العربي الجديد-
حتى اليوم، لم توفر السلطات في ليبيا الكتاب المدرسي للتلاميذ، على الرغم من مرور أكثر من شهر على بدء العام الدراسي. ووسط صمتها عن تحقيق وعودها بقرب توفيره، طالب عدد من الأهالي وزارة التربية والتعليم بنشر الكتاب المدرسي إلكترونياً ليتمكنوا من طباعته ورقياً. وأقدم البعض على شرائه مصوراً من المكتبات.
وكانت الصفحة الرسمية لوزارة التربية والتعليم بحكومة الوحدة الوطنية، قد نشرت على صفحتها على موقع فيسبوك، في التاسع والعشرين من سبتمبر الماضي، صوراً لجولة أجراها وزير التربية والتعليم موسى المقريف، على المخازن الرئيسية، أشار فيها إلى أن الوزارة بدأت في نقل الكتاب المدرسي من المخازن الرئيسية إلى المخازن الفرعية في مختلف البلديات. وكتبت خبراً عاجلاً على ذات الصفحة في السادس من أكتوبر الماضي جاء فيه: “الكتاب المدرسي سيتوافر للقطاع الخاص مجاناً”، قبل أن تغرق في أخبار متابعة امتحانات الشهادة الثانوية ونتائجها من دون أي إشارة إلى الكتاب المدرسي.
وبدأ العام الدراسي الجديد في 16 أكتوبر، ونشرت الوزارة صوراً تظهر بدء وصول التلاميذ إلى مدارسهم في أنحاء البلاد كافة، “تنفيذاً للتواريخ التي صدر بشأنها قرار وزير التربية والتعليم”. وقضى تلاميذ المرحلة الأساسية في ليبيا العام الدراسي الماضي من دون كتاب مدرسي، من جراء نشوب أزمة الكتاب المدرسي التي عرّضت وزير التربية والتعليم للتوقيف على ذمة التحقيق في القضية.
وعلى الرغم مما تخلل الأزمة العام الماضي من وعود حكومية بسرعة حلها، إلا أن تلاميذ المدارس اضطروا إلى شراء الكتاب المدرسي مصوراً من المكتبات التجارية، وهو ما دعت إليه أم فداء، وهي من جنزور غرب طرابلس. وتقول لـ”العربي الجديد”: “نعرف أن الكتاب لن يتوافر هذا العام أيضاً. الوعود لن تتحقق كما تعودنا. والأمر ليس محصوراً بالكتاب المدرسي فحسب، بل بوعود السلطات في مجالات أخرى. على الأقل، تنشر الوزارة الكتاب إلكترونياً لنتمكن من طباعته”.
تلفت أم فداء، التي تدرس ابنتها في الصف السادس ابتدائي، إلى أن بعض المدارس بدأت بإقامة اختبارات شهرية للتلاميذ بعد مضي شهر تقريباً على بدء العام الدراسي. وتقول: “نجد صعوبة في متابعة أولادنا لدروسهم، ليتمكنوا من التحضير للاختبارات الشهرية دون كتاب مدرسي”.
وفي مطلع أكتوبر، عقد مدير مركز المناهج التعليمية والبحوث التربوية التابع لحكومة الوحدة الوطنية كامل الويبة، مؤتمراً صحافياً، أعلن فيه أن عملية توزيع الكتاب المدرسي على مدارس البلاد كافة لن تتجاوز عشرة أيام بعد بداية العام الدراسي الجديد. واستعرض الويبة في المؤتمر العراقيل التي حالت دون البدء بطباعة الكتب خلال العام الحالي، ومنها تأخر صرف الاعتمادات المخصصة للطباعة والتوريد حتى 11 سبتمبر الماضي، لكنه أكد أن مخازن الوزارة يتوافر فيها قبل البدء بالطباعة أكثر من 40 في المائة من حاجة مدارس البلاد من الكتب المدرسية.
وفي رصد جديد لأعداد تلاميذ المرحلة الأساسية، أوضح الويبة أن عددهم لهذا العام مليون و420 تلميذاً وتلميذة، من بينهم 173,700 جدد سُجلوا في الصف الأول الابتدائي.
وبالفعل، بدأت بعض المكتبات في بيع الكتاب المدرسي مصوراً. ويؤكد أبو بكر بوشليف، وهو والد لأربعة أولاد يدرسون في المرحلة الأساسية، أنه اشترى المقرر الدراسي لأولاده الأربعة الذين يدرسون في الصف الثاني والرابع والخامس والسابع في المرحلة الأساسية، قائلاً لـ”العربي الجديد”: “لن أتركهم دون كتاب مدرسي، وبانتظار وعود لن تنفذها السلطات”. ويسأل: “أين النسبة التي تحدثت عنها الوزارة من توافر الكتاب المدرسي؟ كان الحديث صراحة أن الشهر الأول من العام الدراسي لن ينتهي إلا والكتاب المدرسي متوافر بالكامل، لكن ذلك لم يتحقق، فاشتريت لأولادي كتبهم مصورة”.
كما استفاد بشير الوندي، وهو من منطقة الزهراء غربيّ طرابلس، من كتب بعض أولاده الأكبر سناً. ويقول: “خلال العام الماضي، حرصت على سلامة كتب بعض أولادي ليتمكن الأصغر سناً من الاستفادة منها. ابني الثاني استفاد من كتب ابني الأكبر الذي يكبره بعام واحد، وتمكنت من الحصول على كتب ابني البكر من جار ليبي”. ويشكك في حديثه لـ”العربي الجديد” في توفير الكتاب المدرسي لهذا العام أيضاً.
ومنتصف العام الدراسي الماضي، بدأت حملات تطوعية لجمع الكتب القديمة من تلاميذ رُفِّعوا إلى صفوف أخرى حتى يستفيد منها تلاميذ العام الحالي. ودعا المتطوعون أولياء الأمور ممن لديهم القدرة المادية على تصوير كامل المنهاج والتبرع بالكتب القديمة لتلاميذ الأسر الفقيرة، وجمع التبرعات اللازمة لتصوير الكتب وجمعها وإعادة توزيعها على مختلف المدارس.