نوفا-
أثار التعيين التاريخي لأول امرأة على رأس بلدية في ليبيا جدلاً ساخنًا في الدولة الواقعة في شمال إفريقيا. تسوية الزائرة الفيتوري قدومي بصفتها عمدة مدينة زلطن، الواقعة على بعد 160 كيلومترًا جنوب غرب طرابلس، كانت في الواقع تعارض ذلك على أساس أنه “لا ينبغي للمرأة أن تستقبل ضيوفًا بدلاً من الرجال”، كما أعلن العمدة المنتهية ولايته على فيسبوك عمر الصغير.
وقد أثار هذا غضباً واسع النطاق على وسائل التواصل الاجتماعي الليبية، حيث يفسر الكثيرون هذه المعارضة على أنها اعتداء على حقوق المرأة وعائق أمام التقدم الديمقراطي والمؤسساتي. تم الاتصال به بواسطة “وكالة نوفا” ونفى الصغير رفض التسليم، موضحًا أنه أعرب فقط عن رغبته في أن يحل رجل محله، وهو الموقف الذي قال إنه سيدعمه “العديد من سكان زلطن”. لكن العمدة المنتهية ولايته قال إنه سيحترم في نهاية المطاف الإجراءات الرسمية، ويسلم المهمة إلى المجلس المنتخب كما هو مخطط له.
وستكون الفيتوري، الناشطة التي عينها أعضاء المجلس البلدي المنتخب في الانتخابات المحلية الأخيرة في نوفمبر، أول امرأة تتولى هذا المنصب في تاريخ ليبيا الحديث. وهي معروفة في مجتمعها كناشطة مدنية، وقد حصلت العام الماضي على جائزة “المرأة الملهمة” من وزارة شؤون المرأة في حكومة الوحدة الوطنية الليبية. وقالت الفيتوري لـ”وكالة نوفا”: “لم تتم دعوتنا بعد لأداء القسم، مثل البلديات المنتخبة الأخرى. عندما نؤدي اليمين سنبدأ بإجراءات التسليم رغم التصريحات المشينة لرئيس البلدية المنتهية ولايته”.
تكشف معارضة تنصيب عمدة زلطن الجديد عن التقاليد الاجتماعية العميقة الجذور لهذا المجتمع، والتي ترتكز بقوة على التقاليد التي تسند الأدوار الإدارية للرجال حصريًا. وفي سياق التأثر العميق بالتقاليد البدوية لمدينة زلطن، أثار انتخاب عمدة زلطن ردود فعل قوية. تم إغلاق مقر مجلس المدينة مؤقتًا، وتم تنظيم التعبئة ضد دور المرأة في السياسة في المساجد المحلية، وهي علامة على المقاومة الثقافية لانهيار الأنماط المعتادة للسلطة. وبحسب المعلومات التي حصلت عليها “وكالة نوفا”، في الواقع لا يوجد أي اعتراض من رجال الدين الليبيين على مشاركة المرأة في أي مجال في ليبيا. وأعرب المفتي الصادق الغرياني نفسه عن انفتاحه على تعيين النساء في المناصب العليا، طالما أن هذه الأدوار تحترم قيم الشريعة. تضاف إلى هذه العوامل الديناميكية القبلية: فالرئيس الجديد يأتي من قبيلة الفواتير، وهي واحدة من أقوى القبائل في المنطقة.
وعلقت وزيرة الدولة لشؤون المرأة بالسلطة التنفيذية ومقرها طرابلس، حورية الطرمال لـ”وكالة نوفا”: “إن هذه التصرفات غير المقبولة لا تمثل انتهاكا لحقوق المرأة فحسب، بل تعيق أيضا المسار الديمقراطي والمؤسساتي الذي تسعى حكومة الوحدة الوطنية إلى إرسائه”، مؤكدة أنها تتابع بقلق بالغ “محاولات عرقلة زائرة الفيتوري عن ممارسة واجباتها الوطنية تجاه مواطني زلطن”. وأدان عضو الحكومة الليبية برئاسة رئيس الوزراء عبد الحميد الدبيبة بشدة “كل أشكال الاعتداء أو التشهير أو العرقلة” ضد أي امرأة تتولى منصبا عاما، مستنكرا “الانتهاك للقيم والمبادئ الوطنية التي تقوم عليها الدولة الليبية”.
ليس هذا فقط. قالت الطرمال إن تعيين الفيتوري “هو انعكاس لثقة أهلها في قدرتها على تحمل المسؤوليات وإدارة الشأن العام، وبالتالي فإن أي محاولة للمساس بها أو بعملها لا تعتبر إهانة لشخصها فحسب، بل إهانة لمجلس المدينة وحق المرأة الليبية في المشاركة الفعالة في الحياة العامة”. وأضافت أن الدولة الليبية “لن تتردد في التصدي لهذه التصرفات”، آملا تدخل الجهات المختصة ضد الصفحات والمواقع “التي تحرض ضد المرأة” و”كل من يتورط في هذه التصرفات التي تهدد السلم الاجتماعي وتخالف القوانين الليبية”.
وتأتي هذه القضية في أعقاب الجدل الأخير بشأن إنشاء شرطة الآداب المزعومة في ليبيا الذي اقترحه وزير الداخلية عماد الطرابلسي. وأثارت هذه المبادرة احتجاجات منظمة العفو الدولية التي تحدثت عن “اعتداء على النساء” و”تهديدات لحقوق الإنسان بحجة الأخلاق”. ومع ذلك، فقد أكدت الوزيرة الطرمال لـ”وكالة نوفا” أنه لا يوجد في ليبيا قانون حكومي يلزم المرأة بارتداء الحجابK كما أبدى رئيس الوزراء الدبيبة رأيه في الموضوع، مشددا على أن الطرابلسي عبر عن آراء شخصية و”بدوية”، متناسيا دوره كوزير، دون أن يغفل انتقاد المنظمات غير الحكومية التي “تتدخل في شؤون ليبيا الداخلية بدلا من الحديث عن مأساة غزة.”