تحليل: ارتفاع عدد القتلى بسبب النزاعات ينذر بحقبة دموية عنيفة
الحرة-
أشار تحليل نشرته صحيفة واشنطن بوست، إلى أن ارتفاع حصيلة القتلى نتيجة النزاعات عبر مختلف النقاط العالم “ينذر بحقبة دموية جديدة”.
ولفت التحليل الذي أعده الكاتب الصحفي، أدم تايلور، إلى تقرير مؤشر السلام العالمي السنوي لمعهد الاقتصاد والسلام، والذي كشف وفاة أكثر من 238 ألف شخص جراء الصراعات في العالم، العام الماضي، وقال إن ذلك يمثل زيادة بنسبة 96 في المئة على أساس سنوي في الوفيات المرتبطة بالصراعات.
ويعكس هذا الرقم المذهل، تأثير حربين مميتتين للغاية: في إثيوبيا وأوكرانيا، على وجه الخصوص.
وقدرت الدراسة أن الغزو الروسي لأوكرانيا أدى إلى مقتل 82 ألف شخص على الأقل، في عام 2022.
ولكن تم الإبلاغ عن المزيد من الوفيات في إثيوبيا التي سجلت أكثر من 104 آلاف قتيل في الصراع بين الحكومة والقوات الإقليمية في تيغراي.
وكان وزير الخارجية الأميركي، أنتوني بلينكن، قال، في مارس الماضي بعد أيام على زيارته أديس أبابا، إن الولايات المتحدة خلصت إلى أن القوات الإثيوبية والإريترية ومتمردي جبهة تحرير شعب تيغراي ارتكبوا جرائم حرب خلال النزاع الذي استمر عامين.
وقدرت الولايات المتحدة في السابق أن حوالي 500 ألف شخص لقوا حتفهم في النزاع الذي استمر عامين، ما يجعله من بين أكثر الحروب عنفا في القرن الحادي والعشرين.
الدراسة التي أثارها التحليل، قالت إن هذا الرقم كان أسوأ عام لوفيات صراع في بلد واحد منذ الإبادة الجماعية في رواندا، في عام 1994.
يذكر أن التقرير كشف أيضا أنه كانت هناك زيادات مذهلة في الوفيات الناجمة عن الصراعات في عدد من البلدان، بما في ذلك مالي وميانمار (بورما).
ويعتبر إحصاء القتلى في أي صراع مهمة صعبة ما يجعل الأرقام غير دقيقة في الغالب.
وهناك مجموعة متنوعة من التقديرات الأخرى لأعداد القتلى في النزاعات الكبرى والتي تختلف عن تلك المتواجدة في مؤشر السلام العالمي.
ويستخدم كثيرون تعريفات ومنهجيات مختلفة، ما يؤدي غالبا إلى تقديرات أعلى أو أقل.
وأعلنت وكالة حقوق الإنسان التابعة للأمم المتحدة، في يونيو، أنها سجلت 9083 وفاة بين المدنيين في أوكرانيا منذ بدء النزاع، على سبيل المثال، لكنها أشارت إلى أن العدد الحقيقي ربما يكون أعلى بكثير مما يمكنها توثيقه بشكل كاف.
في غضون ذلك، قدر باحثون في جامعة غينت، العام الماضي، أن الحرب في تيغراي ربما أدت إلى مقتل ما يصل إلى 600 ألف شخص منذ بدئها، في عام 2020، بما في ذلك الوفيات الناجمة عن الجوع، وكذلك فقدان الوصول إلى الرعاية الصحية، بسبب الحرب.
يقوم معهد الاقتصاد والسلام ومقره سيدني بإصدار مؤشر السلام، منذ عام 2009.
وقد وجد مؤشره، الذي يصنف الدول على أساس سلامتها، مستويات متزايدة من الصراع حول العالم في 13 من الأعوام الـ 15 الماضية.
لكن العنف في العالم تصاعد، منذ العام الماضي، خصوصا بعد الغزو الروسي لأوكرانيا، المتواصل، منذ فبراير عام 2022، وهو عنف حكومة ضد أخرى يلفت التحليل.
يقول التحليل، بناء على ذلك، إن هذه الأنواع من الوفيات الناجمة عن النزاعات على مستوى الدول، ازدادت بشكل كبير في بداية العقد الأول من القرن الحادي والعشرين.
وتدخل سوريا ضمن هذه الصورة القاتمة، حيث قاتلت القوات الحكومية مجموعة متنوعة من الجماعات المسلحة، وغالبا ما وضعت المدنيين في منتصف الصراع.
وخلص التحليل إلى أن هذا الارتفاع السريع في الوفيات، في عام 2022، والمرتبط بالصراعات عبر العالم، يشير، إلى تغيير كبير في الصورة العالمية للعنف، حيث أصبح العنف أداة للدول بعدما كان وسيلة تلجأ إليها المجموعات الإرهابية.
نقاط مضيئة
رغم ذلك، يرى التحليل بأن هناك بعض النقاط المضيئة في صورة العالم، العام الماضي، إذ حققت بعض الدول، مثل ليبيا وحتى أفغانستان، تحسينات كبيرة، إذ أبلغت الأخيرة عن انخفاض بنسبة 91 في المئة في الوفيات المرتبطة بالنزاع العام الماضي.
ووفقا للدراسة، فإن بعض الدول لا تزال تنعم بالسلام على الدوام، حيث احتلت آيسلندا المركز الأول لأكثر الدول سلمًا في العالم منذ بدء المؤشر.
وخلص التحليل إلى القول إن “العدد المتزايد للقتلى بسبب النزاعات، يعد إشارة واحدة فقط على حقبة دموية جديدة”.
وارتفع عدد البلدان المشاركة في نوع من الصراع خارج حدودها من 58، في عام 2008، إلى 91، في عام 2022.
وقد عزا معهد الاقتصاد والسلام هذا جزئيا إلى تزايد المنافسة الجيوسياسية، وضرب مثلا روسيا والصين وحتى القوى الأصغر مثل تركيا والسعودية وإيران التي تسير كلها في هذا الاتجاه.