العربي الجديد-
تسود المشهد في ليبيا حالة من الترقب والحذر، خلال الساعات المتبقية قبل موعد جلسة مجلس النواب الخاصة باستجواب الحكومة في طبرق، غداً الاثنين، فيما تجرى اتصالات كثيفة في الكواليس سعياً للحد مما قد يترتب على حدة موقف الطرفين -المجلس والحكومة- اللذين عادا إلى خفض حدة الخطابات المتبادلة خلال الساعات الماضية.
وأكد المتحدث الرسمي باسم مجلس النواب، عبد الله بليحق، أن الجلسة المقررة ستعقد في موعدها، غدا الاثنين، دون أي تأخير، مشيرا إلى أن رئاسة المجلس أكدت للنواب عدم وجود أي أسباب لتأجيلها.
كذلك أكد بليحق، في تصريح لـ”العربي الجديد”، أن مكتب رئاسة المجلس لم يتلق أي رد من جانب الحكومة بشأن دعوتها للمثول أمام النواب لاستجوابها، نافياً أن تكون للمجلس أي أغراض وأهداف غير مساءلة الحكومة للتعرف إلى أسباب تقصيرها في مهامها.
وهي أسباب ذكرها رئيس المجلس عقيلة صالح في عديد التصريحات في الآونة الأخيرة، محددا إياها بما اعتبره “فشلًا للحكومة في توحيد المؤسسات، وتوفير متطلبات المواطنين من الغذاء والدواء والكهرباء، والمصالحة الوطنية، والاستعداد للانتخابات”، وفقا لأحد تصريحاته، متوعدا بسحب الثقة من الحكومة إذا لم تستجب للدعوة.
وكان رئيس الحكومة عبدالحميد الدبيبة قد أكد أنه سيكون “خارج البلاد” في اليوم الذي حدده مجلس النواب لعقد جلسة الاستجواب، مبديا استغرابه لسعي المجلس لـ”محاسبة الحكومة” قبل أن تصرف لها الميزانية العامة، تزامنا ما حضور إعلامي مكثف لعقيلة صالح على عدد من التلفزيونات كرر فيه وعيده بسحب الثقة من الحكومة.
ووسط كل ذلك، كشفت مصادر ليبية متطابقة، حكومية من طرابلس وبرلمانية من طبرق، وجود اتصالات أجرتها شخصيات، من بينهم أعضاء من ملتقى الحوار السياسي ونواب وسياسيون مقربون من الحكومة، بين الطرفين للحد مما قد يترتب من نتائج على توسع دائرة الخلافات بين الطرفين وإمكانية تصاعدها لحد المواجهة.
وفيما غلب على اتجاه تصريحات أعضاء مجلس النواب، خلال الساعات الماضية، مناقشة قضايا تتعلق بالانتخابات والملف العسكري، ذهب رئيس الحكومة عبد الحميد الدبيبة لمشاركة وزير الرياضة بحكومته في جولة تفقدية لأحد ملاعب كرة القدم في مدينة مصراته، والمرافقة الرياضية الأخرى، ومناقشة إمكانية معالجة أوضاعها دعما للقطاع الرياضي، وفقا للمكتب الإعلامي للحكومة.
وتوافقت معلومات المصادر حول انزعاج بعض سفراء الدول الغربية حيال الخلاف المتصاعد بين الطرفين، ودعوتها إلى ضرورة تسوية الخلافات بدلا من الذهاب في طريق التعقيد الذي سيزيد من احتمالات انهيار العملية الانتخابية.
وفي التفاصيل أفادت معلومات المصادر بأن الاتصالات اقترحت مشاركة عدد من وزراء الحكومة في جلسة مجلس النواب يوم الغد دون حضور الدبيبة، فيما اقترحت أخرى أن تعقد الجلسة لمناقشة ضرورة تلبية الحكومة للدعوة قبل أن تعلن رئاسة المجلس عن تعليقها لأسبوع آخر للحافظ على هيبة مجلس النواب كسلطة عليا، لكنها أشارت إلى أن كل الاتصالات لم تثمر شيئا حتى الآن.
وفيما رجحت المصادر حدوث انفراجة في الأزمة، أكدت أن صالح وحلفاءه في المجلس يعيشون إحراجا كبيرا؛ فمن ناحية لا يمكنهم التراجع عن موقفهم ومن ناحية أخرى لا يمكنهم حشد 120 صوتا لسحب الثقة من الحكومة، وهو النصاب القانوني المطلوب لإجراء كهذا، وسط انقسام واسع بين النواب حيال مطلب صالح.
وترى المصادر أن المخاطر التي قد ترتبت على إصرار رئاسة المجلس على موقفها لن تتوقف عند حد توسع الخلافات بين المجلس والحكومة؛ بل ستطاول المجلس نفسه مع وجود تحفظ لدى عدد كبير من النواب حيال تفرد عقيلة صالح بقرارات المجلس دون الرجوع لهم، ومنها القرار الأخير بشأن استدعاء الحكومة الذي اتخذه صالح بشكل منفرد قبل أن يبرره بأنه جاء بناء على مذكرة وجهها عدد من النواب.
وفيما أهمل الدبيبة التعليق على التهديد بسحب الثقة من حكومته، خلال خطابه ليل الجمعة، اتهم مجلس النوب بعرقلة حكومته “بشكل مستمر وواضح ومقصود وأسباب التعطيل كلها أسباب واهية وغير صحيحة”.
وفي ظل هذا التصعيد بين الطرفين، طالب 31 عضوا من ملتقى الحوار السياسي، في بيان مشترك، بعقد “جلسة طارئة لمعالجة الاختراقات الجسيمة في تنفيذ الخريطة”، محذرين من التطورات “الخطيرة التي تمس وحدة البلاد واستقرارها وسلمها الأهلي”.
وأوضح الأعضاء، في بيانهم الموجه للبعثة الأممية، أن من أهداف الجلسة الطارئة “الحفاظ على الاستقرار، والتمهيد الحقيقي لإجراء الانتخابات في آجالها المحددة لها للمرحلة التمهيدية”.