
الناس-
طرحت “هانا تيتيه” خارطة الطريق الجديدة للبعثة الأممية المرتكزة على ثلاثة ركائز، وفق ما جاء في إحاطتها لمجلس الأمن.
وقد افتتحت “تيتيه” إحاطتها يوم الخميس (21 أغسطس 2025م) بالتركيز على نجاح الانتخابات في 26 بلدية، معتبرة إياه المؤشر على رغبة الليبيين في انتهاج طريق الانتخابات للعبور ببلادهم نحو الاستقرار. كما عرجت على فشلها/ إفشالها في بلديات أخرى، وذلك في 16 أغسطس، داعية إلى تدارك الموقف بالنسبة للبلديات التي علقت فيها الانتخابات.
واعتبرت أن مشاركة (71%) من الناخبين المسجلين مؤشرا على أن الشعب الليبي يتوق لانتخاب من يمثله.
دعوة لتقبل نتائج الاقتراع
وحرصت على إظهار جهود البعثة بتشكيلها للجنة الاستشارية، التي قدمت مقترحات لتجاوزت المختنقات القانونية التي حالت دون تنفيذ المسار الانتخابي الذي أقره ملتقى الحوار السياسي منذ 2021م.
وأشادت الإحاطة بـ”تفاني المفوضية الوطنية العليا للانتخابات، والمسؤولين على حفظ الأمن”، ودعت المترشحين لتقبل النتائج حيثما ذهبت الخيارات نحو التغيير. وتابعت: “إنه لمن المؤسف أن إجراء الانتخابات لم يكن متاحاً لجميع البلديات التي كان من المؤمل أن تشهدها. ففي وقت مبكر من صبيحة يوم الاقتراع، أوعزت الحكومة المعيّنة من مجلس النوّاب في المنطقة الشرقية بتعليق العمليات الانتخابية في 16 بلدية، بينما سُحِبَتْ المواد الانتخابية من عموم مراكز المنطقة الشرقية والجنوبية. وفي ذلك دلالة واضحة على التحدي الذي يفرضه انقسام المؤسسات، وهو يأتي عقب القرار الذي صدر في وقت سابق في يوليو بتعليق الانتخابات في 11 بلدية أخرى بما فيها بنغازي وسبها وسرت وطبرق. وهنا أحث سلطات الأمر الواقع في المنطقة الشرقية على السماح باستئناف إجراء هذه الانتخابات في أقرب فرصة ممكنة”.
استطلاع رأي شارك به أكثر من 22 ألف مواطن
وتحدثت تيتيه عن مشاورات أجرتها في عموم البلاد حول توصيات اللجنة الاستشارية التي شكلت في فبراير وقدمت تقريرها النهائي في مايو، والذي تضمن مقترحات لإجراء انتخابات وطنية وتوحيد مؤسسات الدولة. “وكان الهدف من المشاورات الاستماع إلى أكبر قدر ممكن من الأصوات الليبية للبناء عليها في إعداد خارطة طريق تكون واقعية وقابلة للتطبيق من الناحية السياسية وتستجيب لبواعث القلق التي تساور الشعب الليبي”.
وتحدثت أيضا عن طرح استطلاع عبر الانترنت لمشاركة الجمهور بآرائه حول توصيات اللجنة، شارك فيه 22,500 شخص، “42% منهم عن تفضيلهم لخيار الانتخابات الرئاسية والتشريعية المتزامنة مع إضفاء التعديلات على الإطار الانتخابي الحالي وذلك بموجب توصيات اللجنة الاستشارية، فيما يفضل 24 بالمائة خيار تشكيل مجلس تأسيسي يحل محل المؤسسات الحالية، ويؤيد 19 بالمائة اعتماد دستور دائم قبل الانتخابات فيما أيّد 12 بالمائة إجراء انتخابات تشريعية فقط”.
خارطة طريق تيتيه
وبناء عليه، اقترحت البعثة –أمام مجلس الأمن- خارطة طريق مبنية على ثلاثة ركائز أساسية:
أولا: تنفيذ إطار انتخابي سليم فنيا وقابل للتطبيق سياسيا يهدف إلى إجراء انتخابات رئاسية وتشريعية.
ثانيا: توحيد المؤسسات من خلال حكومة جديدة موحدة
ثالثا: حوار مهيكل يتيح المشاركة الواسعة لليبيين لمعالجة القضايا بالغة الأهمية التي يتعين التعامل معها من أجل إيجاد بيئة مواتية للانتخابات وصياغة رؤية مشتركة والتصدي لدوافع الصراع القائمة منذ زمن طويل مع دعم بذل الجهود على المدى القصير لتوحيد المؤسسات وتعزيز الحكم الرشيد في القطاعات الرئيسية.
خطة الزمنية من (12- 18) شهرا
وعن الخطة الزمنية قالت المبعوثة “ستنفذ هذه الخطة، التي ارتأيناها، تدريجياً وكحزمة واحدة. وينبغي التركيز على إجراء عملية متسلسلة ذات مراحل رئيسية، بحيث تُسهّل كل خطوة تنفيذ خارطة الطريق بنجاح من أجل تنظيم الانتخابات الوطنية. ولن أضع جداول زمنية افتراضية، لكنني أرى أن الإطار الزمني الإجمالي المطلوب لإتمام خارطة الطريق التي ستؤدي إلى الانتخابات الوطنية بنجاح يتراوح بين 12 و18 شهراً، وذلك يعتمد على الخطوات المتتابعة التالية:
أولاً، تعزيز قدرة المفوضية الوطنية العليا للانتخابات بإعادة تشكيل مجلس إدارتها لملء المناصب الشاغرة الحالية وضمان استقلالها المالي لتنظيم الانتخابات.
ثانيا، تعديل الأطر القانونية والدستورية لإجراء الانتخابات التشريعية والرئاسية بغية معالجة المسائل الرئيسية التي من شأنها تسهيل إجراء العمليتين الانتخابيتين ومعالجة المشاكل التي ساهمت في عدم إجراء الانتخابات عام 2021.
حكومة موحدة جديدة
بعد هاتين الخطوتين المسبقتين، واللتين يمكن الانتهاء منهما خلال الشهرين المقبلين على أقصى تقدير إذا توافرت الإرادة السياسية للقيام بذلك، ينبغي أن يكون هناك اتفاق على حكومة موحدة جديدة قادرة على تهيئة بيئة مواتية لإجراء انتخابات ذات مصداقية مع إدارة مهام الحكم الرئيسية بفعالية.
سيصاحب ذلك تنفيذ إجراءات حاسمة لدعم الجاهزية التشغيلية للمفوضية الوطنية العليا للانتخابات ومعالجة القضايا الرئيسية المتعلقة بالأمن والحكم الرشيد والإدارة الاقتصادية والمصالحة لتسهيل إجراء الانتخابات، وسيتيح ذلك متابعة التقدم الذي تحرزه الأطراف والمؤسسات، بما في ذلك المفوضية والمؤسسات الأمنية.
إشراك المجتمع المدني في “حوار مهيكل”
وأوضحت البعثة أنها ستعمل على إشراك المجتمع المدني والأوساط الأكاديمية والمكونات الثقافية والنساء والشباب والأشخاص ذوي الإعاقة في “الحوار المهيكل”، ولن يقتصر على إشراك الجهات السياسي والأمنية. بهدف إرساء رؤية وطنية تشكل مسارا نحو استقرار طويل الأمد.
وعلاوة على ذلك –تقول البعثة- ستدمج ضمانات في خارطة الطريق بحيث يمكن البحث عن بدائل في حال عملت الأطراف على تأخير إحراز تقدم.
تعديلات محدودة لكن جوهرية
وتبنت البعثة تقييم اللجنة الاستشارية بوجوب إجراء تعديلات “محدودة لكن جوهرية” على الإطار الانتخابي والدستوري، ومن سيجري هذه التعديلات هو مجلس النواب بالتشاور مع مجلس الدولة، وفقا لخرجات الاتفاق السياسي.
المعاش اليومي والقضايا الإنسانية
تطرقت إحاطة تيتيه للوضع الاقتصادي “المتردي” مشيدة بخطوات مصرف ليبيا المركزي ووزارة المالية في الأتمتة الأولية لمدفوعات رواتب القطاع العام في المناطق الخاضعة لسلطة حكومة الوحدة الوطنية وإنشاء منصة شفافة لحجز العملة الأجنبية وترخيص شركات صرافة رسمية.
وحذرت من استمرار عمليات الإنفاق الموازي، ومن الفساد المستشري.
كما تطرقت للوضع الأمني في البلاد، واصفة إياه بالمتقلب، وبأنه مبعث قلق بالغ في العاصمة طرابلس. خاصة عند حديثها عن الصدام بين الحكومة وقوة الردع.
وأشارت إلى توثيق (20) حالة وفاة أثناء الاحتجاز بين مارس 2024، وأغسطس 2025م.
كما أثارت قضية المهاجرين واللاجئين إذ “مما يثير الفزع الإعادة القسرية للمهاجرين إلى مناطق النزاع، بما في ذلك السودان. ففي الكفرة، يتجاوز عدد اللاجئين السودانيين عدد سكانها والظروف هناك مزرية”.
الاستمرار مع الفاعلين ومعاقبة المعرقلين
وتعليقا على دعوة العديد من الليبيين إلى تجاوز الأجسام القائمة (كأحد الخيارات التي طرحتها اللجنة الاستشارية)، رأت البعثة أن العمل مع المؤسسات القائمة هو أسرع طريق ممكن لإجراء الانتخابات.
واعترفت البعثة بوجود تحديات أمامها لتنفيذ خارطة الطريق، طالبة الدعم المطلق من مجلس الأمن والأطراف الفاعلة الخارجية الرئيسية الأخرى، لاحتواء المعرقلين. ومعاقبتهم إن لزم الأمر.