العربي الجديد-
بعبارة لا بيع ولا شراء، يصف مورد سلع غذائيّة، يدعى محمّد عبيد، وضع الأسواق الليبية خلال الفترة الأخيرة.
وقال عبيد لـ”العربي الجديد”: المستهلك يشتكي من الغلاء بينما التّأجر يبحث عن الزّبون. وأضاف أن التّضخّم في ليبيا مستورد بسبب ارتفاع الأسعار عالميّا في ظل جائحة كورونا، بالإضافة إلى ارتفاع أكلاف الشحن والنقل البحري، موضحاً أن ليبيا تستورد 85% من احتياجاتها من الخارج.
ومن أمام سوق “غوط الديس” بمنطقة عين زاره، جنوب طرابلس، قال المواطن عبد العظيم كرواط، لـ”العربي الجديد”، إن مبلغ 450 دينارا (نحو 100 دولار) لا يكفي لشراء احتياجات أسرة ليبيّة مكونة من ستة أشخاص، إلا في حال التركيز على شراء بعض السلع الأساسية والاستغناء عن غيرها، فالغلاء يتزايد كل يوم والرواتب كما هي.
وأوضح أن سعر كيلوغرام الأرز ارتفع إلى 4 دنانير، ومعجون الطّماطم إلى 3.5 دنانير. ومن جانبه، قال الباحث الاقتصادي عبد النّبي فرج الإصيبعي إن الأسعار ارتفعت مرتين هذا العام، الارتفاع الأول مع مطلع العام الحالي بسبب تخفيض قيمة الدينار، والارتفاع الآخر خلال الفترة القليلة الماضية بسبب نيّة الحكومة رفع سقف المرتبات. وحذّر الإصيبعي من أنّ ليبيا ستعاني من ركود اقتصادي أكبر في حال تدهور الأوضاع الاقتصادية.
وقال الخبير الاقتصاديّ عطيّة الفيتوري، لـ”العربي الجديد”: لا توجد سياسات اقتصادية صحيحة يتم اتخاذها، حيث تم إجراء تخفيض قيمة الدينار، وأعقبه التوسع في الإنفاق العام الاستهلاكي، وفتح باب الاقتصاد على مصراعيه لكل السلع المستوردة، وزد على ذلك تردّي الأوضاع المعيشيّة والمعاناة اليوميّة للمواطن، فلا سيولة متوفّرة بالمصارف التجاريّة مع غلاء في الأسعار.
وأعلنت حكومة الوحدة الوطنيّة عن الشروع في منح قروض للشباب بقيمة 1.75 مليار دينار في مسعى لتحريك عجلة الاقتصاد ودعم المشروعات الصغرى والمتناهية في الصغر. وصرفت الحكومة على مشروعات عودة الحياة 7.9 مليارات دينار (1.76 مليار دولار)، ما يعادل 52% من إجماليّ مخصّصات التّنمية في الموازنة المقترحة عام 2021.
وقال طارق عريبي، الذي يعمل في شركة عقارات، إنّ القطاع العقاري تضرّر كثيرا بسبب الأوضاع الاقتصادية التي تمر بها البلاد من عدم الاستقرار السياسي وجائحة كورونا وتخفيض العملة، وبالتالي هناك انخفاض في هوامش الأرباح نتيجة ارتفاع أسعار الحديد بنسبة 100% وعدم استقرار أسعار الإسمنت في الأسواق.
وحسب تجار وموردين، تحدثوا لـ”العربي الجديد”، شمل ارتفاع الأسعار السلع الغذائية والدوائية والمستلزمات الزراعية، بالإضافة إلى النقل البري والجوي. ويشير الأستاذ بجامعة المرقب فتحي حمير إلى أنه مصاب بالإحباط والأسعار غالية ولا توجد سيولة بالمصارف والرواتب قليلة بالمقارنة مع كلفة المعيشة.
وأضاف: أعمل كسائق سيّارة أجرة لتوفير مصروف يومي للأسرة وسط الأزمات المعيشية التي تحاصرنا والتّضخّم الذي يكسر ظهرنا.
وقال مدير الإدارة التّجاريّة بوزارة الاقتصاد مصطفى قدارة، خلال اتصال هاتفي مع “العربي الجديد”، إن سبب ارتفاع الأسعار المباشر هو تهاوي سعر الصّرف الجديد للدينار الذي شهد انخفاضاً بنسبة 70% دفعة واحدة أمام الدولار الأميركي.
وتأثّرت الأسعار بأزمة كورونا، وتوحيد سعر صرف العملة الليبيّة، وذلك منذ الثالث من يناير الماضي، حين بدأ مصرف ليبيا المركزيّ بتعديل سعر الصّرف مقابل العملات الأجنبيّة.
وأصبح سعر بيع العملة المحلية 4.48 دنانير مقابل الدولار الأميركي الواحد، بدلا من السعر القديم 1.4 دينار، بالإضافة إلى انخفاض الناتج المحلي الإجمالي خلال عام 2020 إلى أقل من 30 مليار دينار، ما أدى إلى تفاقم الأوضاع المعيشية.