السلطان للنداء وأرسل أسطولا ضخما بقيادة سنان باشا، الذي حاصر الصليبيين بحرا وحاصرهم مراد اغا والمجاهدون الليبيون برا، ونتيجة للحصار الخانق بدأت المفاوضات التي انتهت باستسلام الصليبيين ورحيلهم عن كامل الاراضي الليبية.
ومنذ ذلك التاريخ بقيت طرابلس تحت الراية العثمانية حتى الاحتلال الإيطالي في عام 1911م.
ويؤكد العديد من المؤرخين الأتراك أن التفوق العسكري العثماني في البحر المتوسط إنما تحقَّق آنذاك جزئيا بسبب ضم ولاية طرابلس الغرب، التي حققت أهدافا تجارية وسياسية وعسكرية كبرى لصالح العثمانيين، لا سيما في تجارة الذهب وتأمين البحر المتوسط.