
الناس-
تأهل الفيلم الليبي القصير “بطلة” إلى القائمة النهائية لجائزة أفضل فيلم وثائقي قصير ضمن جوائز الجزائر 2025، بعد منافسة قوية مع 431 فيلمًا مشاركًا من 38 دولة.
فيلم “بطلة” سيناريو وإخراج محمد مصلي، ومساعد مخرج نهلة بن صالح، مدير تصوير ومونتاج محمد القصير.
في وصف ترشح الفيلم قال مصلي: إن المشاركة في جوائز الجزائرJAZAIR Awards 2025 جاءت بشكل مستقل تمامًا، تقدّمنا بطلب الترشح رسميًا كباقي المشاركين، ضمن القائمة النهائية إنجاز لصنّاع مستقلين يعملون بلا دعم مؤسسي، وكنّا نعلم مسبقًا أن المنافسة ليست سهلة، لأن الجائزة تستقطب مشاركات من عشرات الدول”.
وعن لحظة إعلان تأهل الفيلم، عبّر مصلي عن مشاعر متداخلة امتزج فيها الفرح بالمرارة، حيث كان شعور الفريق احتفاليًا، لكنه لم يخلُ من الإحساس بمدى صعوبة المسار الذي خاضه الفيلم دون احتواء محلي “الامتنان لأن صوت البطلة وصل، والمرارة لأننا نعلم أن فيلمًا كهذا في أي مكان آخر كان سيتلقى دعماً، أو على الأقل احتواءً محليًا”.
فيلم بطلة أُنتج سنة 2024 عبر شركة “ضُوّاية”، وهي قصة “سعاد”، رياضية من ذوي الإعاقة الجسدية تقطع المسافة بين تاورغاء ومصراتة لتتدرب. يرى مصلي أن القصة لم تكن مجرّد مادة فيلمية، بل كانت تجربة إنسانية تحرّك شيئًا داخلك. كأنها تقول لك: إن كانت هذه البطلة تستطيع السير رغم الإعاقة والمسافة، فما حجّتك أنت؟ من هنا جاء القرار بأن يكون الفيلم بسيطًا، صادقًا، دون زينة بصرية مُبالغ فيها. اعتمدنا على الصورة الإنسانية والمواقف الحقيقية”
يقول مصلي إن رسالة الفيلم واضحة: الإعاقة الحقيقية ليست في الجسد، بل في النظرة المجتمعية، وفي السياسات التي لا تضع ذوي الإعاقة في أولوياتها. وقد أراد صناع الفيلم إيصال هذه الرسالة إلى الداخل والخارج، بلغة بصرية هادئة، لكن مؤثّرة. فالفيلم يطرح ثلاث قضايا تتعلق بذوي الاعاقة وتحديدًا المرأة: المعاش الأساسي، دمج ذوي الاعاقة في سوق العمل، ودعم رياضيي ذوي الاعاقة.
من حيث الإنتاج، يؤكد مصلي إلى أن الفيلم تم إنجازه بجهد ذاتي بالكامل، دون أي تمويل أو دعم من مؤسسات حكومية أو ثقافية، وهو ما يجعل ترشيحه الدولي بمثابة تتويج معنوي كبير لفريق العمل الذي آمن بقصة البطلة، وحاول قدر الإمكان إخراجها للناس بصدق واحترام.
الفيلم سبق له وأن شارك في ثماني مهرجانات، ونال جائزتين، من بينها جائزة أفضل سيناريو في مهرجان ليبيا الدولي للأفلام القصيرة 2024. كما تلقى فريق العمل مؤخرًا إخطارًا رسميًا بقبول الفيلم في مهرجان عنابة المتوسطي، وهو مهرجان تنافسي لدول البحر المتوسط، في خطوة يصفها المخرج بأنها مهمة جدًا لمسار الفيلم.
أما على صعيد المشاريع المقبلة، فإن مصلي يعمل حاليًا على فيلم وثائقي شخصي بعنوان “حدث ذات مرة في ليبيا”، والذي يصفه بأنه تجربة ذاتية تأملية تتناول واقع الصناعة البصرية من منظور مخرج مستقل، إلى جانب مشروع آخر بعنوان “كادر مختلف” يربط بين السينما والواقع الحقوقي والاجتماعي، ويعرّف الجمهور المحلي بأهمية السرد البصري في صناعة التغيير.
يختم مصلي بالتأكيد على أن السينما ليست ترفًا فنيًا فقط، بل فعل مقاومة ثقافية ومساحة لصون الذاكرة المجتمعية. مؤكدا على مواصلته العمل ولو بأبسط الإمكانات حتى الوصول إلى واقع إنتاجي ينصف القصص ويمنحها الحياة التي تستحق.