العربي الجديد-
يعاني القطاعان الصحي والبيئي في ليبيا من مخاطر تداعيات أزمة النفايات والمخلفات الطبية في المستشفيات والمراكز الصحية الخاصة، خصوصاً في ظل مواجهة القطاعين انهياراً كبيراً في البنى التحتية، وعدم قدرة السلطات على تزويد المراكز بمعدات حديثة للتخلص من البقايا الطبية في شكل آمن ومثالي.
ويقدّر المسؤول في الهيئة العامة للبيئة، عيسى غريبي، أن أكثر من ثلاثة ملايين طن من مختلف أنواع المخلفات والنفايات الطبية يجري التخلص منها سنوياً في مختلف المراكز الصحية بليبيا، ويشير إلى أن المخاطر تتعدى الإصابات المباشرة إلى تلك الناتجة من انتشار الروائح المنبعثة من محارق هذه البقايا.
ويتحدث غريبي لـ”العربي الجديد” عن أن مستشفيات قليلة في بعض المدن الكبرى مجهّزة بآلات حديثة للتخلص الآمن من المخلفات والنفايات الطبية، فيما تستخدم بقية المراكز الطبية آلية الحرق للتخلص منها، ويقول: “تعتمد منظمة الصحة العالمية آلية التفريم والتعقيم التي تسمح بخروج المخالفات خالية من أي سموم أو فيروسات أو بكتيريا، تمهيداً للتخلص منها كقمامة عادية، بخلاف آلية الحرق التي لا تزال تطبقها غالبية المستشفيات في البلاد”.
يتابع أن “جمع المخلفات الحادّة مثل الإبر والمشارط وزجاجات الأدوية يجري باليد، كما أن حرقها يعرّض عمال النظافة في المستشفيات لمخاطر حصول إصابات مباشرة وتأثيرات دخان الحرق والروائح، ولا يمكن تجاهل خطر السوائل المتسربة من أكياس المخلفات والنفايات خاصة تلك التي تنقل من أقسام الولادة والنساء. استمرار استخدام آلية الحرق قد لا يرتبط فقط بانخفاض التكاليف، بل أيضاً بميزة تقليص حجم النفايات إلى أقل من 5 في المائة أحياناً، لكن المشكلة الأخرى تتمثل في أن المحارق تواجه أيضاً صعوبات في الصيانة واحتمال التوقف عن العمل، ما يجعل المراكز الصحية تنفذ عملية ردم المخلفات بطريقة صحيحة وعشوائية في مناطق فضاء فتؤثر في المياه الجوفية وجودة التربة، وبالتالي البيئة عموماً
واجتمع وزير الصحة في الحكومة المكلفة من مجلس النواب عثمان عبد الجليل، مؤخراً، مع رؤساء الإدارات الطبية في الوزارة لبحث “الطرق الآمنة للتخلص من المخلفات والنفايات الطبية”. وذكر المكتب الإعلامي لوزارة الصحة، أن “عبد الجليل شدد على ضرورة تدريب العناصر الطبية على إدارة المخلفات والنفايات والتخلص منها، وأشار إلى أن الوزارة زادت فعالية قسم المخلفات والنفايات في كل المراكز الطبية التي تشرف عليها، خاصة في شرق ليبيا”.
ويعلّق أستاذ علم الأمراض فتح الله أبو عزة، بالقول لـ”العربي الجديد”: “واضح أن معالجة هذه القضية في مراحلها الأولى، بدليل أن النقاش دار حول تدريب العناصر الطبية على كيفية التخلص من المخلفات والنفايات، وربما يشير ذلك إلى أن الوزارة ستستورد آلات التفريم والتعقيم، وهذا أمر جيد، لكن قضية أخرى لا تزال مهملة وغير مضبوطة في شكل صحيح، وتشمل طريقة تعامل المراكز الخاصة مع المسألة. وحتى لو جرت معالجة المخاطر الصحية والبيئية في مستشفيات ومراكز القطاع العام، ماذا سيحصل في المراكز الخاصة التي تعج بها ليبيا، ويزداد عددها يوماً بعد يوم من دون حسيب ولا رقيب على أعمالها”.
ويتابع: “يحتاج التخلص من المخلفات والنفايات الطبية إلى تخصص دقيق، في وقت تفعل غالبية المراكز الخاصة ذلك عبر رمي البقايا في صناديق القمامة الخاصة بالمنازل والمحلات فتتعامل معها شركات النظافة الحكومية والخاصة، رغم أن هذه البقايا تحتاج إلى طرق خاصة في التعامل معها والتخلص منها”.
ويلفت أبو عزة إلى أن “مخلفات ونفايات المصحات الخاصة تذهب إلى مكبات قمامة تنتشر على تخوم المناطق والمدن، وتحترق ضمن ما يحترق من نفايات، وتنبعث منها روائح إلى الأحياء السكنية وداخل البيوت، في وقت يجب أن نفهم أن هذه البقايا تحتوي على دماء مصابين بأمراض خطيرة قد تنتقل بسهولة إلى عمال النظافة في المستشفيات، كما يمكن أن تشكل هذه البقايا مخاطر أكبر إذا ألقيت في صناديق قمامة تنتشر قرب أحياء سكنية، وهو ما تفعله مراكز خاصة”.
ويتساءل عن أسباب عدم تطبيق القرارات التي أصدرتها وزارتا البيئة والصحة وتسمح بتعاقد المراكز الخاصة والمستشفيات مع شركات متخصصة في التخلص من النفايات الطبية، “فهذا هو الحلّ الأمثل للقضاء على المخاطر”.