
الناس-
اشتكت المبعوثة الأممية إلى ليبيا “هانا تيتيه” من القيادات الليبية الحالية الذي يعربون عن التزامهم بالمشاركة البناءة معها “إلا أن أفعالهم لم تكن متطابقة بما يكفي مع أقوالهم”.
وأوضحت في إحاطتها عن الوضع الليبي أمام مجلس الأمن الأربعاء (15 اكتوبر 2025م) إنها تعمل مع مجلسي النواب والدولة على المضي في خارطة الطريق المعلن عنها في أغسطس الماضي، وإذا لم تنجح فإنها “ستتبنى نهجا بديلا”، ملتمسة الدعم من مجلس الأمن للوصول إلى نتائج مجدية. مضيفة أن “ما يستحقه الشعب الليبي هو الاستقرار السياسي والسلام الدائم، والبعثة ملتزمة بدعم ذلك”.
وشكرت تيتيه في مطلع كلمتها أعضاء مجلس الأمن على دعمهم لخارطة الطريق التي تقدمت بها، والتي تضمنت إنهاء الفترة الانتقالية، وتوحيد المؤسسات، وإجراء انتخابات رئاسية وتشريعية في غضون 18 شهرا، مع عقد حوار شامل. قبل أن تشرع في استعراض التقدم في الخريطة.
وذكرت بأنه كان على مجلس النواب والدولة إتمام الإطار الدستوري والقانوني المنظم للانتخابات، وإعادة تشكيل مفوضية الانتخابات في شهرين، متأسفة على أنهما لم يحققا أيا من الهدفين. الأمر الذي يدفعها إلى اتباع نهج آخر. دون تحديده بدقة.
المبعوثة أضافت بأنها تمضي قدما في استعداداتها للحوار المهيكل في نوفمبر القادم، الذي يشرك شرائح واسعة من المجتمع، للإسهام في بلورة عملية سياسية شاملة، على أربعة محاور وهي: الحوكمة، الاقتصاد، الأمن، والمصالحة الوطنية وحقوق الإنسان، وستبحث البعثة خلال أكتوبر الجاري مسألة إشراك جميع أطياف النسيج الاجتماعي وتنوعه الجغرافي والثقافي واللغوي، وستلتزم بتمثيل المرأة بنسبة (35%) مع تسهيل مشاركة الشباب.
من ناحية أخرى أشادت في كلمتها بالمجلس الرئاسي “لاقتراحه مبادرات لمعالجة الأزمة السياسية في البلاد”، كان قد عبر عنها الرئيس المنفي خلال اجتماع الجمعية العامة لمعالجة الجمود السياسي في ليبيا، موضحة أن المبادئ التي أعلن عنها “مشابهة إلى حد كبير لمبادئ خارطة الطريق”.
وتطرقت تيتيه في كلمتها للوضع الأمني، معرجة على التوترات التي شهدتها العاصمة طرابلس في الأشهر الماضية، مذكرة بأن “قد هدد استمرار المواجهة بين حكومة الوحدة الوطنية وجهاز الردع لمكافحة الجريمة المنظمة والإرهاب الهدنة التي تم التوصل إليها في مايو 2025، مما أثار قلق الرأي العام بشأن خطر التصعيد العسكري في العاصمة”.
وأعربت عن سرورها بأن التوترات قد خفت حدتها، مشيدة بتدخلات تركيا في هذا الصدد، والتي توصلت إلى انسحاب جهاز الردع من المنطقة المدنية بمطار امعيتيقة، وبدء انسحاب القوات الموالية لحكومة الوحدة الوطنية القادمة من خارج طرابلس من العاصمة وتعيين رئيس جديد لهيئة الشرطة القضائية وقائد جديد لقوات أمن المطار وتسليم المحتجزين إلى مكتب النائب العام. لكنها أشارت إلى “أن الوضع ما يزال في غاية الهشاشة”. الأمر الذي يهدد التقدم السياسي. ما يدعو إلى إصلاح قطاع الأمن في المنطقة الغربية، داعية المجلس الرئاسي لوضع الآلية والمضي قدما فيها.
وعن الانتخابات أشادت المبعوثة الأممية بنجاح انتخابات المجالس البلدية في 23 أغسطس الماضي في سبع بلديات بعد تعليقها مؤقتا، كما رحبت باستئناف العملية الانتخابية البلدية في ست عشرة بلدية إضافية كانت قد منعت من إجرائها سابقا.
وفي الملف الاقتصادي ركزت الإحاطة على الخلل الكبير في إدارة الاقتصاد والمال، وعدم وجود ميزانية موحدة، والافتقار إلى الآليات اللازمة لضبط النفقات في جميع أنحاء ليبيا.
وأضافت أن “الممارسات التي تنتعش في بيئاتٍ تتسم بضعف الرقابة، مثل غسيل الأموال وتهريب الوقود المدعوم عبر شبكات التهريب، تُثقل كاهل الشعب الليبي، ولا سيما الفئات الأكثر ضعفاً. كما إن الفساد الذي يخدم مصالح خاصة بعينها لا يؤدي سوى إلى تبديد الاستثمارات الأساسية في التنمية مثل الرعاية الصحية والتعليم والتوظيف، وخاصة بالنسبة للنساء والفئة الكبيرة جداً من الشباب”.
وأعربت عن القلق من إعلان مصرف ليبيا المركزي عن (10) مليار دينار من العملة المحلية أدخلت للبلاد عبر قنوات غير قانونية، الأمر الذي يقوض الثقة بالدينار، مرحبة بمعالجات المصرف المركزي للأمر.
وانتقدت المبعوثة الأممية المؤسسات الموازية، معرجة على وجود “آليتان قضائيتان دستوريتان تعملان في آن واحد في الشرق والغرب، لكنهما تعملان بشكل متعارض، وهذا يسبب بلبلة قانونية ويفاقم من تآكل مؤسسات الدولة الحيوية”.
وفي ملف المصالحة عرجت في إحاطتها على “المقابر الجماعية، وحالات الاختفاء القسري” وكيف يجري خبراء ليبيون “حاليا” مراجعة لمشروع قانون بشأن المفقودين لضمان امتثاله للمعايير الدولية قبل عرضه على الأجسام التشريعية، وأشارت إلى تقارير يجري التحقق منها بنقل معتقلين تعسفيا من معيتيقة إلى مراكز احتجاز تابعة لوزارة العدل، مطالبة السلطات ببذل الجهود لمعالجة وضع محتجزين آخرين في مراكز تديرها مجموعات مسلحة خارجة عن سيطرة الدولة.
ولم تنس تيتيه الإشارة إلى القيود المالية التي تواجهها بعثتها، لكنها أكدت أن لديها هدفا استراتيجيا واحدا وهو “تيسير عملية سياسية موثوقة وشاملة تُعيد الشرعية الوطنية والتماسك المؤسسي” في ليبيا.