اخبارالاولىالرئيسية

انتخاب رئيس جديد. يعيد هيئة صياغة مشروع الدستور إلى الواجهة مجددا

المسار الدستوري المعطل في ليبيا يدفع بالبعثة الأممية لتبني خيارات أكثر صرامة تعرضها على مجلس الأمن

الناس-

انتخبت الهيئة التأسيسية لصياغة مشروع الدستور “مراجع نوح” رئيسا للهيئة بعد استقالة سابقه “نوح عبدالسيد” من رئاسة الهيئة ومن عضويتها وقبول استقالته.

وقالت المتحدثة باسم الهيئة “نادية عمران” إن الهيئة عقدت جلسة رسمية الثلاثاء (15 يوليو 2025م) بحضور (58) عضوا، فانتخبت نوح رئيسا والقذافي بريدح نائبا له. مضيفة بأن الفترة المقبلة ستشهد عقد جلسة لمناقشة التطورات السياسية على الساحة في ليبيا.

يذكر أن الهيئة قدمت مشروع الدستور المنجز في 2017، وأحالته للبرلمان لإصدار قانون الاستفتاء عليه، بعد أن تحصل داخل الهيئة على الأغلبية الموصوفة (الثلثين+ 1). لكن لم يسمح بإجراء الاستفتاء الشعبي عليه حتى الآن.

واتهمت “عمران” مجلسا النواب والدولة بإقصاء مشروع الدستور، وأنهما يرغبون في إنهاء المسار الدستوري.

ولم تجتمع الهيئة اجتماعا رسميا منذ حوالي ثمان سنوات بعد إقرارها لمسودة الدستور، لكنها كانت تصدر البيانات في بعض المناسبات، وأحيانا تنبو تصريحات عن بعض أعضائها.

وكان آخر ظهور للهيئة عندما أصدرت في السابع عشر من يونيو 2025 بيانا ترفض فيه تدخل البعثة الأممية، بما يخالف مبدأ السيادة الوطنية وتجاوز اختصاصاتها.

وأكد بيان يونيو على أن “مشروع الدستور الصادر عن الهيئة في 29 يوليو 2017 هو الصيغة الوحيدة المكتملة قانونياً ودستورياً، والتي لا يمكن القفز عليها أو استبدالها بأي مبادرات أخرى دون الرجوع إلى إرادة الشعب الليبي عبر الاستفتاء العام”.

وانتقد سلوك البعثة في عرقلة المسار الدستوري الأمر الذي “يعيد ليبيا إلى دائرة الوصاية والتجاذب السياسي”. ورفض اقتراحات الاستعاضة عن الاستفتاء باستطلاعات إلكترونية أو خيارات سياسية بديلة، مؤكدا أن هذه الطروحات تمثل انتقاصاً من إرادة الليبيين وتهدد المسار التأسيسي الذي أنجزته هيئة منتخبة من الشعب.

 

وانتقد الرئيس “مراجع نوح” اللجنة الاستشارية التي شكلتها البعثة مؤخرا، وأوضح أنها خالفت المهمة التي أنشئت من أجلها، وهي إيجاد حلول للخلافات في قانون الانتخابات المعد من قبل اللجان المختارة من مجلس النواب والدولة.

وقال في تصريحات للصحافة بأن “إحياء المسار الدستوري سيكون على رأس مهام هيئته، وأن المسار المستقبلي سيركز على التوعية الدستورية، عبر التواصل مع مراكز الأبحاث في الجامعات الليبية والمجلس الأعلى للقضاء، ومنظمات المجتمع المدني وغيرها”.

دستور دولة الاستقلال. والإعلان الدستوري وتعديلاته. مشروع الدستور المنجز في 2017. أيها سيخرج ليبيا من حالة الاستعصاء الدستوري؟

وعن شروط الترشح للرئاسة التي يعتقد البعض أنها السبب في منع الاستفتاء، خاصة ما يتعلق بمنع ترشح مزدوجي الجنسية والعسكريين، قال نوح إن مناقشة هذه النقاط هي شأن يخص الهيئة التأسيسية ويتطلب نصابا معينا لحضور الأعضاء.

ودافع نوح عن المسودة المنجزة، إذ يؤمن أنها تعدت المواثيق الدولية بشأن حقوق الأقليات، ووضعت منهجية للعدالة الاجتماعية والانتقالية، ورسخت التوازن المكاني والمؤسسي والشفافية، وأكدت على استقلال القضاء من خلال آليات محكمة. ويعتقد أن أطرافا داخلية وخارجية عرقلت الاستفتاء طيلة ثمانية أعوام دون أن تستوعب محتواها.

وشدد نوح على الملكية الوطنية للدستور، رافضا الركون للقوى الدولية.

كيف تعطل المسار الدستوري؟

كان المسار الدستوري في ليبيا انطلق بإصدار الإعلان الدستوري في أغسطس 2011 عقب الإطاحة بالنظام السابق، وتضمن عدة مراحل، من بينها انتخاب هيئة تأسيسية لصياغة مشروع دستور على غرار الهيئة التأسيسية لدولة الاستقلال الأولى. وقد انتخبت الهيئة في العام 2014.

كان أول ما واجه المسار هو انخراط المؤتمر الوطني العام في نقاش عما إذا كانت الهيئة ستعين أم تنتخب، وطال هذا النقاش، قبل الإذعان للانتخاب. ثم قاطع جزء من الليبيين انتخاب الهيئة، بداعي أنها لا تلبي مطالبهم، وأفشلت الانتخابات في بعض الدوائر لأسباب أمنية سرعان ما تم تداركها.

بانعقاد الهيئة كان عليها إنجاز المهمة في عشرة أشهر، وإحالة المسودة للجهة التشريعية لإصدار قانون الاستفتاء، إلا أن الاضطرابات التي شهدتها البلاد وظروف أخرى دعت إلى تأخر الهيئة في إنجاز العمل، ثم الخلافات داخلها، والتي أقصت رئيس الهيئة المنتخب “علي الترهوني” بداعي حمله لجنسية دولة أخرى.

تنقلت الهيئة داخل وخارج ليبيا لعقد اجتماعاتها، وتمكنت في 29 يوليو 2017 من الوصول إلى صيغة للاستفتاء عليها داخل الهيئة، وكان مطلوبا (41) صوتا لتمرير المسودة من أصل (57). وفي يوم الاستفتاء صوت (42) عضوا بالموافقة على المسودة، واحتفل داخل الهيئة بما اعتبر نجاحا.

أحيلت المسودة للبرلمان لإصدار قانون الاستفاء وطرحها للاستفتاء الشعبي وفق ما هو منصوص عليه في الإعلان الدستوري. لكن البرلمان عطل إصدار القانون. ثم وفي وقت لاحق أعلن عن إصدار القانون، وكان تمريره يتطلب الحصول على أغلبية الثلثين + 1، مع إضافة  تقسيم ليبيا إلى ثلاث دوائر، وهي الأقاليم التاريخية (طرابلس وبرقة وفزان)، وتضمن القانون وجوب حصول الدستور في كل دائرة على نسبة 50+ 1 لتمريره.

ومع كل ذلك لم يطرح الدستور للاستفتاء.

مشروع الدستور وراء ظهورهم

عقب التسوية السياسية التي أعقبت الحرب على طرابلس في 2019- 2020م، تقرر إجراء انتخابات رئاسية وبرلمانية للوصول بالبلاد إلى مرحلة الاستقرار، وتعالت المطالبات بوجود دستور لإجراء الانتخابات بناء عليه.

في ذكرى الاستقلال 2022 وجه سليل العائلة السنوسية الأمير محمد بن الحسن الرضا كلمة للشعب الليبي قال فيها إن “الشرعية الدستورية المتمثلة في المملكة الدستورية لاتزال المظلة المناسبة لشركات الوطن الواحد”.

لكن كلمات الأمير لم تجد أذنا صاغية، أيضا.

وابتدع أصحاب القرار ضرورة التوصل إلى قاعدة دستورية تجري الانتخاب بناء عليها، على أن يتوافق عليها مجلسا النواب والدولة.

واقترح عقيلة صالح تكليف هيئة دستورية لتعديل مسودة الدستور المنجزة من قبل الهيئة المنتخبة. الأمر الذي هاجمته الهيئة في بيان لها.

وفي آخر أيام يناير 2022 أصدر مجلس النواب الإعلان الدستوري 12، والذي جاء في أبرز بنوده تشكيل لجنة من مجلسي النواب والدولة لمراجعة مشروع الدستور، وإجراء التعديلات عليه.

واقترحت البعثة الأممية تشكيل لجنة من 12 عضوا لوضع قاعدة دستورية تجري الانتخابات بناء عليها، لتضاف هذه اللجنة عنوانا جديدا للمشهد الدستوري الليبي.

وقد رفع رئيس الهيئة التأسيسية شكوى بالخصوص إلى الأمين العام للأمم المتحدة. ضد مبعوثه الخاص “ستيفاني ويليامز” بسبب تجاوزاتها.

المبعوث الأممي الجديد إلى ليبيا “عبدالله باتيلي” كان يدرس خيارات للمضي بالعملية السياسية بعيدا عن الارتهان لمجلس النواب والدولة. فابتدع مجلس النواب التعديل الدستور 13، والذي نص على تشكيل لجنة من 12 عضوا بواقع ستة أعضاء من مجلس النواب ومثلهم من مجلس الدولة للتوافق بأغلبية الثلثين لإعداد قوانين الاستفتاء والانتخابات. ليظهر لأول مرة عنوان لجنة (6+ 6). وتعقد أول اجتماعاتها في مايو 2023م. ونتج عنها قوانين انتخابات بعد مراوغات قادها عقيلة صالح.

وعقب الإعلان عن نتائجها دعت الهيئة التأسيسية لصياغة مشروع الدستور في بيان لعدم عرقلة الاستفتاء على الدستور.

خيارات المشهد الليبي للخروج من الوضع الراهن أولها العودة لدستور دولة الاستقلال 1951، وهو ما يعجب دعاة العودة للشرعية الدستورية، وثانيها التمسك بالاستفتاء على الدستور المنجز في 2017، لتمضي في المسار الدستوري المنطلق في 2011. علما بأن دستور 1951 لم يخضع للاستفتاء الشعبي.

والخيار الثالث هو الاحتكام لقوانين لجنة (6+ 6) وهو ما يريده البرلمان.

والخيار الرابع الذي تسعى البعثة لترسيخه هو مخرجات اللجنة الاستشارية، حيث لازالت تجري لقاءات موسعة عبر الزوم مع الطيف السياسي الليبي للخروج بخارطة طريق شاملة للانتخابات الليبية، تقدمها لمجلس الأمن في أغسطس المقبل.

وذكرت مصادر البعثة أن تيتيه ستطالب مجلس الأمن باتخاذ خطوات أكثر صرامة، لمحاسبة من يقوض العملية السياسية.

 

 

 

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى