اخبارالاولىالرئيسية

جبل العوينات، معركة على خطوط الإمداد الإقليمية

الناس-

في شهر يونيو الماضي اندلعت اشتباكات عنيفة في منطقة جبل العوينات الحدودية بين ليبيا والسودان ومصر. وتصاعدت عقبها الاتهامات من السودان لكتيبة/ميليشيا “سبل السلام” الموالية لحفتر بدعم قوات الدعم السريع المتمردة.

تطورات الموقف تناقلها الوكالات الدولية، والتي انتهت (وقتها) بانسحاب الجيش السوداني من المنطقة الحدودية لصالح سيطرة الدعم السريع (احميدتي).

في أغسطس الماضي نشرت (بي بي سي) فيلما وثائقيا لمركز بحثي بريطاني أكدت فيه انطلاق الدعم السريع من معسكرات له داخل ليبيا لتنفيذ هجمات داخل السودان، وقد استعرضته صحيفة الناس على موقعها الإلكتروني يوم (27 أغسطس 2025م).

من جانبه أعلن المركز الليبي للدراسات الأمنية والاستراتيجية في ورقة له نشرها مؤخرا أن ما أسماها “معركة جبل العوينات لم تكن حدثا معزولا، بل بداية لمرحلة جديدة في الصراع”.

الورقة التي نشرها المركز الليبي في مطلع أكتوبر الجاري رصدت التسلسل الزمني لتطور الأحداث منذ يونيو الماضي كالتالي:

في 10- 11 يونيو، حدث اشتباك مباشر بين القوة المشتركة وهي قوة سودانية متحالفة مع الجيش السوداني وبين كتيبة سبل السلام المتوغلة داخل السودان لتأمين ممر لوجستي يدعم حليفها “الدعم السريع”.

تلا هذه الاشتباكات بيانات الجيش السوداني التي تدين حفتر، في حين تنصل حفتر ببيان هو الآخر، وأعلنت الدعم السريع عن سيطرتها على المنطقة.

في يوليو وأغسطس، تجددت الغارات الجوية من الجيش السوداني على مواقع الدعم السريع في العوينات.

وفي نهاية أغسطس أعلنت القوات المسلحة السودانية في بيان عن إحباطها لعملية تهريب أسلحة كبرى عبر الحدود الليبية.

وفي سبتمبر تحركت القوات المصرية مجددا قرب حدودها في منطقة العوينات.

 

وفي هذا الصدد يقرر المركز الليبي للدراسات أن “اندلاع الاشتباكات في منطقة جبل العوينات الحدودية لم تكن مجرد صدام عابر، بل صدام استراتيجي بين وكلاء الحرب السودانية، كشف عن عمق التورط الإقليمي”.

يوضح المركز أن الرواية التي ركزت على أن الاشتباك بين الدعم السريع وسبل السلام، ليست دقيقة، لأن التطورات اللاحقة أثبتت وجود معركة إقليمية أكبر، وفقا لما جاء بعدها:

“لم تنته المعركة بسيطرة قوات الدعم السريع، لكن حدث تكثيف للغارات الجوية التي نفذها الجيش السوداني، كما نفذت عمليات استخباراتية ناجحة في أواخر أغسطس، لتفكيك شبكة تهريب كبرى كانت تنشط عبر الحدود الليبية، وضبطت شاحنات أسلحة نوعية ومركبات دفع رباعي كانت في طريقها لقوات الدعم السريع”.

كما رصدت تقارير استخباراتية دولية تحركات للجيش المصري على الحدود، فسرت بأنها رسالة لمنع امتداد الفوضى إلى أراضيه.

وعلى الجانب الليبي “تغيرت قيادة سبل السلام، لتجنب الأخطاء الميدانية التي أدت لكشف دورها بشكل فاضح”- وفق المركز.

ويخلص المركز إلى أن مرحلة جديدة من الصراع ابتدأت بأحداث يونيو، أهم معالمها:

“حرب الاستنزاف عن بعد للجيش السوداني الذي يعتمد الطيران والعمليات الاستخباراتية، لضرب خطوط الإمداد الاستراتيجية بدلا من المواجهات المباشرة في مناطق نائية”.

ومن نتائجها أن تزايد القلق الإقليمي من التحركات العسكرية المصرية مما يرفع منسوب التوتر الإقليمي”.

ومن الخلاصات التي توصل إليها المركز هي استمرار الأهمية الاستراتيجية لمنطقة جبل العوينات، معتبرا أنها لازالت شريان حياة لكسب الحرب لقوات الدعم السريع.

وانتهى إلى أن “منطقة جبل العوينات ستظل بؤرة ومفتاحا لفهم ديناميكيات الحرب السودانية وتداعياتها الإقليمية في المستقبل المنظور”.

 

يشار إلى أن الحدود الليبي السودانية تمتد لقرابة 400 كم، وتشهد نشاطا لعصابات التهريب والجريمة المنظمة، وقد سبق وأن توصلت ليبيا والسودان في 2010 إلى تشكيل قوات للسيطرة المشتركة على الحدود، لكنها غير مفعلة الآن.

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى