الرئيسيةالرايثقافة

ثقافة الاستهلاك في ليبيا: ما بين ضحايا التسويق والاستيراد العشوائي

* كتب/ عمران اشتيوي،

لم يعد المشهد جديدًا: علب ملونة، شعارات أجنبية براقة، عروض “تخفيضات” لا تنتهي، وأسواقٌ ممتلئة بالبضائع التي لا نحتاجها حقًا، لكنها تغوينا كل يوم.

في ليبيا، تحوّلت ثقافة الاستهلاك من تلبية ضرورات الحياة إلى مطاردة ما يُروَّج لنا، لا ما نحتاجه فعلاً.

في زحمة الاستيراد العشوائي، كوننا شعب مستهلك ولا ينتج شيئا أصلا، تضيع الهوية الاقتصادية، وتضيع معها أولويات المواطن. من أين تأتي كل هذه المنتجات؟ ومن قرر أن الليبي بحاجة إلى 10 أنواع من الشامبو و20 نكهة من رقائق البطاطس؟ الأدهى، أن الكثير من هذه السلع يُستورد بلا رقابة حقيقية على الجودة أو الحاجة، في حين تُهمَّش الصناعات المحلية مع ندرتها، وتُخنق فرص الإنتاج الوطني في مهدها.

الأمر لا يقتصر على السلع فقط، بل حتى أسلوب الحياة بات معروضًا للبيع: الماركات، الهواتف، أنماط الديكور، وحتى ما نأكله أصبح مرتبطًا بما يُعرض في “الستوري” أو “الريلز”. وهكذا، نستهلك لنشعر بأننا “مواكِبون”، بينما تتآكل مدخرات الأسر، وتزداد التبعية للخارج.

هل المشكلة في المستهلك أم في السوق؟ في الحقيقة، كلاهما. لكن التسويق الذكي والعشوائية في الاستيراد يجعلان المواطن الحلقة الأضعف.

ما نحتاجه اليوم ليس مجرد دعوات للترشيد، بل سياسات اقتصادية تحترم عقل المواطن وتمنحه خيارات واقعية، لا مجرد إغراءات مؤقتة. نحتاج إلى ثقافة إنتاج قبل استهلاك، وإلى وعي جماعي يسأل: هل أحتاج هذا الشيء حقًا؟ أم أنني ضحية إعلان ذكي؟

ربما حان الوقت لنفتح عيوننا لا على ما يُعرَض علينا، بل على ما نحتاجه فعلاً.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى