
الناس-
كشف فيلم وثائقي جديد لمركز (CIR) وهو مركز بحثي بريطاني عن موقع لمعسكر تابع لقوات الدعم السريع في ليبيا، أسهم في تأجيج الصراع في السودان.
وقد ترجم المركز الليبي للدراسات الأمنية والعسكرية التقرير من الإنجليزية للعربية، ونشره في 11 أغسطس الجاري.
ويتبع الفيلم لقطات لمعسكر في الصحراء، محللا الصور التي تظهر فيه من حيث موقعها ومن حيث مفردات الصورة ويتمكن بكثير من البحث من التوصل إلى الموقع بدقة، كما يتمكن من التعرف على بعض الوجوه التي ستظهر في المقاطع، حتى يصل أخيرا إلى قيادات عليا في قوات الدعم السريع، أحدهم شقيق “حميدتي” والرجل الثاني في الميليشيا.
يقول التقرير: “في أوائل عام 2025 ظهرت سلسلة مقاطع فيديو تظهر قوافل كبيرة من قوات الدعم السريع يقودون شاحنات عبر الصحراء ومجهزة بالأسلحة في موقع صحراوي، كشف التحقيق عنها أن تنقل عبر ليبيا وبعضها مرتبط بشكل مباشر بأعمال العنف في السودان”.
تمكن مركز (CIR) البحثي البريطاني من تحديد موقع المعسكر في الصحراء، يقول إنه “اندلعت الحرب في السودان في أبريل 2023، ما تسبب في مقتل أكثر من 150 ألف شخص، وتشريد 11 مليون”، وكان هناك اهتمام بكيفية دخول الأسلحة الأجنبية للسودان، حيث ذكرت تقارير الأمم المتحدة في يناير 2024 أن “قوات الدعم السريع اشترت سيارات من ليبيا، وتمكنت من الحصول على أسلحة عبرها”.
تحليل الصور
وبتحليل الصور التي ظهرت في المقاطع وتجميعها أمكن تحديد الموقع الجغرافي للمعسكر، وظهر أنه يقع في وسط صحراء الكفرة الليبية،
واعتبر معدو التقرير أنهم أمسكوا بطرف الخيط بتعرفهم على الموقع: “كان العثور على الموقع مجرد الخطوة الأولى، وكانت الخطوة الثانية هي إثبات علاقة المعسكر بالحرب الدائرة في السودان”.
الخطوة الثانية
ظهر المقاتلون يقودون سياراتهم عبر الصحراء الليبية، وفي المعسكر ويرتدون أزياء عسكرية متنوعة، بعضها يتطابق مع الذي يرتديه أفراد الدعم السريع، وأهم القرائن هي الموجودة على كتف قوات الدعم السريع التي ظهرت في العديد من مقاطع الفيديو.
المعدات التي ظهرت في مقاطع الفيديو كانت بالمائات، مع أرقام مرشوشة بالطلاء على الأغطية والأبواب، ومجهزة بمجموعة من الأسلحة والدروع والعديد منها يحتوي على خزانات وقود زرقاء مميزة.
بدا أن هذه المركبات تلعب دورا رئيسيا في جميع هجمات الدعم السريع في الخرطوم والفاشر وزمزم والجنينة، كما ظهر أشخاص في المقاطع وشعارات تمت مطابقتها.
أغطية ليبية
وإلى جانب المركبات والمقاتلين وجد فريق (CIR) عناصر أخرى مرئية في مقاطع الفيديو يمكن مطابقتها عبر المواقع، فلاحظ وجود بطانيات معبأة في أكياس تحمل علامة تجارية، مع وصف المحتويات، هذه البطانيات نفسها وجدها الفريق لدى متجر يعلن عن نفس البضاعة يقع في ليبيا.
تحديد هوية حمدان الكجلي،
تمكن الفريق من التوصل إلى اكتشاف آخر مهم، وهي صورة لقائد رفيع في الدعم السريع، واسمه “حمدان الكجلي”. الذي غالبا ما يرى إلى جانب “عبدالرحيم دقلو”، الرجل الثاني بعد شقيقه “محمد حمدان دقلو” زعيم الدعم السريع المعروف باسم “حميدتي”.
ووجود هذه الشخصيات في الكفرة تسمح بإنشاء صلة مباشرة بينها المعدات التي عثر عليها وبين قوات الدعم السريع- يقول الفريق.
القائد يرصد في زمزم،
تمكن فريق التحقيق من رصد “الكجلي” داخل المركبة تم تعريفها باسم (136) أثناء السيطرة العنيفة على مخيم زمزم للنازحين داخليا في أبريل 2025، -وكانت قد رصدت في معسكر الكفرة- وتم تصوير الكجلي وعبدالرحيم دقلو في تجمع لمقاتلي قوات الدعم السريع في شمال دارفور في أوائل أبريل 2025، على بعد حوالي 18 كم من مخيم زمزم.
وفي 11 أبريل –يقول التقرير- يظهر مقطع فيديو نشر على تيلغرام القائد وهو يتحدث إلى الكاميرا من مقعد الراكب في مركبة أثناء دخولها المخيم، يقول “الكجلي” للكاميرا: “نحن هنا لتحرير زمزم” ثم يتابع ليقول إن الفاشر والخرطوم وبورتسودان سيتم تحريرها بعد ذلك.
كما أظهرت مقاطع فيديو أخرى نشرت في نفس اليوم من الهجوم على زمزم حيث يقوم المقاتلون بتصوير أنفسهم وهم يطلقون النار في الشارع، وتمكن المحققون من تحديد الموقع الجغرافي للقطات باستخدام الأشجار والهياكل والمباني المرئية في الفيديو.
التسبب في مقتل (300) شخص
وذكرت وكالة رويترز نقلا عن الأمم المتحدة أن أكثر من (300) شخص قتلوا في زمزم والمناطق المحيطة بها بين (11)، (14) أبريل. وتحقق مركز (CIR) من مقاطع فيديو متعددة تظهر انتهاكات لحقوق الإنسان في أعقاب الهجوم على زمزم. الذي هو أحد الملاجئ الأخيرة لمائات الآلاف الذين أجبروا على الفرار من منازلهم بسبب القتال والهجمات المتتالية للدعم السريع. الأمر الذي وصفته الأمم المتحدة بأنه “موجة نزوح غير مسبوقة”.
وأكد التحقيق أن المعدات التي استخدمتها الدعم السريع في الهجوم العنيف على زمزم، انطلقت من معسكر يتبعها في دولة أجنبية هي “ليبيا”.
هذه الهجمات وقعت في وقت يشتد فيه الجوع في السودان، ويواجه ما يقرب من (25) مليون شخص مستويات قصوى من الجوع، وفقا لبرنامج الغذاء العالمي.
ويختتم التحقيق بعبارة: “بينما يوجد نقص في الإمدادات الغذائية والمساعدات، فإن المعدات العسكرية ليست كذلك“.