العربي الجديد-
بينما بدأت العديد من الدول بالتخلي عن نظام الكفيل، أعلن وزير العمل في حكومة الوحدة الوطنية الليبية، علي العابد، اتجاه حكومته إلى اعتماد نظام “الكفيل الخاص” لتقنين العمالة الأجنبية، مشيراً إلى أن “الشركات المحلية ستكون الكفيل الرسمي أمام الدولة الليبية للعمالة الأجنبية التي سيجري استجلابها”.
وقال العابد في تصريحات إعلامية ” إن نظام الكفيل إجراء جديد تنص عليه الفقرة السادسة من القانون رقم 24 لسنة 2023، “بشأن مكافحة توطين الأجانب في ليبيا”. وأثار القرار الليبي الجديد مخاوف لدى العمالة التونسية في ليبيا والباحثين عن فرص عمل هناك من فرض قيود جديدة عليهم وتقييد تنقلهم الوظيفي في ظل المنافسة الكبيرة على سوق العمل في ليبيا.
وبدأت السلطات الليبية بالفعل بتطبيق النظام الجديد، حيث قررت فترة سماح ممنوحة حالياً، مدتها 90 يوماً، للعمالة الأجنبية من أجل تسوية وضعيتها حيث يتعين خلال هذه الفترة على العامل المقيم في ليبيا الاتجاه إلى أقرب مكتب عمل لتعبئة بياناته”.
وأعلن وزير العمل أن العمالة الوافدة يمكنها التوجه نحو 130 مكتباً في أنحاء البلاد، فضلاً عن التطبيق الإلكتروني الخاص بمنصة “وافد” الرقمية، يستطيع من خلالها العامل الأجنبي تعبئة بياناته. وأكد التونسي سفيان العمدوني (36 عاماً) الذي يعمل في ليبيا في قطاع ميكانيكا الدراجات النارية أن مشغله الليبي طلب منه تسوية وضعيته مع بدء تفعيل نظام الكفيل عبر إظهار شهادة تدريب رسمية في تخصصه بما يساعد على قبول ملفه.
شكاوى العمالة التونسية
وقال العمدوني في تصريح لـ “العربي الجديد” إنه يعمل في ليبيا منذ أكثر من 18 شهراً استناداً إلى خبرته في مجال ميكانيك الدراجات النارية، من دون عقد عمل، وأيضاً من دون أن يطلب منه تقديم شهادة تدريب في هذا التخصص، مرجحاً أن تتغير المعطيات في سوق العمل هناك مع بدأ تفعيل نظام الكفيل. وتابع: “لا تزال الرؤية غير واضحة، لكن نخشى أن يفرض على حركة العمال قيود في الداخل الليبي”.
وتقول السلطات الليبية إن الهدف من تطبيق النظام تحميل الشركات وأصحاب العمل الليبيين مسؤولية تضامنية مع الدولة عن سلامة الأجانب العاملين في البلاد وأماكن وجودهم وسلامة إجراءاتهم القانونية والصحية. وقال وزير العمل الليبي “ليبيا لها وضعية خاصة بسبب ما تعانيه من مشكلات الهجرة غير النظامية التي زادت من صعوبتها ظروف البلاد، وموقعها الجغرافي واتساع رقعة حدودها”.
وشدد رئيس المجلس الأعلى لرجال الأعمال التونسيين الليبيين عبد الحفيظ السكروفي أن النظام الجديد سيكون ضامناً حقيقياً لحقوق العمال التونسيين في ليبيا، مشيراً إلى أن هذا النظام سيجبر المشغلين على إبرام عقود عمل رسمية وقانونية بين الكفيل أو صاحب العمل، والأجير.
وقال السكروفي في تصريح لـ “العربي الجديد” إن نحو 150 ألف تونسي يعملون في ليبيا في قطاعات البناء والخدمات الفندقية والمطاعم حيث سيكون “الكفيل هو من يشغل العامل، ولا يوجد وسيط في العملية بما يتيح للعامل الحصول على حقوقه الاجتماعية كاملة من تغطية صحية ومعاشات الضمان بعد الوفاة”.
حصة العمالة التونسية
وأشار المتحدث إلى أن التجارة البينية غير الرسمية لن تكون مشمولة بنظام الكفيل، لافتاً إلى أن التدفقات العمالية المهمة على ليبيا لا تشكل أي خطر على حصة العمالة التونسية في بلد الجوار ذلك أن أغلب التونسيين العاملين في ليبيا يشغلون تخصصات مهنية ولهم كفاءة عالية في مجالاتهم نظراً إلى حصولهم على شهادات التخصص التقني أو الجامعي.
وأوضح أن القطاع الخاص الليبي مشغل مهم ويوفر إمكانيات واسعة للتونسيين للعمل في اختصاصات مختلفة، لافتاً إلى أن توقيع العقود للعمل في القطاع الحكومي سيكون بشكل رسمي بين مسؤولين من البلدين. وأشار السكروفي إلى أن نظام الكفيل سيجعل استقطاع مساهمات الضمان الاجتماعي من مرتب العامل الأجنبي في ليبيا إجبارياً، حيث تنص اتفاقيات موقعة مع دول كثيرة على إحالة مساهمات الضمان لهؤلاء إلى أوطانهم الأصلية حتى يتم ضمان حقوقهم التقاعدية بعد انتهاء فترة العمل.
وانخفضت نسبة البطالة في تونس خلال الربع الأول من سنة 2024 إلى 16.2% مقابل 16.4% خلال الربع الرابع من سنة 2023 و16.1% خلال الربع الأول من سنة 2023، وفق ما أفاد به المعهد الوطني التونسي للإحصاء في نشرته حول مؤشرات التشغيل والبطالة.
وعام 2021 مثل ملف العمالة التونسية في ليبيا نقطة مهمة على جدول أعمال الزيارة الرسمية التي قام بها رئيس حكومة تونس حينها هشام المشيشي إلى طرابلس، إذ حصلت السلطات التونسية على تعهد رسمي من الحكومة الليبية بتسوية وضعية العمالة التونسية وفق عقود عمل تضمن الحقوق المالية والمعنوية. وإبان الثورة الليبية عام 2011 واجهت العمالة التونسية العائدة من ليبيا صعوبات مضاعفة بسبب تزايد أعداد التونسيين الفارين من الحرب الليبية بجيوب خاوية وحقوق اقتصادية واجتماعية مهدورة، إذ فقد حينها نحو 280 ألف تونسي وظائفهم.
ذات صلة:
“الدبيبة” يقرر إعادة نظام “الكفيل”.. ضبط للعمالة أم ضغط على مصر والمغرب؟