عربي 21-
أثار هجوم المبعوث الأممي لدى ليبيا، عبدالله باتيلي على اجتماعات بين مجلسي النواب والدولة في ليبيا بدولة تونس بعض التساؤلات عن تداعيات هذا الصدام وتأثيره على المبادرة الأممية المعروفة بلقاء “الخماسي الليبي” لحل الأزمة.
وقال باتيلي إن “اجتماع تونس لا يلبي الطموحات بسبب طبيعته الثنائية وعدم جمعه لكل الأطراف الرئيسية من أجل حل القضايا الخلافية وكذلك تحفظات بعض الأطراف عليه، ولا يمكن أن يكون بديلا عن حوار أوسع بمشاركة أكبر وجدول أعمال أكثر شمولا”.
وحذر المبعوث الأممي مما أسماها المخاطر المرتبطة بإعادة إنتاج حلول غير مقبولة من الجميع تكون مخرجاتها غير قابلة للتنفيذ.
“رفض برلماني“
ولاقت تصريحات باتيلي ردود فعل غاضبة من أعضاء كثر في مجلس النواب، بعضهم شارك في اجتماعات تونس، وصلت لحد اتهام المبعوث الأممي بالتواطؤ مع رئيس حكومة الوحدة، عبدالحميد الدبيبة في عرقلة عقد الاجتماع وتواصلهم مع السلطات التونسية لمنع استضافة الاجتماعات رسميا.
ولم يصدر رد فعل رسمي من قبل المجلس الأعلى للدولة على تصريحات باتيلي لكن أعضاء شاركوا في اجتماعات تونس اعتبروا موقف المبعوث الأممي معرقلا لخطوات التوافق وهدفه منع تشكيل حكومة جديدة.
والتقى أكثر من 120 عضوا من مجلسي النواب والدولة في ليبيا بدولة تونس لوضع خارطة طريق لإدارة المرحلة حتى الوصول إلى انتخابات رئاسية وبرلمانية، واتفقوا على ضرورة تشكيل حكومة جديدة تشرف على العملية الانتخابية وتم تشكيل لجنة من الحاضرين لمتابعة هذا الملف.
فما تداعيات صدام باتيلي مع مجلسي النواب والدولة وعلاقة ذلك بتعثر المبادرة الأممية التي يحاول المبعوث الأممي إعادة الزخم حولها؟
“انتهاء المبادرة قبل أن تبدأ“
من جهتها قالت عضو مجلس النواب الليبي والمدعوة لاجتماع تونس، ربيعة بوراص إن “تداعيات الصدام ظهرت مؤشراتها منذ إعلان الأمين العام للأمم المتحدة تعيين الأمريكية “ستيفاني خوري” نائبا لباتيلي لتدارك حجم الأزمة السياسية التي تسبب بها المبعوث الأممي من خلال مبادراته التي تعمل على استدامة الأزمة بدلا من الوصول إلى حلول تنهي أزمة الشرعية وتجدد العهد من خلال انتخابات رئاسية وبرلمانية”.
وأكدت في تصريحات لـ”عربي21″ أن “مبادرة باتيلي ليس لها أي دور في المستقبل بين الفرقاء الليبيين لقد تطور الوضع السياسي والاقتصادي بشكل حاد ولن يعالج الوضع مثل هكذا مبادرات، نتوقع دخول “ستيفاني خوري” على الخط سوف يحيي العملية السياسية بشكل أشمل وأوسع وتستعيد الثقة في دور البعثة بين الأطراف الليبية التي أعدمها “باتيلي” بتحيزه الواضح لطرف على حساب الآخر دون مراعاة ظروف الليبيين والأوضاع التي تمر بها البلاد”، بحسب تقديراتها.
“بدائل أخرى“
في حين قال عضو المجلس الأعلى للدولة في ليبيا، محمد معزب إنه “لم يقع صدام بين باتيلي ومجلسي النواب والدولة، وأن ما حدث هو موقف من المبعوث الأممي تجاه لقاء أعضاء من مجلسي النواب والدولة وهو لقاء غير رسمي وجرت العادة على عقد لقاءات مثيلة لهذا اللقاء لكن اجتماع تونس أخذ زخما بسبب منع السلطات التونسية مباشرة أعماله”.
وأوضح في تصريحه لـ”عربي21″ أن “الذي أجهض اللقاء هو منع السلطات التونسية له ورسالة باتيلي كانت بعد المنع وليس قبله، لذا لا علاقة لهذا اللقاء بتعثر مبادرة “الخماسية” والتي تباطأ باتيلي في إخراجها للمشهد بسبب تحفظ بعض أطرافها ووضع شروط مسبقة مما عرقل الخطة ودفع المبعوث الأممي إلى البحث عن بدائل أخرى”، وفق رأيه.
“العرقلة من مصلحة الدبيبة“
الباحث التونسي في العلاقات الدولية والقريب من الاجتماعات، البشير الجويني قال من جانبه إن “كل الأطراف المشاركة في العملية السياسية قد تكون مشاركة في التعطيل بشكل أو آخر، والبعثة الأممية تحاور أطرافا دون أخرى وقد لاحظنا أنها ركزت على منهجية يراها كثيرون غير ناجحة لتركيزها على حل المختنقات الليبية عبر شخصيات دون الولوج إلى المشاكل الحقيقية”.
وأشار إلى أن “مجلسي النواب والأعلى يتراءى أنهما يمططان الحوارات بشكل يجعل المتابعين يفكرون أنها حوارات لأجل الحوار فحسب، والحديث حول تواطؤ باتيلي مع الدبيبة لتعطيل اجتماعات تونس ليس هناك أدلة ملموسة عليه ولكنّ كثيرين يرون أن من مصلحة حكومة الدبيبة استمرار الأمر على ما هو عليه”، بحسب ما قاله.
وتابع لـ”عربي21”: “أما بخصوص مبادرة الطاولة الخماسية فهي تظل معلقة لتشبث كل طرف برأيه وغياب عقلية وروح توافقية تستلزم تنازلات يبدو أن الفرقاء غير مستعدين لها حاليا، ومشكلة مبادرات البعثة الأممية معقدة كونها غامضة من ناحية وليس هناك ضمانات لإلزامية تنفيذها من ناحية أخرى”، كما صرح.
“مراوغة من المجلسين“
لكن المحلل السياسي الليبي، وسام عبدالكبير رأى أن “اجتماع تونس قفزة في الهواء كون كافة الأعضاء المجتمعين يعلمون جيدا أن القوانين الانتخابية الصادرة عن لجنة 6+6 غير قابلة للتطبيق، وبالتالي فإن التسويق بأن ما ينقص إنجاز الانتخابات هو تشكيل حكومة جديدة هي مراوغة سياسية من المجلسين بهدف الحصول على مغانم جديدة”.
وأضاف أن “السلطات التونسية لن تسمح بأن يقام مؤتمر لمسؤولين ليبيين يطالب بإسقاط حكومة الوحدة الوطنية، كون هذا الأمر يؤثر على العلاقات بين الحكومتين، وتعليق أعضاء مجلسي النواب والدولة فشلهم على “باتيلي” وتصريحاته هو حديث بعيد عن الحقيقة، باتيلي جاء قبل عام فقط وهو متغير جديد، فلم لم ينجح المجلسان في إنجاز العملية الانتخابية طيلة السنوات الماضية”، بحسب تساؤلاته وحديثه لـ”عربي21″.