اخبارالرئيسيةعيون

المخلفات الحربية في ليبيا.. 300 ضحية خلال خمس سنوات

العربي الجديد-

لا تزال مخاطر مخلفات الحرب تقض مضجع الليبيين، وتكرر المنظمات الدولية الحديث عنها وعن حجمها، وفي آخر ما رصدته أن عدد ضحايا الألغام بلغ 300 ليبي، من بينهم 125 قتيلاً.
وقالت رئيسة برنامج الأعمال المتعلقة بالألغام الأممي في ليبيا فاطمة زريق، الجمعة الماضي، بمناسبة اليوم الدولي للتوعية بخطر الألغام، إن “هذا العدد المسجل يتعلق بالضحايا منذ مايو 2020 حتى أوائل عام 2025، ووفقاً لأحدث الإحصائيات، فإن هذه الأرقام تبدو أقل نسبياً مقارنة بدول أخرى مثل سورية، لكنها تظل مقلقة للغاية في ليبيا، حيث يحمل كل حادث وزناً إنسانياً ونفسياً كبيراً، خاصة مع تضرر الأطفال بشكل لافت”.
وأوضحت زريق أن “التهديدات للمدنيين تشمل الألغام المضادة للأفراد والمركبات، والذخائر غير المنفجرة، والعبوات الناسفة، ومخازن الذخيرة غير الآمنة”، مؤكدة أن تطهير البلاد من هذه المخلفات “ليس مهمة تقنية فحسب، بل يتطلب جهداً إنسانياً لبناء السلام وإنقاذ الأرواح”

وواكبت الأمم المتحدة الأوضاع والجهود المحيطة بمخاطر مخلفات الحرب، ففي مطلع نوفمبر الماضي، نشرت الأمم المتحدة تصريحات لفاطمة زريق، كشفت فيه النقاب عن كون مساحة الأراضي الملوثة في ليبيا تقدر بنحو 444 مليون متر مربع، وأن تطهيرها قد يستغرق 15 عاماً في أفضل السيناريوهات. وأكد حينها أن عام 2024 شهد مقتل 16 شخصاً، من بينهم أطفال، بسبب انفجار مخلفات حربية، وهو الضعف مقارنة بأرقام العام الذي سبقه، ما يسلط الضوء على تفاقم الأزمة رغم الجهود المبذولة.
وأرجعت المسؤولة الأممية الصعوبات إلى عوامل متعددة، من بينها استمرار التوترات الأمنية التي تعيق عمليات المسح، وممارسات بعض المواطنين الذين يحاولون التخلص من المخلفات بشكل عشوائي، إما برميها في البحر أو تفكيكها لاستخراج المعادن، ما يؤدي إلى كوارث متكررة.
من جانبها، تواصل السلطات الليبية جهودها لمواجهة هذا الخطر، ففي العديد من الإعلانات السابقة، أكدت الأجهزة المعنية انتشال عشرات الأطنان من مخلفات الحرب وإعدامها، وآخرها ما أعلن عنه جهاز المباحث العامة في نهاية فبراير الماضي، حول تدمير نحو طنين من الألغام والمفخخات التي انتشلت من مناطق مختلفة في العاصمة طرابلس وضواحيها.

وتُظهر هذه الأرقام حجم الجهود الحكومية التي تُوصف بـ”المكثفة”، لكنها تبقى، بحسب نشطاء، غير كافية مقارنة بحجم الكارثة، فمنذ عام 2011، جرى تطهير أكثر من مليون قطعة متفجرة، و54 طناً من ذخائر الأسلحة الصغيرة، وفقاً لبيانات الأمم المتحدة، لكن المساحة الشاسعة الملوثة، والمخاطر المستمرة يشيران إلى أن الخطر لا يزال قائماً، ويحتاج إلى جهود مضاعفة، خاصة مع استمرار الإعلان بين الفينة والأخرى عن قتلى أو إصابات من جراء تفجر الألغام.
في السياق، يكشف الضابط في إدارة الهندسة العسكرية، عبد العاطي الجطلاوي، عن عقبات تقنية تواجه فرق إزالة الألغام والمخلفات الحربية، أبرزها عدم تلقيها تدريبات متخصصة للتعامل مع المخلفات، والتي تطورت مع تطور الأسلحة المستخدمة في الحروب.
ويوضح الجطلاوي لـ”العربي الجديد” أن الدعم الدولي لا يتجاوز تقديم النصائح الفنية، من دون توفير معدات متطورة أو مشاركة مباشرة في العمليات بالميدان، ما يترك العبء الأكبر على كاهل الكوادر المحلية ذات الإمكانات المحدودة، مشدداً على أن غياب خرائط الألغام يشكل عائقاً كبيراً إضافياً.

وفي مقابل ما يشير إليه الجطلاوي من نقص الإمكانات أو محدوديتها، تشدد فاطمة زريق على ضرورة وجود “استراتيجية وطنية لمكافحة الألغام” تهدف إلى تنظيم عمليات الإزالة وتعزيز التوعية، لكن الجطلاوي يشير إلى أن التفكير في وضع استراتيجيات وطنية يتطلب استقرار الأوضاع الأمنية، وإنهاء الانقسام الحكومي القائم.
ويتحدث الجطلاوي عن أهمية تطهير البلاد من مخاطر مخلفات الحرب لتحقيق الاستقرار، وأن الملف متصل بملفات أخرى ضرورية لتعزيز السلام الذي لن يتحقق بينما الناس يمرون بمواقع عليها علامات حظر المرور أو الدخول، ما يعيد إلى أذهانهم مشاهد الحرب والفرار من البيوت والصدمات التي عاشوها.
وينتقد تعاطي حفتر مع مطالب تسليم خرائط حقول الألغام، إذ تنكر قواته امتلاكها، على الرغم من أن حقول الألغام زرعت خلال التحضير للهجوم على طرابلس، متسائلاً: “ما ذنب سكان الأحياء كي يدفعوا ثمن حروب لم يختاروها”.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى