عربي 21-
سلطت صحيفة الغارديان البريطانية الضوء على الأزمة السياسية الراهنة والصراع على السلطة بين الأطراف الليبية المختلفة، وسط سخط غربي من عدم اكتراث السياسيين بإجراء انتخابات لتجديد السلطات، كونهم مستفيدين من الوضع القائم.
وفي تقرير لها بعنوان “ارتفعت رواتب السياسيين الليبيين بنسبة 40٪ مع استمرار المأزق الانتخابي” ترجمته “عربي21″، قالت الصحيفة إن “القادة الغربيين ينفد صبرهم مع النخبة السياسية الليبية الراسخة التي فشلت بشكل جماعي في الاتفاق على أساس الانتخابات لأكثر من عام لكنها رفعت رواتب السياسيين بأكثر من 40٪، وفقًا للأرقام الرسمية”.
ومن المقرر أن يجتمع مبعوثون خاصون من الولايات المتحدة وفرنسا وألمانيا وإيطاليا والمملكة المتحدة في واشنطن يوم 13 فبراير لمناقشة خطواتهم التالية بعد فشل مجلسي الدولة والنواب الأسبوع الماضي في التوصل إلى اتفاق نهائي في القاهرة بشأن الأساس الدستوري للانتخابات الوطنية.
وسينظر اجتماع المبعوثين الخاصين في كيفية إجراء الانتخابات وما إذا كان يجب حث المبعوث الأممي الخاص الجديد عبد الله باثيلي على تحديد موعد نهائي لإنشاء هيئة وطنية ليبية للاتفاق على الانتخابات.
وأُجهضت الانتخابات الرئاسية والبرلمانية في كانون الأول/ ديسمبر 2021، وتعثرت أيضًا جهود سابقة بقيادة فرنسا لإجراء انتخابات في عام 2018، بينما ما زالت تحكم ليبيا منذ ما يقرب من عقد سلسلة من الحكومات المؤقتة المتنافسة وغير المنتخبة.
ونقلت “الغارديان” عن أحد الدبلوماسيين الغربيين الغاضبين قوله: “إنهم يبذلون جهودًا مخلصة في الوساطة، لكن الطابع الثابت للعديد من السياسيين الليبيين على جانبي الانقسام هو التشدق بضرورة الانتخابات ثم القيام بكل ما هو ممكن لتعطيلها، حتى يتمكنوا من الاستمرار في ملء جيوبهم”، مضيفا أنه “لم يعد لدينا أمل في إقناع هؤلاء الأشخاص بالموافقة على الانتخابات، وقد نبحث طريقة للتغلب عليهم بدلاً من ذلك”.
وكانت لقاءات عقدت مؤخرا في القاهرة بين رئيس مجلس النواب عقيلة صالح، ورئيس مجلس الدولة، قد أحرزت بعض التقدم في المسار والقاعدة الدستورية التي تعد أساسا لإجراء الانتخابات، لكن الخلاف لم يحسم بعد، ويتركز في ترشح مزدوجي الجنسية للانتخابات الرئاسية، وترشح العسكريين أيضا.
ولفتت الصحيفة إلى أن “سمعة الطبقة السياسية تتعزز بسبب أرقام مصرف ليبيا المركزي التي نُشرت الأسبوع الماضي، حيث ارتفعت رواتب موظفي الدولة، بما في ذلك رواتب السياسيين، بنسبة 42٪ إلى 47 مليار دينار لعام 2022، مقارنة بـ 33 مليار دينار في العام السابق”.
ولا يزال النفط المصدر الرئيسي لإيرادات الدولة، بقيمة 134 مليار دينار (29 مليار دولار).
وقالت الغارديان، إن مجلس النواب الذي انتخب آخر مرة دفع في 2016، مبلغ 144 مليون دينار أو 30 مليون دولار، فيما تلقى المجلس الأعلى للدولة منذ عام 2012، حوالي 49 مليون دينار، أي 10 ملايين دولار.
كما دفعت الحكومة المؤقتة التي تتخذ من طرابلس مقراً لها، ويقودها رئيس الوزراء المؤقت عبد الحميد دبيبة، فوائد بمليارات الدولارات.
وتنقل الصحيفة عن المنتقدين قولهم: “إنه حتى مع السماح بتخفيض قيمة الدينار الليبي، فإن حجم الرواتب والمصروفات يشير إلى أن الطبقة السياسية غير الخاضعة للمساءلة حريصة على تجنب الحكم الصادر عن صندوق الاقتراع”.
وقال تيم إيتون، الخبير في شؤون ليبيا في “تشاتام هاوس”: “أرقام البنك المركزي هذه لا تزال غامضة، لكن من الواضح أن الإنفاق على الرواتب مرتفع بشكل مذهل. بالنظر إلى حجم الأموال التي يُفترض أن تُنفق على الخدمات العامة، فإن الناس العاديين في ليبيا لا يتلقون مستوى كافيا من الخدمة “.
وقالت المبعوثة السابقة للأمم المتحدة في ليبيا، ستيفاني ويليامز، مؤخرًا: “إن الطبقة الحاكمة تستخدم مؤسسات الدولة والمؤسسات السيادية الليبية كأبقار نقدية فيما يمكن وصفه، باعتبارها سلطة كليبتوقراطية إعادة توزيع، تجلب إلى دوائرها على أساس منتظم ما يكفي من مواطنيها للحفاظ على النظام “. وقالت إن بعض السياسيين الليبيين ببساطة لا يرون الحاجة لإجراء انتخابات.
الإحباط الشعبي من غياب الانتخابات موجود، ونقلت الصحيفة عن عارف النايض، رئيس حركة إحياء ليبيا، في بيان: “لا مانع من إجراء الانتخابات إلا طغمة سياسية فاسدة تتقاتل على كل شيء، لكنها متحدة في مصادرة حق الشعب الليبي في تقرير مصيره وتقاسم ثروته “.
وقالت زهرة لونغي الناشطة في مجال حقوق المرأة: “النخب السياسية بما في ذلك محافظ البنك المركزي ومجلس إدارة البنك المركزي استفادوا منذ فترة طويلة من ثقافة الإفلات من العقاب. وتشهد ليبيا حالة من الجمود في المسار السياسي وانقسام واستيلاء على مؤسسات الدولة التي تحيل على الشعب الليبي حقه في انتخاب ممثليه”.
ويدور الجدل بين الدبلوماسيين الغربيين حول ما إذا كان سيتم تحديد موعد نهائي صارم للمؤسسات السياسية الليبية للتوصل إلى اتفاق على أساس الانتخابات، وإذا لم يتم الوفاء بهذا الموعد النهائي، وما إذا كان سيتم إطلاق عملية جديدة.