اخبارالرئيسيةعيون

امتحانات الثانوية العامة في ليبيا: إجراءات صارمة تبعث على الرهبة

العربي الجديد-

انطلقت صباح الأحد (22 يونيو 2025م)، امتحانات شهادة إتمام مرحلة التعليم الثانوي للعام الدراسي الحالي في مختلف أنحاء ليبيا بمشاركة 128.307 طالبا وطالبة.

وكشفت وزارة التربية والتعليم في حكومة الوحدة الوطنية عن توزيع الطلبة، إذ يخوض 103.166 طالباً وطالبة من القسم العلمي أولى امتحاناتهم في مادة اللغة الإنكليزية، بينما يؤدي 24.592 من القسم الأدبي الامتحان ذاته، أما طلبة التعليم الديني البالغ عددهم 542 طالباً وطالبة، فسيؤدون امتحاناً في مادة القرآن الكريم وأحكام التلاوة.
ووفقاً للوزارة تجري هذه الامتحانات عبر 871 لجنة امتحانية تحتضن 8.554 قاعة موزعة على مختلف البلديات في أرجاء البلاد، وفقاً للجدول الزمني المعتمد من المركز الوطني للامتحانات الذي سيمتد إلى العاشر من يوليو المقبل.
وفي كلمة توجيهية نشرتها الصفحة الرسمية لوزارة التعليم والتربية، حثَّ الوزير المكلف بالوزارة علي العابد، الطلبة على “الجدِّ والاجتهاد وتنظيم الوقت والتركيز على المذاكرة”، مع التحذير الصريح من محاولات الغش، معرباً في الوقت ذاته عن تقديره لجهود مراقبي التربية والتعليم واللجان المشرفة على ضبط سير العملية الامتحانية في أجواء مناسبة.

من جهته، أعلن أحمد مسعود، مدير المركز الوطني للامتحانات التابع لوزارة التعليم والتربية، عن عدد من التعليمات الصارمة، وشدّد على ضرورة التزام الطلاب بها، أبرزها الاحتفاظ بورقة الأسئلة وعدم تسليمها لأي شخص حتى بعد انتهاء الامتحان. محذراً في كلمة بثتها الصفحة الرسمية للمركز، من عواقب وخيمة لتداول أوراق الأسئلة عبر وسائل التواصل الاجتماعي أثناء وقت الامتحان، مؤكداً أن ذلك يعرض الطالب لإلغاء الامتحان وفق اللوائح. وفي الوقت نفسه أصدر المركز الوطني جملة تعليمات تنظيمية مفصّلة موجّهة لرؤساء اللجان والمراقبين والملاحظين لضمان الشفافية والنزاهة، وشملت الالتزام بمطابقة أسماء المواد للجدول الرسمي، واستلام مغلفات الأسئلة مغلقة ومختومة من مراكز التوزيع مع حظر فتحها قبل الموعد المحدّد، وتسجيل ذلك في محاضر رسمية.
وأكّد المركز أنّ ثمّة آليات دقيقة لتوزيع المراقبين دورياً ومنع دخول الهواتف المحمولة أو أي أدوات يُشتبه في استخدامها للغش، مع توثيق أي محاولات غش في محاضر، والإبلاغ الفوري عن التجاوزات، كما شملت التعليمات إجراءات تسليم أوراق الإجابة وكشوف الحضور في مغلفات محكمة، وإعداد تقارير يومية عن الحضور والغياب وأي طوارئ، مشدداً على حضور المراقبين المبكر والتحقق من هويات الطلاب ومنع دخول غير المصرح لهم، في الوقت الذي كلف فيه المركز الملاحظين بتهيئة الأجواء داخل القاعات والتصدي الحازم للغش وتوفير احتياجات الطلبة ذوي الإعاقة، مؤكداً أن كل هذه الإجراءات تهدف لامتحانات عادلة ومنضبطة وتضمن تكافؤ الفرص وجودة المخرجات التعليمية.

وبينما تشهد العملية التعليمية للعام الدراسي الحالي استقراراً نسبياً في تسلسل المراحل الدراسية دون تعطيل كبير، باستثناء توقف محدود للدراسة لأيام معدودة خلال الاشتباكات في طرابلس، إلّا أن آثار التحديات للسنوات السابقة والتحديات القائمة لا تزال تلقي بثقلها، فقد عانت مواسم الامتحانات في الأعوام السابقة من عراقيل جسيمة، منها توقف الدراسة لأسابيع طويلة بسبب النزوح والاشتباكات المسلحة، ما حال دون استكمال الطلاب للمقرّرات الدراسية ووضعهم تحت ضغط كبير، دفع بالكثيرين منهم إلى اللجوء إلى الدروس الخصوصية بوصفها منقذاً أخيراً لتعويض الفاقد الدراسي قبل الامتحانات.
وفي هذا السياق، يسلط المهدي الشايبي، طالب بالمرحلة الثانوية من تاجوراء شرقي طرابلس، الضوء على معضلة أخرى قائمة رغم الاستقرار النسبي، وتتعلق بما وصفه باستمرار ضعف الأداء التعليمي الحاصل عن النقص الحاد في كوادر المعلمين، موضحاً لـ”العربي الجديد” بأن بعض المواد لم تُدرس على النّحوِ الكافي الذي يمكِّنه وزملاءه من استيعابها، “خصوصاً اللغة الإنكليزية والجبر والهندسة والأحياء”، ما اضطره هو وغيره إلى الالتحاق بدورات التقوية في المراكز الخاصة لتعويض هذا النقص ورفع مستوى تحصيلهم قبل خوض غمار الامتحانات الحاسمة.
أما خليفة بن ناصر، الأستاذ المتقاعد، فيعترف بأن الإجراءات التي أعلنها المركز الوطني للامتحانات “مفيدة ومهمة” لضبط العملية وتدل على تعافٍ تشهده العملية التعليمية، لكنّها إجراءات تركز كما يرى على الشكليات دون الوصول إلى عمق أزمة الطالب والمعلم.

وفي شكل إدارة الامتحانات يوجه بن ناصر، خلال حديثه لـ”العربي الجديد”، لبعض الممارسات المرافقة لها، خاصة استعانة بعض اللجان بقوى أمنية لتأمين الحراسة، إذ يرى أن وجود قوى أمنية يبعث الرهبة في نفس الطالب ويزيد من حالة توتره والضغوط عليه، بخلاف ما تطالب به الوزارة من تهيئة ظروف الامتحانات للطالب.
ويتساءل بن ناصر في حديثه عمّا إذا كانت الوزارة وفرت فعلاً كل سبل الدعم والعطاء للطلاب حتى تتبنى هذا التشدّد في ملاحقة الغش، مطالباً أيضاً بتحديث جذري لأساليب التعليم في البلاد التي يرى أنها لا تزال متخلّفة عن ركب تطور العملية التعليمية، خاصة في ضرورة تجاوز أسلوب التلقين والأسئلة الجاهزة إلى وسائل تعليمية أكثر كفاءة ومواكبة. ويضرب مثالاً على تطور التقنيات المصاحبة للتعليم بسهولة تسريب الأسئلة عبر الوسائل الرقمية، مستشهداً بحادثة تسريب في امتحانات الشهادة الإعدادية الأخيرة التي جرت الشهر قبل الماضي، وحينها اضطرت الوزارة على إثرها لإلغاء امتحان إحدى المواد.

ويتفق بن ناصر مع الشايبي في انتقاد آخر يتعلق بجودة وضع الأسئلة، إذ يشير المهدي إلى سوء إعداد أسئلة امتحانات الشهادة الإعدادية في مادة اللغة الإنكليزية، التي تحولت من اختبار لقواعد اللغة إلى أسئلة حول العلوم باللغة الإنكليزية، ما يعكس بحسب الشايبي “عدم كفاءة واضعي الأسئلة واستيعابهم للمادة”.
ويؤكد الشايبي أن مشكلة ضحالة أسئلة الامتحانات وعدم قدرة واضعيها على استيعاب مضمون موادها، يثير مخاوف الطلاب من أن تتكرّر في امتحانات الثانوية العامة الحالية، ويضع علامة استفهام كبيرة حول جودة وكفاءة الإعداد للعملية الامتحانية برمّتها في خضم السعي لتحقيق العدالة والانضباط الذي تؤكد الوزارة سعيها إليه.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى