اخباراقتصادالرئيسية

الليبيون يدفعون ثمن تراجع سعر الدينار مقابل الدولار

العربي الجديد-

شهدت الأسواق الليبية، خلال الفترة الأخيرة، ارتفاعاً ملحوظاً في أسعار السلع على خلفية تراجع سعر الدينار، حيث تراوحت الزيادة في الأسعار بين 18% و20%، وشملت الزيادة السلع الأساسية والكمالية، بالإضافة إلى المواد التشغيلية التي تعتمد عليها المصانع.

ويأتي هذا الارتفاع في الأسواق المحلية بالتزامن مع تخفيض قيمة الدينار الليبي رسمياً بنحو 13%، إذ تراجع سعر الصرف إلى 6.4 دنانير للدولار، متضمناً ضريبة بنسبة 15% على بيع النقد الأجنبي. وقال تجار في سوق الكريمية لـ”العربي الجديد” إن أسعار السلع الضرورية ارتفعت من جهة الموردين بشكل عام، حيث قفزت بنسبة تتراوح بين 18 و20%.

تداعيات تخفيض الدينار

في هذا السياق، أوضح تاجر جملة، مجدي بن صالح، لـ”العربي الجديد” أن هذا الارتفاع السريع في الأسعار جاء نتيجة مباشرة لتخفيض قيمة الدينار الليبي، وتراجع قيمة العملة في السوق الموازية، مشيراً إلى أن ليبيا تعتمد بشكل شبه كامل على الاستيراد، ما يجعلها عرضة لأي تقلب في سوق الصرف.
من جانبه، قال المورد عز الدين الرقيق لـ”العربي الجديد” إن الوضع أصبح أكثر تعقيداً بالنسبة للمستوردين، موضحاً أنه عندما يكون سعر الدولار الرسمي 5.5 دنانير، وتضاف عليه ضريبة الدولار، هذا ينعكس مباشرة على تكلفة السلع التي نستوردها، فهناك تكاليف الشحن، والجمارك، والتخزين. وأضاف: المواطن يلومنا على الأسعار، لكننا نعمل تحت ضغط شديد، ومع غياب التسهيلات أو البدائل من الدولة، يصعب خفض الأسعار.

في السياق ذاته، أكد الناطق باسم وزارة الاقتصاد والتجارة بحكومة الوحدة الوطنية، فوزي وادي، أن الأسواق شهدت زيادات فعلية في أسعار اللحوم البيضاء والحمراء، مرجعاً ذلك إلى انخفاض قيمة الدينار وارتفاع تكلفة الاستيراد. وأضاف أن الوزارة ترى ضرورة إعادة النظر في الضريبة المفروضة على بيع النقد الأجنبي، وتقليص الإنفاق على السلع غير الأساسية، والعمل على وضع سياسات تجارية ومالية متكاملة لمعالجة الأزمة.

ووفقاً لما ورد عن شبكة التجارة الإلكترونية التابعة لوزارة الاقتصاد، فإن الأسعار قد ترتفع بنسبة تصل إلى 25%، خلال الفترة القادمة، إلى جانب زيادات مرتقبة في أسعار المنتجات المحلية، وذلك بسبب تراجع نشاط الاستيراد الناتج عن ضعف التغطية النقدية وانخفاض القوة الشرائية للدينار

من ناحية أخرى، أكد أستاذ الاقتصاد بالجامعات الليبية، عادل المقرحي، لـ”العربي الجديد” أن تخفيض قيمة العملة الليبية أدى إلى زيادة كبيرة في تكلفة الاستيراد، مما ساهم في ارتفاع الأسعار، وتراجع القدرة الشرائية للمواطن.

ومع غياب الدعم الفعّال والرقابة على الأسواق، فإن الوضع مرشح لمزيد من التضخم في حال لم تُتخذ إجراءات تصحيحية واضحة تشمل تعديل سعر الصرف، وتخفيف العبء الضريبي، وتعزيز الإنتاج المحلي، حسب المقرحي.
وأكد محللون أن ضريبة مارس/ آذار 2024 ساهمت في تعميق حالة الركود الاقتصادي، من خلال رفع التكاليف وتقليص الاستهلاك، تلاها في 2025 تخفيض إضافي لقيمة العملة زاد من حدة التضخم، وأضعف القدرة الشرائية.

في المقابل، لم تشهد المرحلة الأخيرة تحركاً جاداً من وزارة الاقتصاد لمواجهة هذه التحديات، وسط غياب التنسيق المؤسسي والسياسات المتكاملة، ما أدخل البلاد في حلقة مفرغة من التضخم والانكماش الاقتصادي.

وحذّر الخبير الاقتصادي، والمستشار الأسبق لمصرف ليبيا المركزي، محمد أبوسنينة، من دخول الاقتصاد الليبي مرحلة الركود التضخمي الحاد، موضحاً أن هذا الوضع يتمثل في تراجع النشاط الاقتصادي، وارتفاع معدلات البطالة، وتزايد التضخم، وهو نتيجة مباشرة لتضارب السياسات النقدية، وغياب سياسات مالية وتجارية مصاحبة.

ودعا أبوسنينة إلى تبني برنامج إنقاذ اقتصادي شامل، ومراجعة السياسات النقدية المعلنة، وإنهاء حالة الانقسام السياسي، إلى جانب العمل على زيادة إنتاج وتصدير النفط والغاز، والسيطرة على الإيرادات النفطية، وتوريدها إلى مصرف ليبيا المركزي.

تقليص الواردات

من جهته، يقول مسؤول بالشركة الاشتراكية للموانئ إن حجم البضائع المشحونة والمفرغة عبر الموانئ الليبية سجل انخفاضاً ملحوظاً خلال عام 2024 مقارنة بعام 2023، بنسبة بلغت نحو 40%، مرجعاً ذلك إلى تأثير ضريبة الدولار التي ساهمت بشكل مباشر في تراجع حركة الاستيراد.

وأوضح المسؤول لـ”العربي الجديد” أن استمرار فرض الضريبة على بيع النقد الأجنبي رفع من تكاليف الاستيراد، مما دفع العديد من التجار إلى تقليص حجم وارداتهم. وأضاف أن التخفيض الجديد لقيمة الدينار الليبي في عام 2025، فاقم الوضع، وأدى إلى انكماش أكبر في حركة الواردات السلعية، مشيراً إلى أن الموانئ تعكس بوضوح المؤشرات الاقتصادية، من خلال تراجع نشاط الشحن والتفريغ.

ويرى صندوق النقد الدولي أن متوسط معدل التضخم سيستقر في عام 2025 عند المستوى نفسه (2.9%) على أن يتراجع في عام 2026 إلى نحو 2.6%. وأوضح أن التضخم ظل منخفضاً على الرغم من انخفاض سعر الصرف الموازي. ومع دعم أسعار معظم السلع والخدمات أو إدارتها، فإن التضخم يميل إلى عدم تتبع تحركات أسعار الصرف، على الرغم من أن الواردات تشكل حوالي نصف سلة الاستهلاك.

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى