
الناس-
أبدى عضو مجلس الدولة وابن مدينة درنة “عبدالفتاح الشلوي” عدم ارتياحه لنتائج هيئة البحث والتعرف على المفقودين رغم تقديره “لعظيم مجهوداتهم” حسب تعبيره.
وعلق على المؤتمر الصحفي للهيئة بأنه لا يعده القول الشافي للإجابة عن سؤال أهل المدينة عن أعداد وأسماء من قضوا بالفيضان، بعد عامين من الكارثة.
واعتبر الشلوي أن مما فاقم الكارثة هو “سوء وتخلف الإدارة في ليبيا بشكل عام، وإهمال التوثيق اللحظي، والاهتمام بالتحليل، والتسبيب، ودهس أهمية عامل الزمن وفروقاته حتى في حوادث السير، فما بالك بحجم كاثرة الـ125) سنة الفائتة. كما وصفها تقرير البنك الدولي”.
وذكر في تعليقه بتقرير البنك الدولي المفصل عن الكارثة في تقريره المكون من (202) صفحة، والذي استغرق إعداد أربعة أشهر –حسب قوله- مستهجنا رفض وزير الحكم المحلي للتقرير، بحجة أنه استقى معلوماته من الانترنت.
وقال الوزير حينها بصفته رئيس لجنة الأزمة بأن وزارته ستصدر الكلمة والبيان الذي لا يختلف عليه اثنان، “ومن يومها ونحن ننتظر”- يقول الشلوي.
وعبر الشلوي في تدوينته التي صدرها بجملة “الحقيقة أن فيضان درنة مصيبة، حوت عشرات المصائب التي فاقمت من حجم الكارثة”.
وأوضح أن كمية الهطل المطري غير المسبوقة منذ قرن من الزمان، (427 ملم مقارنة بالحد الأقصى المتوقع سقوطه طيلة العام وهو 200 ملم). فهذه أولى النقاط التي فاقمت من حجم الكارثة.
ثانيها، امتلاء سد بومنصور خمسة أضعاف قدرته الاستيعابية؛ 18 مليون متر مكعب، فحجز حسب توقعات الخبراء من 80 – 100 مليون متر مكعب من المياه.
والنقطة الثالثة –حسب الشلوي- أن زمن الهطل على مناطق المد (65 كلم جنوب درنة، كبت عليها الأمطار بشكل كثيف تلك الكمية خلال أربع ساعات فقط، الأمر الذي جعل من عناصر مباغتة مدينة درنة ذو تأثير كبير واضح موجع.
والرابعة أن كتف الوادي الغربي انهار بطول 104م، وبارتفاع 19م، تراكمت بفعله مائات الآلاف من ركام التربة والصخور الثقيلة بمجرى الوادي، والتي دفعها السيل نحو مدينة ترقد على غفلة بسبات.
ويرى الشلوي في خامس النقاط أن مجرى الوادي من سد البلاد الأول ناحية الجنوب وبطول 1302م، بمتوسط عرضه 35م _40م، بين الضفتين، تطلب إنشاء 5 جسور وكباري هي: كوبري الميناء، ويعد أكبرها، وأولها من ناحية البحر، يليه ما يعرف عندنا “ببرخ” الديباني، وهو معبر مياه بارتفاع متر ونصف تقريبًا، وكأنه أنشئ وسط بساتين ومزارع!!!، يليه كوبري شارع البحر، الذي حل بديلا عن القوس الإيطالي، ومن بعده كوبري الصحابة، ثم كوبري شارع ابن سينا الغِرْ، حديث النشأة.
فهذه الكباري مجتمعة –يقول- شكلت وحدة تعطيل لطلائع الدفق الأولى، المقدرة في نصف ساعتها الأولى لهيج المياه، مما زاد الطين بلة.
وأوضح في النقطة السادسة شيئا عن جغرافية المدينة إذ “تتكون درنة من ثلاث مناطق، هضبتي الساحل الشرقي بومنصور، وهضبة باب شيحا -وهاتان بمنأي عن الغرق- أما البقعة الثالثة المبتلاة؛ فهي وسط البلاد المنخفض، وهي صرة تجمعات أهل درنة، من قبل استحداث الساحل وشيحا، وكانت حتى ليلة الكارثة، أما وسط البلاد -ثالث البقع- ليس له من وصف حقيقي إلا (بمركز الغمر) وهو الأعلى كثافة لتواجد السكان، وفيه بنايات تصل لثمانية طوابق.
ولسوء الطالع لم يكن لأهل المدينة ولا لسلطاتها المحلية ولا المركزية أي معلومات عما هو متوقع، فالمؤلم أن السلطة المحلية بقدر ما توفر لها من ظنون، تشتت بين التحوط لفيض بحري “تسونامي” ودفق جنوبي من سدي الوادي، وهذه هي النقطة السابعة، أما الثامنة فإن 100 كلم غرب درنة + 100 كلم غربها، منطقة سافرة منعدمة من أي وسائل للإرصاد الجوي، بما فيه ذاك الذي درسته بمنهج الجغرافيا، في الصف الأول الثانوي، ولو من خلال قياس سرعة واتجاه الرياح!
أما في النقطة التاسعة فما جرى أنه بناءً على تعليمات السلطة المحلية للمدينة؛ فقد حدثت حركة نزوح بين مناطق المدينة، خاصة بين (جنوبها وشمالها من وإلى، والعكس صحيح) فخلقت حالة إرباك، زاد من أعداد الضحايا.
وفي النقطة العاشرة والتي يراها من المسببات الثقيلة للكارثة، أن سدي وادي درنة -بومنصور. والبلاد- استغرق إنشاؤهما سنوات أربع، وعدة أشهر، كومت خلالها شركة “هيدروتندر” اليوغسلافية مئات الألاف من الكتل الصخرية المدموكة ومئات الآلاف من أطنان التربة، كلها مجتمعة؛ ساقتها مياه الفيض لوسط المدينة، فتحولت الصخور الكبيرة لدانات مدافع، دكت ما قابلها من مساكن وعمارات آهلة بالسكان، وتحولت التربة لفيض طيني لزج غليظ القوم، وصفه أهل المدينة بحواشيها أنه أربكهم وعطل حركة حتى من يجيد السباحة أو العوم.
فهذه النقاط العشر يرى الشلوي أنها فاقمت من حجم الكارثة. لكنه يرى أن الأسوأ هو الإدارة الليبية بشكل عام.
يشار إلى أن للشلوي عديد الإصدارات وقد صدر له بخصوص كارثة درنة كتاب “فيضان درنة. بين البحر والسدين” وثق فيه للكارثة، ونشره في يوليو 2024م.