العربي الجديد-
تستعد رئاستا مجلسي النواب والدولة في ليبيا لإعلان خطة سياسية لتشكيل حكومة جديدة، بديلة من الحكومتين المتصارعتين في البلاد، فيما تتغاضى البعثة الأممية وعدد من العواصم الغربية والعربية عن الخطوة المتوقعة، في ما يشبه رفضاً ضمنياً لها.
ووفقاً لمصادر ليبية مقرّبة من رئاستي مجلس النواب والمجلس الأعلى للدولة لـ”العربي الجديد”، فإن رئيسي المجلسين، عقيلة صالح وخالد المشري، يجريان اتصالات كثيفة فيما بينهما من جهة، ومع عواصم خارجية من جهة أخرى، لمناقشة خطة تسوية سياسية جديدة تتضمن توسيع التشاور في مخرجات لجنة 6+6 المشتركة بين المجلسين، بهدف حلحلة النقاط الخلافية في القوانين الانتخابية التي توصلت إليها اللجنة.
وتطابقت روايات المصادر، التي تحدثت لـ”العربي الجديد”، حول الإطار الأساسي لخطة صالح والمشري، التي تقوم على دعوة لجنة 6+6 لاستئناف أعمالها حول القوانين الانتخابية، وربط أعمال اللجنة بتشكيل حكومة بديلة لحكومة الوحدة الوطنية في طرابلس، والحكومة المكلفة من مجلس النواب في بنغازي، شرط أن تكون الحكومة محايدة.
الحكومة المحايدة خطوة بناء الثقة في ليبيا
وقال أحد المصادر، وهو مسؤول مقرّب من رئاسة مجلس الدولة، إن الخطة تشدد على أن “استمرار وجود انقسام حكومي يعزز استمرار الخلافات، ووجود حكومة موحدة محايدة ومحددة الصلاحيات خطوة في طريق بناء الثقة”.
وأوضح المصدر الذي فضّل عدم ذكر اسمه، أن صالح والمشري يحاولان تعزيز فكرة مفادها أن صلاحيات إشراف الحكومة على الانتخابات تدخل ضمن عملية التوافق على الإطار القانوني للانتخابات، إضافة إلى إمكانية أن تلعب الحكومة دوراً في تسهيل عملية التفاوض حول القوانين الانتخابية، إلا أنه استدرك قائلاً: “الفكرة لم تلقَ ترحيباً من أكثر المسؤولين، بخاصة العواصم الغربية التي تغاضى مسؤولوها عن التفاعل معها”.
وعن إعلان المشري، في تصريحات إعلامية ليل الأحد (02 يوليو 2023م)، عن عزم مجلسي النواب والدولة على إصدار خريطة طريق لإجراء الانتخابات الأسبوع المقبل، علّق ذات المصدر، قائلاً: “كلام المشري يأتي في هذا السياق، لكن عقيلة صالح لا يبدو أنه جاهز لإعلان ما صرّح به المشري حتى الآن بسبب وجود ممانعة مصرية واضحة”، معتبراً أن خطة المشري وصالح تهدف “في الأساس لزرع المزيد من التعقيدات أمام الانتخابات، وتصعيد الموقف خصوصاً مع حكومة الدبيبة في طرابلس”.
ولم يوضح المشري، خلال ذات التصريحات الإعلامية، تفاصيل خريطة الطريق التي قال إن المجلسين يستعدان لإصدارها، إلا أنه أشار إلى ضرورة تشكيل حكومة جديدة، وتعيين رئيس جديد للمفوضية العليا للانتخابات.
شعارات تختبئ وراءها مصالح
ويعلق الناشط السياسي أشرف النيهوم على هذه الكواليس بالقول إن “الاستحقاقات تداخلت بسبب مصالح القادة والمتنفذين في مفاصل الحكم، فمطلب توحيد أو تغيير الحكومات استحقاق ضروري لن تجري الانتخابات إلا به، لكن ما يحدث أن تلك الاستحقاقات أصبحت شعارات تختبئ وراءها المصالح الخاصة في خضم الصراعات، فتلتقي مصالح عقيلة صالح والمشري حيناً، وتفترق حيناً آخر”.
وأضاف النيهوم في حديثه لـ”العربي الجديد” بالقول: “منذ مدة طالب المشري وصالح بحكومة بديلة وكان شعارهما إنهاء الانقسام الحكومي، والآن شعارهما حكومة تشرف على الانتخابات، وفي سبيل فرض هذا الهدف ضغطا على لجنة 6+6 ليكون بنداً في القوانين الانتخابية، بمعنى شرط من شروط إجراء الانتخابات”، معتبراً أن مساعي المشري وصالح الجديدة تؤشر على خطوة أخرى لفرض مطلب تغيير الحكومة مرة أخرى.
وفيما أبدى رئيس حكومة الوحدة الوطنية، عبد الحميد الدبيبة، في عدة مناسبات، رفضه تسليم السلطة إلا لجهة منتخبة، أبدى نائب رئيس الحكومة المكلفة من مجلس النواب، سالم الزادمة، استعداد حكومته لتسليم السلطة “فور الاتفاق وإعلانها، سواء من مجلسَي النواب والدولة، أو من خلال عملية سياسية ترعاها الأمم المتحدة”، حسب تصريحات صحافية له السبت الماضي.
ومنتصف يونيو المنصرم، كشف صالح عن وجود مداولات لتشكيل حكومة جديدة بـ 15 وزيراً، تكون مهمتها الإشراف على الانتخابات فقط ضمن مدة زمنية محددة.
ويرى النيهوم أنه “إذا نجح مجلسا الدولة والنواب في فرض خطتهم، فإنهما سيتمكنان من إقصاء خصم عنيد كالدبيبة والسيطرة على موارد الدولة”.