العربي الجديد-
عقد مجلس الأمن الدولي، مساء الثلاثاء، بتوقيت نيويورك، اجتماعاً دورياً حول ملف تحقيقات المحكمة الجنائية الدولية المتعلق بارتكاب جرائم حرب في ليبيا. وقدم المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية، كريم خان، إحاطته أمام المجلس. وهذه أول إحاطة له أمام المجلس منذ توليه منصبه، مدعياً عاماً للمحكمة الجنائية الدولية قبل أشهر.
وأشار خان إلى أنّ الوضع الأمني في ليبيا أثّر على عمل فريق التحقيق داخل ليبيا، ولم يتمكن الفريق في الفترة الأخيرة من زيارة هذا البلد. وقال إنه يعتزم زيارتها في مطلع العام المقبل.
وتحدث عن إحراز تقدم في التحقيقات على الرغم من الصعوبات، مشيراً إلى أنّ فريق التحقيق تمكّن من إجراء المقابلات خارج ليبيا، ويعمل على التحقق من عدد من التقارير التي وصلت إلى مكتبه بما فيها تلك المتعلقة بوفاة عدد من المتهمين، من بينهم التهامي محمد خالد.
وأضاف: “منذ تحويل الملف الليبي إلى المحكمة الجنائية الدولية عام 2011؛ فإنّ التبليغ عن الجرائم المرتكبة في ليبيا مستمر، وخاصة تلك المرتكبة ضد النساء والأطفال كما ضد الرجال. ويجب أن نسرّع من وتيرة العمل، ونحتاج الكثير من الدعم، بما في ذلك الدعم المادي، وانخراطاً أكبر من مجلس الأمن”.
وقال إنّ المحكمة الجنائية الدولية تنظر في عدد من القضايا من بينها الهجمات على طرابلس في إبريل 2019، والمقابر الجماعية بما فيها مقابر ترهونة، ومراكز الاحتجاز في ليبيا.
وأكد وصول الكثير من التقارير إلى المحكمة حول مراكز الاحتجاز الرسمية وغير الرسمية في ليبيا، بما فيها مزاعم حول ارتكاب جرائم مختلفة كالقتل والاغتصاب والعنف الجنسي والتعذيب ضد المحتجزين من المهاجرين. وأشار إلى “وجود مزاعم بارتكاب جرائم في سجون ليبية مختلفة، أحدها تسيطر عليه قوات الردع الخاصة، كما ثمة تقرير حول ارتكاب جرائم في مواقع تسيطر عليها القوات المسلحة العربية الليبية بقيادة خليفة حفتر”.
وطلب من السلطات الليبية والدول الأطراف، التواصل وتقديم المساعدات “لوقف المعاناة والجرائم المرتكبة في ليبيا”، مشدداً على أهمية الشراكة والتعاون مع السلطات الليبية لحل تلك القضايا.
وحول وضع المهاجرين في ليبيا، قال خان إنّ “التقارير التي تصلنا حول أوضاعهم مقلقة للغاية، وهناك مزاعم تشير إلى غارات وتفتيش أماكن توطينهم في طرابلس، واستخدام القوة المفرط ضدهم، واحتجازهم بشكل تعسفي”. وطالب السلطات الليبية بأن تقوم بالتحقيق ومساءلة مرتكبي هذه الجرائم. وأكد على ضرورة أن تقدم الدول دعماً مادياً كافياً للمحكمة الجنائية الدولية لكي تقوم بالتحقيقات في الملفات المختلفة، بما فيها الملف الليبي.
من جهته، قال مندوب ليبيا إلى الأمم المتحدة في نيويورك، طاهر السني، إنّ “تحقيق العدالة على الأراضي الليبية هو اختصاص سيادي وولاية قضائية وطنية من أجل مقاضاة أي متهم وفقاً لقانون العقوبات الليبي، والذي يعكس السيادة الليبية على إقليمها ومواطنيها”.
وحول تعاون بلاده مع المحكمة الجنائية الدولية، قال السني إنه “يأتي بناء على مذكرة التفاهم بين مكتب النائب العام الليبي ومكتب المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية، بوصفه دوراً مساعداً للقضاء الليبي، وليس بديلاً عنه”.
وأوضح السفير الليبي أنّ الكثير من القضايا المحالة إلى المحكمة الجنائية الدولية “انتقائي ومسيس”.
وتحدّث عن اكتشاف مقابر جماعية جديدة في مدينة ترهونة، آخرها قبل أسبوع. وعبّر عن دعم بلاده للتعاون القائم بين مكتب النائب العام والمحكمة الجنائية الدولية حول التحقيقات بخصوص تلك المقابر، وغيرها من الانتهاكات وجرائم الحرب التي وقعت خلال السنوات الماضية “دون استثناء”.
الأمم المتحدة: استقالة كوبيتش لم تكن مفاجئة ونعمل على وجه السرعة لملء المنصب
وفي سياق ليبي آخر، قال المتحدث الرسمي باسم الأمين العام للأمم المتحدة، ستيفان دوجاريك، إنّ استقالة يان كوبيتش، مبعوث الأمم المتحدة لليبيا، لم تأت مفاجئة للأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيرش.
وجاءت تصريحات دوجاريك خلال المؤتمر الصحافي اليومي، الذي يعقد في نيويورك، ورداً على أسئلة صحافية حول أسباب استقالة كوبيتش، وما إذا كانت قد فاجأت غوتيريس. وأضاف دوجاريك: “ربما جاءت استقالة كوبيتش مفاجئة للبعض؛ لكن ليس للأمين العام. أما حول أسباب استقالته، فأعتقد أنّ هذا السؤال يجب أن يوجه إليه”.
ويذكر في هذا السياق أنّ بعض الدول الأعضاء في مجلس الأمن، بما فيها روسيا، قد أعربت عن رغبتها بأن ينقل مقر ممثل الأمين العام من جنيف إلى ليبيا أو تونس.
وجدد مجلس الأمن لعمل بعثة الأمم المتحدة لليبيا في سبتمبر الماضي، حتى نهاية شهر يناير المقبل، بدلاً من التجديد المعتاد لمدة سنة. وجاء ذلك من أجل العمل خلال الأشهر المقبلة على ردم الهوة في مواقف الدول الأعضاء في مجلس الأمن حول تفاصيل عمل بعثة الأمم المتحدة لليبيا ومهامها.
ويدور نقاش في مجلس الأمن حول إعادة تنظيم قيادة البعثة السياسية الأممية إلى ليبيا وعملها، بما فيها نقل مقر المبعوث الأممي إلى ليبيا أو تونس. ويبدو أنّ كوبيتش كان متحفظاً على نقل مقره من جنيف، بحسب مصادر دبلوماسية.
وأكد دوجاريك أنّ كوبيتش سيستمر في منصبه إلى أن يتم تعيين مبعوث جديد خلفاً له. كما سيقدم كوبيتش إحاطته أمام مجلس الأمن حول آخر التطورات السياسية في ليبيا، صباح الأربعاء بتوقيت نيويورك، خلال جلسة المجلس الشهرية، بحسب دوجاريك.
وأكد دوجاريك أنّ الأمين العام للأمم المتحدة قَبِل استقالة كوبيتش، مشيراً إلى أنّ البحث يجري حالياً عن بديل له. وأضاف دوجاريك: “نعي تماماً أن الانتخابات الليبية على الأبواب، وأود لفت الانتباه إلى أنّ لدينا وجوداً قوياً على الأرض في ليبيا، وسيواصل جميع زملائنا، كما فعلوا بالماضي، العمل مع المؤسسات الليبية في ضوء الانتخابات المقبلة، ناهيك بالتحديات الإنسانية التي يواجهها الشعب الليبي”.
وأضاف دوجاريك: “كما أنّ هناك فريقاً فنياً يواصل العمل وتقديم الدعم للسلطات الليبية ولجنة الانتخابات. نعمل على وجه السرعة لملء المنصب لضمان الاستمرارية، لكن أعتقد أنه من المهم أن أذكر أنّ دعم الأمم المتحدة للشعب الليبي، ودعم الأمم المتحدة للعملية الانتخابية، مستمر بلا هوادة”.