
الناس-
“لم أتخيل يومًا أن خطوة صغيرة، أو بالأحرى (نصيحة)، قد تغيّر مسار حياتي بالكامل”.
بهذه الجملة بدأ حديثه، قالها وقد وجد نفسه الآن، وهو يخطو نحو التعافي الكامل بعد أن وقع في فخ الإدمان.. وها هو يسرد قصته من بدايتها:
“كنت شابًا عاديًا، حياتي كانت جميلة، هادئة، مليئة بالشغف، أهوى تربية الطيور والنحل، أمضي وقتي بين أصواتها، وبين أدوات صيانة الهواتف التي أحبها كثيرًا، كنت أقدم تدريبات لغيري وأشاركهم معرفتي، وقلبي مملوء برضا والديّ وفخرهم بي.
لكن جاءت تلك اللحظة التي لم أنسها أبدًا، حين كنت أشكو الإرهاق وضغط الشغل، فاقترب مني أحد أقاربي، كنت أرى فيه أخًا كبيرًا. قال لي: “خذ هذه الحبة، وكانت “الترامادول” حتخليك تنسى التعب كله”.
صدّقته للأسف، ومع أول حبة، بدأت حكاية السقوط، كنت أظن، ككثير من الشباب، أن الترامادول مجرد منشط، وسيلة للتركيز والتحمل، لم أكن أعرف أنه بوابة لمستنقع مظلم.
بدأت تجربتي ومعاناتي مع تعاطيه في العام 2016، حين كان عمري لا يتجاوز 22 سنة، مرّت ثلاث سنوات، وتحول جسدي وروحي إلى ساحة صراع، حاولت التوقف، وانقطعت لفترة، ثم عدت، لكن هذه المرة دخلت حبوب Lyrica على الخط، وعندما شعرت أني أغرق، جاءني “نفس القريب” وقال لي: “جرب الحشيش، يساعدك في التخلص من الترامادول”.
تخيلوا! من دواء إلى دواء، ومن وهم إلى وهم، حتى أصبحت لا أرى في نفسي شيئًا من ذاك الشاب الذي كنت، بدأت أحنّ لحياتي الأولى: لما كنت نظيفًا، محترمًا، محبوبًا، والمال لا يفارق جيبي، وعلاقتي مع أهلي ممتازة.
لكن كيف قررت خوض تجربة العلاج والتعافي؟ كنت في تنافر مع الجميع، منزعج من كل شيء، لا أطيق حتى نفسي، وذات يوم، وبينما كنت أتصفح فيسبوك، ظهر لي فيديو في صفحة المركز الوطني لعلاج وتأهيل المدمنين شاهدت حالات تعافت، ووجوها تغيرت، وناس رجعت تعيش. قلت في نفسي: “شن المشكلة؟ خلي نجرب؟” لم يكن هناك من ضغط عليّ، أنا ضحية التعاطي وأنا من قررت خوض رحلة التعافي.
توكلت على الله، وقلت: “لازم ننظف، ونرجع نعيش”، طرقت باب المركز فوجدت تشجيعاً، لم يكن تركيزي في بلوغ التعافي، فحسب، بل عرضت عليهم تقديم تدريبات في صيانة الهواتف لزملائي، لأني مؤمن أن كل واحد فينا يستحق فرصة ثانية، يستحق شغل نظيف، يستحق حياة كريمة.
نصيحتي لكل أسرة: لا تثقوا ثقة عمياء في القريب، لمجرد أنه من العائلة، أنا ضحية “قريب” كنت أظنه أخي، راقبوا أبناءكم، انتبهوا لمن يخالطون، فحبة واحدة… قد تغيّر حياة كاملة.