اخبارالرئيسيةعيون

تصاعد القبض على المطلوبين جنائياً في ليبيا

العربي الجديد-

أظهرت بيانات رسمية حديثة في ليبيا، تصاعد وتيرة التحركات الأمنية لتشمل المتورّطين في جرائم قديمة ظلت عالقة منذ سنوات، في محاولة لإظهار زخم هذه العمليات للرأي العام المحلي والدولي. وفي أغسطس الماضي، كشف جهاز المباحث العامة عن إحصائيات القبض التي قام بها في مختلف المدن الليبية، موضحاً أنه جرى القبض على 36 مطلوباً في قضايا جنائية متنوعة خلال شهر أغسطس، وتوقيف 15 مطلوباً خلال يوليو، والعدد نفسه خلال يونيو، أما في شهر مايو، فجرى إيقاف 33 مطلوباً، و38 مطلوباً في إبريل الماضي.

كما شهدت الأشهر الثلاثة الأولى من العام الحالي القبض على 103 مطلوبين للعدالة، ما يبرز استمرار أنشطة ملاحقة المتورطين في الجرائم منذ بداية العام. ولم يقتصر نشاط الأجهزة الأمنية على الجرائم الحديثة، بل امتد ليطاول جرائم قديمة لم يُلاحَق مرتكبوها منذ سنوات طويلة، فخلال السنوات الأخيرة، أعلنت الجهات الأمنية القبض على العديد من المطلوبين. وأعلنت مديرية أمن سبها (جنوب)، الشهر الماضي، ضبط مطلوب للنيابة العامة على ذمة قضية قتل تعود إلى عام 2011، بعد أن ظل المتهم فاراً طوال أكثر من عقد من الزمن. وفي يونيو الماضي، تمكّن قسم البحث الجنائي التابع لمديرية أمن زليتن، شرق طرابلس، من القبض على مطلوب في جريمة قتل ارتكبت عام 2014. وفي مايو الماضي، أعلن مكتب الإعلام الأمني بجهاز دعم المديريات ضبط متهم بقتل جاره في مدينة الخمس، شرق طرابلس، عام 2022، مستخدماً سلاح كلاشينكوف، قبل أن يفر إلى مدينة سبها في جنوب البلاد.

وبالتزامن مع هذا التوسع في ملاحقة الجرائم الجنائية، تتابع النيابة العامة ملف جرائم “المقابر الجماعية” في ترهونة، وهو الملف الأكثر حساسية ومتابعة من الرأي العام المحلي؛ بسبب ما شكله من انتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان. وقبل سنتين، بدأت الاعتقالات تطاول شخصيات مرتبطة مباشرة بممارسات مليشيا “الكانيات” المسؤولة عن الجرائم، واستمر الإعلان عن توقيفات خلال الفترة الأخيرة. في 31 أغسطس الماضي، أمرت النيابة العامة بحبس أحد عناصر المليشيا بتهمة المشاركة في قتل أحد المواطنين أثناء سيطرة هذه المليشيا على مدينة ترهونة، وفي 19 من ذات الشهر، أوقف جهاز الأمن أحد عناصر المليشيا على خلفية اختطاف شخص وقتله في 2020، فيما صدر في 15 أغسطس، أمر بحبس أربع شخصيات مرتبطة بـ”الكانيات” على خلفية مقتل شقيقين قبل أكثر من خمس سنوات.

وتؤشر هذه الاعتقالات إلى أن النيابة العامة ماضية في استكمال هذا الملف المعقد رغم التحديات السياسية والأمنية. ويرى الناشط الحقوقي إبراهيم الناجح، أن “ما تشهده البلاد من إعلانات متتالية حول توقيف مطلوبين يعطي انطباعاً بأنّ الدولة بدأت تتحرك لإعادة الاعتبار للقانون”، معتبراً أن هذه الخطوات “تفتح نافذة أمل للمجتمع الذي ظل يشعر طويلاً بأن الجرائم تُرتكب من دون عقاب”. ويوضح الناجح لـ”العربي الجديد” أن “عدم الاقتصار على ملاحقة الجرائم الحديثة، وشمول قضايا قديمة فقد الناس الأمل في ملاحقة أصحابها، يعزز الثقة في إمكانية استعادة دور القضاء. الرسالة الأهم موجهة إلى من يعتقد أن الإفلات من العقاب لا يزال ممكناً، وهذا أمر في غاية الأهمية، ويحذر من يفكر في الإقدام على أي انتهاك أن يد العدالة ستلاحقه عاجلاً أو آجلاً”.

ويشير الناشط الحقوقي الليبي إلى أن “انقسام المؤسّسات الأمنية بين الشرق والغرب يضعف من فعالية هذه الجهود، ويجعلها أحياناً غير مكتملة. نتحدث عن مطلوبين في جرائم المقابر الجماعية لا يزالون يلقون الحماية في مناطق سيطرة حفتر، إضافة إلى المليشيات التي لم يعد خافياً تورط قادتها في انتهاكات، ومن المفارقة أن آمر جهاز الشرطة القضائية في طرابلس، والمفترض أن يلاحق الجرائم، هو نفسه مطلوب لمحكمة الجنايات الدولية في جرائم وانتهاكات صارخة”. ويختم الناجح بالقول: “ليس للأمر علاقة بالتقليل من الجهود الأمنية الحثيثة للقبض على المطلوبين، لكن العدالة ستبقى رهن الانقسامات وميزان القوى، وأي عملية إصلاح لحقوق الانسان تتطلب شجاعة، وقبلها سلطة موحدة للقبض على كل المطلوبين، بما في ذلك الأسماء الكبيرة، أو على الأقل إعلانهم مطلوبين”.

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى