السعودية تقر بوفاة خاشقجي في القنصلية وترامب يقول التفسير السعودي موثوق به
(رويترز)- قالت المملكة العربية السعودية يوم السبت (20 أكتوبر 2018) إن الصحفي المفقود جمال خاشقجي توفي إثر شجار داخل قنصليتها في اسطنبول وأقالت مسؤولين كبيرين بسبب الحادث في تفسير قال الرئيس الأمريكي دونالد ترامب إنه موثوق به لكن أعضاء الكونجرس الأمريكي يجدون صعوبة في تصديقه.
يأتي اعتراف السعودية بوفاة خاشقجي في القنصلية بعد أسبوعين من إنكار صلتها باختفائه وبعد مطالب متزايدة من حلفائها الغربيين بتقديم تفسير لما حدث.
وأثار اختفاء خاشقجي موجة غضب عالمية ودفع بعض أعضاء الكونجرس الأمريكي للمطالبة بإجراءات قاسية ضد الرياض.
وذكرت وسائل إعلام سعودية رسمية أن الملك سلمان بن عبد العزيز عاهل السعودية أمر بإقالة سعود القحطاني المستشار في الديوان الملكي، والذي يعد المساعد الرئيسي لولي العهد الأمير محمد بن سلمان، وأحمد عسيري نائب رئيس جهاز المخابرات.
ولم تقدم السعودية دليلا لدعم روايتها للأحداث التي أدت إلى وفاة خاشقجي ولم يتضح ما إذا كان الحلفاء الغربيون سيقتنعون بتفسير السعودية للأحداث.
وقال ترامب، الذي جعل من العلاقات مع السعودية نقطة رئيسية في سياسته الخارجية، للصحفيين في أريزونا ”أعتقد أنها خطوة أولى جيدة. إنها خطوة كبيرة. هناك ناس كثيرون، ناس كثيرون ضالعون، وأعتقد أنها خطوة أولى جيدة… السعودية حليف رائع. ما حدث غير مقبول“، مضيفا أنه سيتصل بولي العهد السعودي.
وأكد ترامب أيضا أهمية الرياض في مواجهة النفوذ الإيراني في الشرق الأوسط، وأهمية صفقات السلاح الأمريكية الضخمة للسعودية بالنسبة للوظائف الأمريكية.
لكن بعض النواب الأمريكيين أبدوا تشككهم في التفسير السعودي.
وقال السناتور الجمهوري لينزي جراهام، الذي انتقد السعودية بشدة بعد اختفاء خاشقجي، إنه متشكك جدا في تفسير السعودية لموت خاشقجي.
وقال جراهام على تويتر ”أقل ما يمكن أن أقوله هو إنني متشكك في الرواية السعودية الجديدة بشأن السيد خاشقجي“. وقال ترامب إنه يعمل أيضا مع الكونجرس فيما يتعلق بالخطوات المقبلة إلا ”أنني أفضل ألا نستخدم إلغاء صفقات حجمها 110 مليارات دولار، وهو ما يعني 600 ألف وظيفة، كعقاب… نحتاجها (السعودية) لمواجهة إيران“.
كان خاشقجي، وهو من المنتقدين البارزين لولي العهد السعودي وكان يقيم في الولايات المتحدة، كاتب عامود في صحيفة واشنطن بوست. وزاد الضغط من الغرب على السعودية لتقديم تفسيرات مقنعة لاختفائه.
واختفى خاشقجي بعد دخوله القنصلية في الثاني من أكتوبر للحصول على وثائق تتعلق بزواجه. وبعد ذلك بأيام قال مسؤولون أتراك إنهم يعتقدون أنه قًتل داخل القنصلية وهي مزاعم كانت السعودية تنفيها بشدة قبل الآن.
وقال النائب العام السعودي في بيان منفصل يوم السبت إن شجارا وقع بين خاشقجي وأشخاص قابلوه في القنصلية مما أدى إلى وفاته.
وأضاف البيان ”التحقيقات مستمرة مع الموقوفين على ذمة القضية والبالغ عددهم حتى الآن 18 شخصا جميعهم من الجنسية السعودية“.
وقالت مصادر تركية لرويترز إن لدى السلطات تسجيلا صوتيا قيل إنه يوثق مقتل خاشقجي داخل القنصلية.
ونشرت صحيفة يني شفق المؤيدة للحكومة التركية ما وصفتها بتفاصيل من التسجيل الصوتي تظهر أن خاشقجي تعرض أثناء استجوابه للتعذيب الذي شمل بتر أصابعه ثم قطع رأسه وتمزيق أوصاله بعد ذلك.
وقبل الإعلان السعودي قال ترامب إنه قد يفكر في فرض عقوبات غير أنه بدا غير مستعد لأن ينأى بنفسه كثيرا عن القيادة السعودية.
ولم يرد الحلفاء الغربيون الآخرون بعد على تفسير الرياض، وسيكون من بين الأسئلة الرئيسية ما إذا كانوا سيصدقون أن الأمير محمد بن سلمان ولي العهد، الذي يصور نفسه على أنه إصلاحي، ليس مسؤولا.
كان الملك سلمان قد سلم إدارة الأمور اليومية في السعودية لولي العهد إلا أن اختفاء خاشقجي لطخ صورة الأمير وعمق التساؤلات بشأن قيادته.
وقالت خمسة مصادر على صلة بالعائلة المالكة لرويترز إن الأزمة المتنامية دفعت الملك سلمان إلى التدخل.
وقالت وسائل إعلام سعودية رسمية إن الملك سلمان أمر أيضا بتشكيل لجنة برئاسة ولي العهد لإعادة هيكلة رئاسة وكالة المخابرات العامة مما يشير إلى أن الأمير محمد ما زال يتمتع بسلطات واسعة.
وقال البيت الأبيض في بيان إنه سيواصل الضغط من أجل تحقيق ”العدالة التي تأتي في الوقت المناسب والشفافة والتي تتفق مع الإجراءات الواجبة“. وقال السناتور الجمهوري راند بول على تويتر ”ينبغي أيضا أن نوقف كل المبيعات والمساعدات والتعاون العسكري على الفور. يجب أن تدفع السعودية ثمنا غاليا لتلك الأفعال“.
ومن جانبه قال السناتور الديمقراطي ريتشارد بلومنثال لمحطة (سي.إن.إن) إن التفسير السعودي ”يصعب تصديقه تماما“ بينما قال السناتور الديمقراطي جاك ريد، كبير الديمقراطيين في لجنة القوات المسلحة بمجلس الشيوخ، إن السعوديين ما زالوا لا يعترفون بالحقيقة.
وأضاف في بيان ”يبدو أن هذا كان عملا متعمدا ومدبرا أعقبته عملية تستر“. وقال ”لا يعقل أن يتم جلب 15 رجلا ومنشار للعظام لشجار بالأيدي مع رجل في الستين من عمره“.
وفي توبيخ للرياض في وقت سابق، انسحب مسؤولون كبار من عدة حكومات بينهم وزير الخزانة الأمريكي ستيفن منوتشين ومسؤولون تنفيذيون من شركات كبرى ومعلقون بوسائل إعلام عالمية من مؤتمر استثماري كبير من المقرر عقده هذا الشهر.
* ”لم تصدر أوامر بقتله“
التحق القحطاني (40 عاما) بالديوان الملكي في عهد الملك الراحل عبد الله بن عبد العزيز لكن لم يسلط عليه الضوء إلا بعدما لازم ولي العهد ليصبح كاتم أسرار نادرا ضمن دائرته المقربة التي تحيطها السرية.
وتقول مصادر إن القحطاني كان يتحدث بانتظام نيابة عن الأمير محمد ويصدر أوامر مباشرة إلى كبار المسؤولين بمن فيهم الأجهزة الأمنية في البلاد.
وقال أناس مقربون من خاشقجي والحكومة إن القحطاني حاول إغراء الصحفي للعودة إلى المملكة بعدما انتقل إلى واشنطن قبل نحو عام خشية العقاب بسبب آرائه.
وكان القحطاني كتب في تغريدة في أغسطس عام 2017 إنه موظف وينفذ أوامر الملك سلمان وولي العهد الأمير محمد بن سلمان.
وفي تغريدة له يوم السبت شكر القحطاني الملك وولي العهد على ”الثقة الكبيرة التي أولوني إياها“.
وذكرت تقارير إعلامية سعودية أن المسؤول الكبير الثاني الذي أُعفي من منصبه، عسيري، انضم إلى الجيش في عام 2002 وعمل متحدثا باسم التحالف بقيادة السعودية الذي يدعم الحكومة اليمنية المعترف بها دوليا بعدما قاد الأمير محمد السعودية إلى المشاركة في الحرب الأهلية اليمنية في 2015. كان عسيري قد عين نائبا لرئيس المخابرات بمرسوم ملكي في أبريل 2017.
وقال مسؤول سعودي مطلع على التحقيقات في موت خاشقجي إن الأمير محمد لم يكن لديه علم بهذه العملية المحددة التي أسفرت عن موت خاشقجي.
وقال المسؤول الذي تحدث شريطة عدم نشر اسمه ”لم تصدر لهم أوامر بقتله أو حتى بالتحديد خطفه“. وأضاف أن هناك أمرا دائما بإعادة المنتقدين إلى السعودية.
وأضاف المسؤول ”ولي العهد السعودي لم يكن لديه علم بهذه العملية المحددة ولم يأمر بالتأكيد بخطف أو قتل أحد“.
وقال إن مكان جثة خاشقجي غير معروف بعد تسليمها ”لمتعاون محلي“ ولكن لا توجد أي علامة على وجودها في القنصلية.
ولم يحدد بيان النيابة العامة أين وُضع جثمان خاشقجي أو ما إذا كانت تعتزم إبلاغ الأتراك.
وقال المسؤول لرويترز ”لا نعلم على وجه اليقين ما حدث للجثة“.
وقال منتقدون للسعودية إن من الواضح أن السلطات لا تريد تسليم جثة خاشقجي لأن هذا من شأنه أن يكشف عن مدى التعذيب الذي تعرض له.
وفي اسطنبول استجوب محققون أتراك موظفين أتراكا في القنصلية السعودية في اسطنبول يوم الجمعة.
وقال مسؤولان تركيان كبيران لرويترز إن الشرطة تمشط منطقة أحراش على مشارف اسطنبول ومدينة قريبة من بحر مرمرة بحثا عن جثة خاشقجي.
وقالت خديجة جنكيز خطيبة خاشقجي التركية على تويتر ”إن القلب ليحزن، وإن العين لتدمع، وإنا على فراقك يا حبيبي جمال لمحزونون“. كما تساءلت ”أين جسد الشهيد خاشقجي؟“