
الناس-
في نهاية فبراير الماضي استقبل الرئيس الفرنسي “إيمانويل ماكرون” في قصر الإيليزيه “خليفة حفتر”.
ذكرت قناة فرانس 24 حينها أن اللقاء ناقش ثلاث قضايا، أولها الوجود الروسي في ليبيا، ومسعى فرنسي للوجود في قاعدة عسكرية بالجنوب الليبي على الحدود مع النيجر، بالإضافة إلى طلب فرنسي لإطلاق سراح المعارض النيجري الذي اعتقله أتباع حفتر.
سلط المركز الليبي للدراسات الأمنية الأضواء على هذه الزيارة في ورقة نشرها في السادس من مارس، مركزة على توقيت الزيارة التي جاءت بعد عودة حفتر وأبنائه من زيارة إلى دولة بيلاروسيا، والتي تزامنت مع زيارة ماكرون لترامب.
ويعتقد المركز أن فرنسا تجهز نفسها للقفز للشرق الليبي لملء فراغ أي هروب روسي متوقع.
فرنسا لم تتراجع
الورقة رفضت فكرة تراجع الدور الفرنسي في ليبيا لحساب تركيا وإيطاليا وروسيا، معربة عن الاعتقاد بأن غياب الدور الفرنسي في منطقة الساحل والصحراء هي تحليلا تنقصها الدقة وتتسم بالسطحية، فهي –أي فرنسا- لازالت حاضرة بقوة وتعمل بشكل دبلوماسي أقرب للمخابراتي (دعم مقابل مصالح).
كما قررت الورقة أن أمريكا حاولت تحجيم الدور الفرنسي. لكن فرنسا لازالت تعاند.
وحسب المركز الليبي فإن أهم محورين تناولهما الطرفان هما طلب فرنسا لحضور نشط في الجنوب الليبي مقابل دعم حفتر في مجلس الأمن والأمم المتحدة.
والمحور الثاني هو تقديم فرنسا كبديل موثوق لملء فراغ الهروب او إزاحة الروس من شرق ليبيا ووسطها بالتنسيق مع الإدارة الأمريكية.
ويعتقد معدو الورقة بأن فرنسا قد منحت للزيارة زخما لمعرفتها أن حفتر يهمه الشكل الظاهري في الاستقبال والمبالغة في ذلك.
ماهي العروض الفرنسية المقدمة لحفتر؟
وتلخص الورقة العروض الفرنسية لحفتر في ثلاث:
الأول دور قوي لحفتر عبر دعمه دوليا وأوروبيا وتنظيف ملفاته الخاصة بحقوق الإنسان ومشكلاته مع الجنائية الدولية
الثاني الدعم العسكري عبر اتفاقات جديدة تقدم له حمايته عسكريا في مواجهة أية انقلابات أو هجوم او ضغوط
والثالث حماية حدوده من أي هجرة أو جماعات معارضة قادمة من تشاد او النيجر أو السودان.
فما الذي ستحصل عليه فرنسا في المقابل؟
تسعى فرنسا لهدفين من خلال تقديم هذا الدعم لحفتر وهما:
الأول السماح بقاعدة عسكرية في الجنوب الليبي قريبة من النيجر وتشاد دون إحراجه مع المصريين والإماراتيين
والهدف الثاني اعتبار فرنسا بديل موثوق عن روسيا التي اصبحت إزاحتها عن ليبيا توجه دولي وإقليمي.
الورقة التي جاءت في حدود خمس صفحات خلصت إلى أن حفتر سيكون مستفيدا من هذه المعادلة، لأن لحفتر –حسبها- مصلحة في التخلص من الروس.
فبعد تراجع دعمه إقليميا ودوليا بعد تورطه في ملفات تصطدم مع حلفاء له، كتقاربه الفج مع روسيا الأمر الذي أغضب الأمريكان، وصدامه مع مصر بدعمه لقوات الدعم السريع في السودان، سيجد حفتر –تقول الورقة- فرصة في هذا التقارب مع الفرنسيين للتخلص من كابوس الروس الذي يضيع تحالفاته الدولية والأوروبية.
ويرى المركز الليبي للدراسات أن فرنسا تحاول استغلال حالة الضعف لدى حفتر عسكريا ومجتمعيا وسياسيا، وتعرف حالة الغضب المتزايد ضد تعاظم الدور الروسي في ليبيا، خاصة بتمدده للقرن الإفريقي. فاستراتيجية فرنسا هي استغلال الضعف العام للأطراف المستهدف لتقوية تواجدها ومصالحها.
فرنسا ومعاندة واشنطن
وفي الموقف الفرنسي ترى الورقة أن فرنسا تحاول مؤخرا محاولة إثبات أنها قوة بمفردها يمكنها أن تقود القوى الأوروبية، دون ان تمارس عليها واشنطن دور الأخ الأكبر.
بالمقابل تحاول أمريكا معاقبة التمرد الفرنسي بدعم التعاظم الروسي والتركي في ليبيا لتقلل حصتها في النفوذ.
خلاصة وتوقع
وتخلص الورقة التي قدمتها وحدة الأبحاث بالمركز إلى أن “فرنسا تستغل تعطش حفتر للعودة بقوة للمشهد عبر ترشحه لرئاسة ليبيا والفوز بها أو السيطرة على مقاليد الحكم بدعم دولي وتوافقاته وتوازناته”.
وبناء عليه فمن المتوقع “أن يتماهى حفتر مع الإغراءات الفرنسية الجديدة، خاصة والجنوب يشهد حالة تمرد وخروج من تحت عباءته”- يقول المركز
مشابهة: