
وال-
قالت الممثلة الخاصة للأمين العام للأمم المتحدة “هانا تيتيه” إن اللجنة الاستشارية أوصت في تقريرها المقدم إلى البعثة بضرورة تشكيل حكومة موحدة قبل الانتخابات، وأن هذا الموضوع كان حاضراً في جميع المشاورات العامة للبعثة، ونعتقد أن وجود حكومة موحدة أمر مهم، وكيفية تشكيل هذه الحكومة ستكون جزءاً من التفاوض حول خارطة الطريق، وأن ما سنخلص إليه سيستند إلى آراء الجمهور من خلال الاستطلاع وإلى نتائج المشاورات الأخرى”.
جاء ذلك خلال مشاركتها في حوار مفتوح عبر تطبيق “زوم” مع 239 مشاركة ومشاركاً ليبياً، وهو الثاني لها خلال الشهر الماضي تناول قضايا متعددة من بينها الخيارات المطروحة لإجراء الانتخابات، وآليات المساءلة المحتملة للمعرقلين، فضلاً عن سبل تعزيز مشاركة النساء والشباب والأشخاص ذوي الإعاقة في العملية السياسية.
وأشارت البعثة إلى أنها أجرت مند شهر مايو الماضي، مشاورات مباشرة مع نحو 1000 شخص في مختلف أنحاء البلاد، و1250 آخرين عبر الإنترنت، بما في ذلك لقاءات مركزة مع قادة مجتمعيين، ونساء وشباب ونقابيين، ومكونات ثقافية وأشخاص من ذوي الإعاقة، مبينة أنه حتى التاسع من الشهر الجاري “أغسطس”، تتيح البعثة للجمهور المشاركة في استطلاع للرأي حول المقترحات التي قدمتها اللجنة الاستشارية، وهي هيئة مكونة من خبراء ليبيين في المجالات القانونية والدستورية والسياسية شكّلتها البعثة لتقديم المشورة بشأن أفضل السبل لتجاوز الجمود السياسي وتوحيد مؤسسات الدولة.
وقالت الممثلة الخاصة: خلال حوارية الجمعة (01 أغسطس 2025م) إن “لكل فرد دور في إنجاح أي عملية سياسية”، داعية الليبيين إلى المشاركة في الاستطلاع الإلكتروني، والعمل مع البعثة بعد الإعلان عن خارطة الطريق على مساءلة قادتهم بشأن تنفيذها. وأضافت: “لقد طال أمد هذه الأوضاع، وتغييرها يتطلب جهداً جماعياً، فالديمقراطية والشمولية ليستا حدثاً عابراً، بل هما عمليتان تتشكلان مع مرور الوقت”.
وحسب البعثة فقد أعرب بعض المشاركين خلال الاجتماع عبر تطبيق “زوم”، عن قلقهم من أن العديد من المسارات المؤدية إلى الانتخابات قد جُرّبت من قبل دون نجاح، معتبرين أن السبيل الوحيد للمضي قدماً يتمثل في إنشاء جمعية تأسيسية عبر منتدى حوار وطني لتعيين حكومة جديدة، تشرف على الانتخابات. فيما أيد آخرون تنظيم انتخابات رئاسية وتشريعية متزامنة، واعتماد نهج “الدستور أولاً”.
ونقلت عن إحدى المشاركات قولها “ليست لدينا ثقة في الأجسام القائمة حالياً، ويجب إزالتها حتى تنجح أي خارطة طريق. فهي من يطيل أمد الأزمة ويخلق المشكلات”.
وقال مشارك آخر: “القوة الفعلية ليست بيد الأجسام السياسية، بل بيد الجماعات المسلحة. كيف يمكن أن نحقق الديمقراطية في ظل وجود هذه القوى على الأرض؟” وشارك آخرون مخاوفها، مشيرين إلى أن الوضع الأمني غير ملائم لإجراء الانتخابات.
وحول اسئلة عدد من المشاركين للبعثة عن “هل ستشكل العقوبات رادعاً للمعرقلين؟”، أشارت الممثلة الخاصة إلى أن اللجنة الاستشارية أوصت في تقريرها المقدم إلى البعثة بضرورة تشكيل حكومة موحدة قبل الانتخابات، وأن هذا الموضوع كان حاضراً في جميع المشاورات العامة للبعثة. وقالت: “نعتقد أن وجود حكومة موحدة أمر مهم، وكيفية تشكيل هذه الحكومة ستكون جزءاً من التفاوض حول خارطة الطريق. وما سنخلص إليه سيستند إلى آراء الجمهور من خلال الاستطلاع وإلى نتائج المشاورات الأخرى”.
وأكدت “تيتيه”مع ذلك، أن السبيل لتغيير المؤسسات هو عبر الانتخابات، وإن الهدف هو الانتقال من المراحل “الانتقالية” إلى مرحلة “الانتخابات” التي ستفرز قيادة ذات تفويض شعبي تتحمل مسؤولية مستقبل ليبيا وتكون خاضعة لمساءلة الليبيين.
وأضافت: “في تطوير خارطة الطريق، المسألة تتعلق بكيفية الوصول إلى الانتخابات وما يجب القيام به لضمان إجرائها بأمان ، مبينة أن هناك أطراف تعتقد أن مصالحها ستتضرر بشدة إذا جرت الانتخابات، وبالتالي فإن حافزها سيكون التعطيل ، وهذا قد يعرّض العملية للخطر، ولذلك يجب أن نأخذ هذه التحديات بعين الاعتبار ونعمل على إدارتها بفعالية”.
و استعرضت الممثلة الخاصة بعض مقترحات اللجنة الاستشارية للتعامل مع العقبات التي منعت إجراء الانتخابات في السابق، بما في ذلك وضع إطار قانوني يحسم بوضوح القضايا المتعلقة بتوقيت الانتخابات ومتطلبات الترشح.
وقالت: “يتضمن الإطار القانوني أيضاً أحكاماً بشأن العقوبات، كما يتناول بعض القضايا الأمنية— ليس جميعها، إذ إن بعضها يتطلب معالجة ميدانية— لكنه يساهم في توفير الظروف اللازمة لإجراء انتخابات ناجحة”.
وأشارت البعثة إلى أن أحد المشاركين طرح سؤالاً حول ما تقوم به البعثة لتعزيز حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة، فيما تساءل آخر عن وجود ضمانات لمشاركة الشباب في العملية السياسية ، فيما أعربت إحدى النساء عن قلقها من الصعوبات التي تواجه النساء الراغبات في المشاركة السياسية، ووصفت تجربتها كمرشحة في الانتخابات البلدية بأنها كانت “مرعبة”.
وقالت: “تعرّضت لتهديدات غير مباشرة، وحملات تشويه، وسوء استخدام لصور شخصية لي على منصات التواصل الاجتماعي، بل وتهديدات مباشرة وجهاً لوجه. كما ضغطت عليّ بعض الشخصيات للانسحاب من الترشح”.
وردّت الممثلة الخاصة عليها قائلة: “أشكرك على شجاعتك وإقدامك ، وأود أن أؤكد أن ليبيا لا تحتاج إليك وحدك، بل إلى جميع النساء الليبيات للمشاركة في النقاش حول مستقبل بلدهن، والمساهمة في صنع القرار بشأن كيفية تحقيق هذا المستقبل. أحياناً يُخيّل للبعض أن أصوات النساء غير مرحّب بها، لكن مشاركة النساء ليست منافسة مع الرجال، بل هي إسهام أساسي لتطور المجتمع”.
وأضافت أن هدف البعثة لا يقتصر على دعم أصوات النساء، بل يشمل أيضاً تمثيل مصالح جميع شرائح المجتمع—بما في ذلك الأشخاص ذوي الإعاقة والشباب والمكوّنات الثقافية—في المفاوضات حول خارطة الطريق السياسية.