بعد عشر سنوات على الثورة التونسية “شياطين الماضي عادت للظهور”
الحرة-
تخلصت تونس من نظام زين العابدين بن علي قبل عشر سنوات دون إصلاح النظام القضائي والجهاز الأمني، فيما يبقى الاقتصاد تحت سيطرة بعض المجموعات، بحسب تقرير أعدته فرانس برس ورصدت فيه أبرز المتغيرات التي حصلت في البلاد.
وعندما غادر بن علي البلاد في 14 يناير 2011 بعد تظاهرة ضخمة طالبت بإسقاطه، لم يترك السلطة معه إلا عدد قليل من أفراد الأسرة والمستشارين المباشرين.
ورغم أن الشرطة كانت الدعامة الأساسية للنظام، تم فصل 54 مسؤولا كبيرا فقط في وزارة الداخلية عام 2011 ثم مجموعة أخرى عام 2013.
وقالت علا بن نجمة نائبة رئيس منظمة الإصلاح الجنائي والأمني إن مسؤولي وزارة الداخلية المفصولين لم يحاكموا ولم يعاقبوا، فيما تطورت حياة الآخرين المهنية.
عقب الثورة أدين بعض الأشخاص الذين مارسوا التعذيب وحل جهاز أمن الدولة الذي اعتمد التعذيب في سجون وزارة الداخلية، وأعاد دستور 2014 المشاد به دوليا تحديد دور الشرطة بوضوح في النظام الديمقراطي.
لكن سهام بنسدرين الرئيسة السابقة لهيئة الحقيقة والكرامة وهي مؤسسة أنشأت بعد الثورة للتحقيق في الجرائم التي حدثت في ظل الحكم الدكتاتوري تقول إن “شياطين من الماضي عادت للظهور”.
وأصبحت بعض نقابات الشرطة التي تشكلت بعد العام 2011 أدوات للضغط السياسي مع تدخلات قوية في بعض الأحيان في المحاكم لمنع أي ملاحقات في حق القوى الأمنية.
ورغم أن التعذيب لم يعد موجودا في النظام، لكن هذه الممارسة لا زالت موجودة، فمنذ العام 2013، أخذت المنظمة العالمية لمناهضة التعذيب على عاتقها مسؤولية الدفاع عن 500 ضحية، ودانت “الإفلات شبه الكامل من العقاب” لممارسي التعذيب.
وعندما بدأت المحاكم المتخصصة في 2018 بمحاكمات تتعلق بجرائم القتل والاغتصاب والتعذيب التي ارتكبت بين العامين 1955 و2013، عرقلت السلطات الأمنية العملية ورفض عناصر الشرطة الشهود أو المتهمون جميعهم تقريبا المثول أمام هذه المحاكم.
ويرى الخبير في الشؤون السياسية سليم خراط أن “الأمر يتطلب شجاعة سياسية تكاد تكون انتحارية” لإصلاح قطاعي الشرطة والقضاء اللذين لديهما روابط سياسية عميقة.
وداخل الجسم القضائي الذي تم استغلاله إلى حد كبير لخدمة مصالح النظام المخلوع، فصل قضاة كانوا يعملون في عهد بن علي، ولكن لم تتم محاسبة القضاة الفاسدين.
وفيما يخص الإصلاح الاقتصادي يقول خراط إن عنصرا أساسيا في المشكلة يتمثل بـ”رأسمالية المحسوبيات” التي تنتهجها الدولة و”تكتلات عائلية” تسيطر على أجزاء من الاقتصاد.
وخلال عهد بن علي كان يتم منح امتيازات الاستثمار لعائلة معينة وهي عائلة الرئيس، ولا يزال هذا الاقتصاد حكرا إلى حد بعيد على المقربين من دوائر الحكم على حساب تنمية البلاد.
ويقول لؤي الشابي رئيس منظمة “أليرت” غير الحكومية إن الدولة تفرض على شركات النقل البري أن تكون لديها إما شاحنة واحدة أو أكثر من 18 شاحنة، ما يضمن للاعبين الكبار الموجودين تشارك السوق من دون منافسة.
وهناك وكلاء حصريون لشركات السيارات، ما يضمن عائدات دسمة لمجموعة تجارية كان يملكها لوقت طويل أحد أصهرة بن علي، واشترتها لاحقا عائلة مقتدرة.
وارتفع حجم الفساد منذ سقوط بن علي، وخسرت تونس 15 مرتبة بين العامين 2010 و2017 في ترتيب منظمة “ترانسبرانسي” للشفافية.
وأبعد فرض وجود رأس مال إلزامي لا يقل عن خمسة ملايين دينار (1,8 مليون دولار) الشركات الناشئة، ونظام التراخيص هذا يرسخ المحسوبية.