اخبارالرئيسيةفضاءات

الناس تحقق في مزيد من الوفيات بعد إجراء عمليات القسطرة القلبية لمرضى في المستشفيات الليبية

تنطلق من سؤال: هل الصمامات والمستلزمات المستخدمة سليمة؟

الناس- 

في الثامن من سبتمبر 2025 توفيت مريضة بمركز مصراتة الطبي بعد إجرائها لعملية قسطرة قلبية.. هي الوفاة الثانية في شهر..

ما علمته صحيفة الناس أن العملية قام بها طبيب من خارج القسم، وبتكليف من جهاز دعم وتطوير الخدمات العلاجية، دون إبلاغ رئيس القسم رسميا بذلك، وقد أعقب حالة الوفاة مراسلات، تصلح لكي تكون مقدمة لتحقيق صحفي استقصائي يكشف اللبس، فما يفهم منها –على الأقل- هو وجود خلل عميق في القسم.. واتهامات مبطنة بالمسؤولية، وقد انطلقنا..

يطرق هذا التحقيق الصحفي مجددا فرضية وجود دعامات للقلب ومستلزمات “رديئة” دخلت القسم، وربما تسببت أخطاء أخرى في حالة وفاة لمريض.. في ظل غياب من يتابع..

سننطلق في هذه الرحلة الاستقصائية من تقرير نشرته صحيفة الناس في العدد (139)، أثارت فيه الموضوع على استحياء، حتى لا تثير بلبلة في الشارع استنادا إلى معلومات غير موثوقة، وقد تواصلت الصحيفة حينها مع مركز مصراتة الطبي ونفى تركيب أي دعامة غير مطابقة للمواصفات لمريض، وأكد رئيس قسم القلب وقتها أنه لم يقم بزرع أي دعامة لمريض، إلا ذات مواصفات معتمدة. لكنه لم ينف وجود دعامات (رديئة) وصلت للمركز. وأوضح أنه خاطب إدارة المركز وقتها بالخصوص. ولم يستخدمها.

يناير 2025

في هذا العدد سيختلف التناول، فقد وصلت إلى صحيفة الناس تلك الرسالة التي توجه بها الدكتور “غسان الحداد” رئيس قسم أمراض وجراحة القلب إلى مدير مركز مصراتة الطبي، أوضح فيها أنه لاحظ ظاهرة الانسداد المبكر للدعامات القلبية، الأمر الذي قد يعرض المريض لمخاطر مهلكة- وفق تعبيره.

وأوضح أن السبب الرئيسي في ذلك هو تداول مستلزمات للقسطرة القلبية ذات جودة رديئة وغير معلومة المصدر تحمل علامات لشركات عالمية.

والسبب الرئيسي الثاني –حسب الرسالة- هو جلب أدوية سيولة الدم التي تعتبر الركن الأصيل في عدم انسداد الدعامات من الصيدليات بشكل شخصي، وهي أيضا غير أصلية ومجهولة المصدر.

الرسالة تطالب بالتعامل حصريا مع الشركات ذات الوكالات المعتمدة من الدولة الليبية لمستلزمات القسطرة، وإحضار ما يثبت ذلك، وتطالب بالتواصل مع الجهات المزودة لمستلزمات قسم القلب (المشتريات والعطاءات وجهاز توطين العلاج بالداخل) وذلك للتأكيد على الشركات المتعامل معها، وأن تكون وكيلا رسميا ومعتمدا للمستلزمات القلبية.

وتطالب الرسالة أخيرا بإيجاد آلية لتوفير أدوية السيولة الأصلية لمرضى الذبحات الصدرية ولو لمدة ستة أشهر.

الدكتور غسان يغادر

كانت هذه الرسالة التي تحصلت صحيفة الناس على نسخة منها، قد صدرت بتاريخ (19 يناير 2025).

أما الدكتور الحداد فقد ترك رئاسة القسم وترك المركز، وخرج في إجازة طويلة، ويتعاون الآن مع مستشفى ابن سينا بسرت في عمليات القسطرة وتدريب كوادر المستشفى في هذا المجال..

كان لابد من البداية من هنا. والسؤال الذي يطرح نفسه أولا: لماذا ترك الدكتور غسان القسم الذي كان يرئسه؟ وهل لذلك علاقة بما ورد في الرسالة التي عرضنا تفاصيلها هنا؟

سنتوقف عند جزئية الدعامات القلبية؟ هل تحققتم من وجود دعامات رديئة دخلت للقسم؟ وكيف تعاملتم معها؟

هل يمكن أن تكون الدعامات (الردئية) قد تسببت في وفيات لمرضى زرعت لهم. في وجودكم أو قبلكم أو بعدكم؟

هل لدى القسم آلية لمتابعة ذلك والوصول إلى معلومة يقينية بالخصوص. أو أي جهة أخرى؟

فبراير 2025

وقبل أن نتوجه للدكتور غسان بهذه الأسئلة، نعرض هذه الرسالة المهمة، والتي جاءت ردا على ما ساقه من شبهات حول وجود مستلزمات رديئة، ومهم جدا أن نعرف أن من وقع عليها هو الدكتور أبوبكر عقيل، الذي سيظهر لاحقا وقد أسندت إليه مسؤولية “رئيس وحدة عناية القلب”.

في الرابع والعشرين من فبراير 2025 رد الدكتور عقيل بصفته رئيس القسم على الدكتور الحداد، يبين فيها عدم وجود أي حالات حدثت لها مضاعفات أو انسداد عقب عمليات القسطرة بالقسم، وأضاف أن الوضع الصحي للحالات ممتاز ولم يحضر أي منها بأي مضاعفات أو انسدادات بعد خروجهم.

ووفق ما سرد فقد أجرى القسم 42 حالة قسطرة، عرضت جميع ملفاتهم على الأخصائيين الموجودين في القسم، وروجعت جميع أوراقهم من دخولهم، واستقصى عن حالتهم بعد إجراء العمليات، وأفاد الجميع بعدم وجود مضاعفات، ليؤكد على أن “كانت المواد المستخدمة داخل غرفة العمليات ذات جودة عالية، والدعامات أمريكية الصنع، ولم يسجل وجود أي حالة حصلت لها مضاعفات أو انسداد للدعامات أثناء وبعد إجراء العملية”.

وبعد سبعة أشهر

قبل حوالي شهر، وفي الثامن من سبتمبر 2025، تقدم الدكتور أبوبكر عقيل رئيس وحدة عناية القلب برسالة إلى رئيس قسم أمراض وجراحة القلب يطلب فيها التحقيق في وفاة مريض بوحدة عناية القلب فجر الاثنين (08 سبتمبر 2025م) وذلك بعد إجراء قسطرة قلبية وجلسة غسيل كلوي والاطمئنان على حالتها من قبل فريق القسطرة القلبية.

تقول الرسالة إن فريق القسطرة القلبية اطمأن على الحالة عند منتصف الليل، وتركها بوضع مستقر، إلا أنها توفيت في غضون أربع ساعات.

رئيس وحدة عناية القلب طالب باستدعاء الطبيب المناوب للتحقيق، ورئيس التمريض، والتمريض المناوب.

تضارب في الرواية عن أسباب الوفاة

بناء على هذه الرسالة وجه رئيس قسم أمراض وجراحة القلب الدكتور علي اعبيد، رسالة للمدير العام للمركز يبلغه أنه تواصل مع الطبيب المناوب  أثناء وفاة مريضة، والذي أبلغه بدوره بتطورات حالة المريضة، حيث اشتكت من ضيق بصدرها وضيق بالتنفس وتعرق شديد، الأمر الذي أدى إلى انخفاض حاد بضغط الدم، وتوقف بالدورة الدموية لها.

من جهته ذكر رئيس وحدة عناية القلب واختصاصي القسطرة الذي قام بإجراء العملية بأن الوفاة كانت بسبب نزيف حدث بعد نزع مدخل القسطرة الشريانية بمنطقة الفخذ.

حالة وفاة أخرى

وأضاف الدكتور اعبيد أن مريضة أخرى توفيت (ذكر اسمها ورقم تسجيلها) وذلك بعد أيام من إجرائها لعملية قسطرة قلبية بالمركز تحت إشراف نفس اختصاصي القسطرة، بعد تعرضها لجرعة كبيرة من المادة الملونة أثناء إجراء عملية القسطرة، مما أدى إلى فشل كلوي حاد. ودخلت المريضة في اضطراب بحموضة الدم أدى إلى مضاعفات ووفاة المريضة فيما بعد.

وكانت هذه الرسالة بتاريخ (9 سبتمبر 2025م). ولم يكتف رئيس قسم أمراض وجراحة القلب بها، بل أردفها بأخرى بنفس التاريخ وإلى نفس الوجهة، يفهم منها توجيه اللوم على استبعاد اختصاصي القسطرة القلبية بالمركز، تقول الرسالة:

“السيد المدير العام مركز مصراتة الطبي، بعد التحية. بعد تكليف إحدى الشركات الطبية برعاية جهاز دعم وتطوير الخدمات العلاجية وتكليف طبيب قسطرة قلبية من خارج المركز لإجراء عمليات قسطرة قلبية داخل قسم القلب بالمركز، ومنذ حوالي أسبوعين ونحن ننتظر منكم إبلاغنا بالتكليف الخاص بالشركة المكلّفة، بإجراء العمليات، وما ينص عليه هذا التكليف، وكيف تم استبعاد وإقصاء اختصاصي القسطرة القلبية بالمركز، بعكس ما يعمل به بالمراكز الطبية في شرق البلاد وغربها، والتي تجري فيها العمليات تحت إشراف أطباء القسم الذين تربطهم بالمركز عقود رسمية”.

وطلب اعبيد في رسالته مراجعة جهاز دعم وتطوير الخدمات العلاجية بالخصوص، مبديا استعداده رفقة فريق عمل القسطرة لاستقبال حالات القلب كما في السابق، مستشهدا بسجلات المرضى الذين استقبلهم القسم وأجرى لهم عمليات قسطرة قلبية تشخيصية وتداخلية، مجدولة ومستعجلة، منذ سنوات وحتى بداية شهر أغسطس 2025م.

تعليق للناس:

مايفهم من هذه الرسالة –جد خطير- فقد حصل استبعاد اختصاصي القسطرة بالقسم وهو رئيس القسم نفسه، وكلف طبيب أجنبي من خارج المركز، ومكن من العمل دون إبلاغ رئيس القسم بشكل رسمي!

قرارات عشوائية!

يلقي رئيس القسم باللائمة إدارة المركز وجهاز دعم وتطوير الخدمات العلاجية لإصدارهم قرارا غير مدروس حسب تعبيره “بمنع وتحجيم أطباء القسم بإجراء عمليات القسطرة القلبية وفتح المجال كاملا للطبيب المكلف من خارج القسم بإجراء العمليات”، وما لذلك من “أثر سلبي كبير على مستوى وخبرة أخصائي القسطرة بالقسم”.

وفيما يشبه التوبيخ طالب اعبيد بالرجوع إليه في القرارات الخاصة بالقسم “قبل اتخاذ القرارات العشوائية التي تضر بالمسيرة العلمية والعملية بالقسم”.

 

لم ينته الموضوع بعد

 

بل لم يبدأ. فما يستحق الوقوف عنده أن القسم قد أجرى حوالي ثماني عمليات قسطرة في الثالث عشر من سبتمبر، وعشر عمليات في الثامن عشر من سبتمبر، أي في الأيام التي تلت حالة الوفاة التي تدور حولها هذه القصة- وذلك استنادا على ما نشره هو نفسه على صفحته على فيس بوك، وإذا تصفحنا أكثر فسنجد أكثر.

يرجح عندنا أننا أمام قضية حساسة يطول الحديث فيها وحولها، لا نريد أن نطلق أحكاما متسرعة، ولا نكتب كلاما إنشائيا يثير المشاعر. فقد انطلقنا من فرضية. لا يوجد حتى الآن دليل عليها. سنحتاج أن نسمع في العدد القادم من الأطباء المعنيين، وقد تواصلنا معهم بالخصوص، ووافق بعضهم على الحديث إلينا..

ولازالت الأسئلة أكثر من الإجابات.. والمزيد في أعداد قادمة.. مع الناس

 

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى