العربي الجديد-
غادر رئيس الحكومة المكلفة من مجلس النواب الليبي فتحي باشاغا برفقة عدد من أعضاء حكومته العاصمة طرابلس بعد وصولهم فجر اليوم.
وأكد المكتب الإعلامي لحكومة باشاغا في بيان خروج باشاغا طرابلس “حرصاً على أمن وسلامة المواطنين وحقناً للدماء وإيفاءً بتعهدات الحكومة التي قطعتها أمام الشعب الليبي بخصوص سلمية مباشرة عملها من العاصمة وفقاً للقانون”.
وشكرت حكومة باشاغا الأجهزة الأمنية والشرطية على التزامها بالقانون وحفاظها على أمن العاصمة وسلامة المدنيين، كما شكرت أهالي مدينة طرابلس على حفاوة الاستقبال.
ونشرت مواقع تواصل اجتماعي مقاطع فيديو تظهر لحظة خروج باشاغا من داخل مقر “كتيبة النواصي”، بطريق الشط، وسط أصوات عدد من المدنيين الذين يبدون ترحيباً بخروجه.
وساد هدوء كامل في اللحظات التي سبقت خروج باشاغا، بعد ساعتين من الاشتباكات التي دارت حول مقر “كتيبة النواصي” التابعة لوزارة داخلية حكومة الوحدة الوطنية، والتي أصدرت بياناً، فجر اليوم، ترحب فيه بدخول باشاغا إلى العاصمة، وأمنت دخوله واستضافته في مقرها.
وجرت الاشتباكات بعد محاصرة قوات تابعة لحكومة الوحدة الوطنية، وأهمها قوة جهاز دعم الاستقرار، مقر “كتيبة النواصي” بطريق الشط.
وبحسب ما أفادت به مصادر خاصة “العربي الجديد”، فإن باشاغا خرج من طرابلس عقب التراجع عن اتفاق كان قد توصل إليه مع عدد من تشكيلات طرابلس المسلحة يقضي بدعمه إثر دخوله للعاصمة، فيما تعهدت “كتيبة النواصي”، وفقاً للاتفاق، بتأمين إقامته وتسهيل تسلمه للمقار الحكومية، لا سيما مقر وزارة الخارجية الذي تقوم النواصي على تأمينه.
وأوضحت المصادر أن الهجوم المباغت لقوة دعم الاستقرار التي تعد من أكبر القوى المسلحة في العاصمة، لمقر “كتيبة النواصي”، دفع التشكيلات المسلحة الأخرى للتراجع عن وعودها لباشاغا، وهو ما اضطر الأخير لقبول وساطة من تشكيل مسلح بطرابلس يعرف باسم “اللواء 444″، ويتبع وزارة دفاع حكومة الوحدة الوطنية، لتوفير ممر آمن له لخروجه ونقله إلى مقر هذا التشكيل الواقع في منطقة قصر بن غشير، جنوب شرقي طرابلس.
وزارة دفاع حكومة الوحدة الوطنية تستنكر “محاولة التسلل” إلى طرابلس
في وقت لاحق، استنكرت وزارة دفاع حكومة الوحدة الوطنية ما وصفته بــ”محاولة التسلل” من قبل “مجموعة مسلحة خارجة عن القانون اليوم إلى داخل العاصمة طرابلس لإثارة الفوضى باستخدام السلاح”، في إشارة إلى إعلان رئيس الحكومة المكلف من مجلس النواب، فتحي باشاغا، دخوله إلى العاصمة طرابلس، بحماية “كتيبة النواصي”.
وأكدت الوزارة، عبر بيان نشرته إدارة الإعلام الحربي بالوزارة، أن الأجهزة العسكرية والأمنية تعاملت بإجراءات حازمة ومهنية لمنع هذه الفوضى وإعادة الاستقرار للعاصمة، ما أدى إلى فرار المجموعة المسلحة.
وأضافت: “تسببت هذه العملية الصبيانية المدعومة بأجندة حزبية في أضرار مادية وبشرية ما زالت أجهزة الدولة تعمل على حصرها ومعالجتها”، مؤكدة أنها ستتصدى لكل من يمس بأمن المواطنين وسلامتهم، وأنها “ستطارد كل المتورطين في هذا العمل مهما كانت صفاتهم”.
وكان باشاغا قد أعلن فجر اليوم الثلاثاء دخوله إلى عاصمة البلاد طرابلس، مشيراً إلى أنه سينظم اليوم مؤتمراً صحافياً لتوضيح الأمور، فيما اندلعت اشتباكات متقطعة في عدة أجزاء بالعاصمة.
وأكد باشاغا ذلك في كلمة متلفزة، مشيراً إلى أنه لاقى ترحيباً حاراً عند دخوله إلى المدينة، فيما تداولت وسائل إعلام محلية بياناً لعمداء بلديات العاصمة، وعدد من ممثّليها في مجلس النواب يبدون فيه ترحيبهم بباشاغا في طرابلس.
من جانبه، وجّه وزير الداخلية بحكومة باشاغا، عصام أبو زريبة، فجر اليوم، كلمة للشعب الليبي، أكد خلالها أن الحكومة “تعمل من أجل حماية أرواح وممتلكات المواطنين، وأنها ستعمل بالسلم وقوة القانون”.
ودعا الوزير جميع منتسبي الوزارة إلى القيام بواجباتهم الأمنية المنوطة بهم تجاه الوطن والمواطن، والمحافظة على ممتلكات ومقدرات الشعب الليبي، مؤكداً أن الحكومة “بصدد استلام كافة الوزارات والمؤسسات داخل العاصمة”.
كذلك طالب أبوزريبة الجهات الأمنية كافةً بتقديم يد العون للوزراء لاستلام وزاراتهم، مؤكداً أن حكومته “هي حكومة كل الليبيين بكافة أطيافهم، وأنها جاءت بتوافق ليبي – ليبي، وأنها لن تقصي أحداً أو تستبعد أحداً”، خاتماً بالقول: “ليبيا ستُبنى بالجميع”.
ولم يصدر حتى الآن أي موقف رسمي من حكومة الوحدة الوطنية أو رئيسها عبد الحميد الدبيبة، حيال دخول باشاغا وحكومته لطرابلس.
وإثر إعلان باشاغا دخوله إلى طرابلس سمعت في سماء العاصمة بعض الطلقات النارية لأسلحة خفيفة، لم يعرف مصدرها، لكنها في الغالب أُطلقت من أنصار باشاغا احتفالاً بدخوله إلى طرابلس.
وجاءت حكومة باشاغا نتيجة اتفاق لجنتين من مجلسي النواب والدولة، حيث قام مجلس النواب بعد اتفاقهما في فبراير الماضي بإقرار خريطة طريق، وتعديل الإعلان الدستوري، وتكليف باشاغا بتشكيل حكومة، الأمر الذي رفضه مجلس الدولة وحكومة الوحدة الوطنية.
وكانت حكومة باشاغا قد أدت اليمين القانونية بداية مارس الماضي أمام مجلس النواب في طبرق، وتمكنت بعد ذلك من بسط نفوذها في شرق البلاد وجنوبها.
وحاولت الحكومة دخول طرابلس بعيد تكليفها، إلا أن قوات تتبع الدبيبة حالت دون ذلك. وفي أكثر من مناسبة أكد باشاغا نيته دخول طرابلس بشكل سلمي، دون قتال وإسالة دماء.
اشتباكات متقطعة في طرابلس والمشري يدعو إلى وقفها
وكان مصدر أمني تابع لمديرية أمن العاصمة طرابلس قد قال صباح اليوم لـ”العربي الجديد” إن مجموعة مسلحة موالية لحكومة الوحدة الوطنية، تعرف باسم قوة “جهاز دعم الاستقرار”، تحاول التقدم باتجاه مقار مجموعة مسلحة أخرى، تعرف باسم “كتيبة النواصي”، بعدما أعلنت الأخيرة ترحيبها بدخول باشاغا إلى العاصمة.
وأكد المصدر الأمني أن اشتباكات متقطعة تدور في منطقتي طريق الشط وسوق الثلاثاء، بطرابلس، بالقرب من مقار “كتيبة النواصي”.
ودان رئيس المجلس الأعلى للدولة، خالد المشري، الاشتباكات في أجزاء من العاصمة طرابلس، داعياً في بيان مقتضب إلى إيقافها “فوراً”، فيما أكد أن “الحل الوحيد للانسداد السياسي هو مسار دستوري واضح تُجرى على أساسه الانتخابات”.
وتحفل منصات التواصل الاجتماعي ببيانات لعدد من بلديات العاصمة طرابلس، ومجاميعها المسلحة، للترحيب بدخول باشاغا إلى طرابلس، إلا أنه لم يصدر أي بيان رسمي بشأن ذلك حتى الآن، باستثناء بيان “كتيبة النواصي” التابعة لوزارة داخلية حكومة الوحدة الوطنية.
وفيما يبدو انشقاقاً عن حكومة الوحدة الوطنية، أعلنت “كتيبة النواصي” ترحيبها بدخول باشاغا، مشيرة إلى أنها كانت “أحد أسباب” دخول الحكومة إلى طرابلس “لما لمسته فيها من وطنية وإدارة حقيقية للتغيير”.
وقالت الكتيبة، في بيان لها: “في هذه اللحظات المفصلية والتاريخية من عُمر بلادنا، نبارك، آمراً وضباطاً ومنتسبين، دخول الحكومة الليبية برئاسة فتحي باشاغا إلى العاصمة طرابلس لمباشرة أعمالها منها رسمياً”.
ولم تعلن حكومة الوحدة الوطنية ولا حكومة باشاغا موقفهما من الاشتباكات المتقطعة الدائرة حالياً في منطقة طريق الشط، كما لم تعلن أي من المجاميع المسلحة في العاصمة موقفها منها أو مسؤوليتها عنها.
وتناقلت منصات التواصل الاجتماعي فيديوهات وصوراً تظهر أرتالاً لسيارات مسلحة موالية لحكومة باشاغا، وقادمة من منطقة الزنتان غرب العاصمة طرابلس.
وليامز والسفارة الأميركية تبديان قلقهما من الاشتباكات في طرابلس
إلى ذلك، أبدت المستشارة الأممية ستيفاني وليامز، والسفارة الأميركية في ليبيا، قلقهما البالغ إزاء الاشتباكات المسلحة والتوتر الأمني في العاصمة طرابلس.
وحثت وليامز أطراف الاشتباكات على “ضبط النفس والامتناع عن الأعمال الاستفزازية، بما في ذلك الخطاب التحريضي والمشاركة في الاشتباكات وتعبئة القوات”.
وقالت، في تغريدة عبر “تويتر”: “لا يمكن حل النزاع بالعنف، ولكن بالحوار والتفاوض، ومن أجل ذلك، تظل المساعي الحميدة للأمم المتحدة متاحة لجميع الأطراف التي تؤمن بمساعدة ليبيا على إيجاد طريق حقيقي وتوافقي للمضي قدماً نحو الاستقرار والانتخابات”، فيما شددت على الحاجة الملحة للحفاظ على الهدوء على الأرض وحماية المدنيين.
من جانبها، حثت السفارة الأميركية الأطراف المسلحة على الامتناع عن العنف، مؤكدة أن “الاستيلاء على السلطة أو الاحتفاظ بها من خلال العنف لن يؤدي إلا إلى إلحاق الضرر بشعب ليبيا”.
وقالت في بيان نشر على صفحتها الرسمية عبر “فيسبوك” إن “السبيل الوحيد القابل للتطبيق للوصول إلى قيادة شرعية هو السماح لليبيين باختيار قادتهم. المحادثات الدستورية الجارية الآن في القاهرة تكتسي أهمية أكثر من أي وقت مضى”.
وأضافت: “ينبغي أن يدرك أعضاء مجلس النواب والمجلس الأعلى للدولة المجتمعون هناك أنّ استمرار عدم وجود قاعدة دستورية تُفضي إلى انتخابات رئاسية وبرلمانية في إطار زمني واقعي ولكن حازم قد يحرم الليبيين من الاستقرار والازدهار اللذين يستحقونهما”.
مصر تتابع بقلق ما يحدث في طرابلس وتدعو للحفاظ على الهدوء
بدورها، قالت وزارة الخارجية المصرية إنها تتابع بقلق التطورات الجارية في طرابلس، مؤكدة ضرورة الحفاظ على الهدوء في ليبيا، والحفاظ على الأرواح والممتلكات، ومقدرات الشعب الليبي.
وحثَّ المتحدث الرسمي باسم وزارة الخارجية السفير أحمد حافظ “جميع الأطراف الليبية على ضبط النفس والامتناع عن اتخاذ أي خطوات من شأنها تأجيج العنف”.
وشدَّد حافظ على “حتمية الحوار بهدف الوصول إلى عقد الانتخابات الرئاسية والتشريعية في ليبيا بالتزامن ودون تأخير”.
وأكَّد في هذا الإطار “أهمية حوار المسار الدستوري الجاري الآن في القاهرة، وبما يحقق طموحات وآمال الشعب الليبي في الانطلاق نحو المستقبل بخطى ثابتة”.