تقديس العيش في المستنقعات
* كتب/ يوسف أبوراوي،
مشكلة العيش في مستنقع أنه يحولك في النهاية إلى بعوضة، مهما فعلت وحاولت، فذلك هو تأثير البيئة والمحيط الذي لا فكاك منه.
ستعتاد الركود والرطوبة والأجواء الخانقة، بل سيصبح هذا الاعتياد هدفا ساميا تسعى إليه بحكم الضرورة ولقمة العيش والعادات، فحتي في المستنقعات الأعراف أمر مقدس.. أتريد أن تنفى من بحبوحة الماء الآسن إلى أطراف قصية مغطاة بالطحالب الضعيفة، أعرفك عاقلا ولا ترضى لعشيرتك بهذا العار، بل إن عارك سيلاحق ذريتك فصولا طويلة لزجة، وسيشعرون بالخجل الشديد والناس تذكر تمردك على ما وجدوا عليه الآباء والاجداد، تعقل يا رجل فأنت لا ترى النعمة التي تحوطك من كل الجهات، فأنت سليل قبيلة البعوض الغربي السيد، وذلك شرف يتمناه الكثيرون، ان مجرد ولادتك من هذه السلالة الراقية يمنحك حق الطنين متى أردت، بينما تلتزم باقي السلالات اوقاتا محددة لطنينها، تفكر في ذلك واحمد الله على ذلك، إن أبناء عمومتك يمتلكون الكلمة العليا في كل الأمور الخطيرة التي تهم المستنقع، ألا تتذكر كيف ساهم جدك في حل مشكلة ضفدع الجهة الجنوبية، ألم يضع هو تلك الخطة الرائعة للسلام بتقديم عشر بعوضات من السلالات المتدنية للضفدع كل يوم حتى ينعم البقية بطنينهم؟ ألم تذهب مرات ومرات في وفد تسليم الوجبات ورأيت ذلك بعينيك؟
قل لي بربك، لم كل هذا الجحود والعصيان؟ أتنكر أنك تنعم وأبناؤك ببساط طحلبي فاخر تعيشون عليه وتتكاثرون، هل هذا جزاء المستنقع الذي منحك كل هذا الخير، احمد الله يا رجل وانظر إلى نصف عشر المستنقع الملآن، وإياك أن تستمع لطنين الموتورين والخونة ممن يريدون هدم جنتنا، وغزونا بأفكارهم الشاذة الغريبة!