العربي الجديد-
دعا المجلس الرئاسي الليبي إلى ضرورة توحيد المؤسسة العسكرية ومواجهة التحديات التي تعرقلها لضمان الأمن القومي للبلاد.
جاء هذا النداء في بيان صدر عن المجلس بصفته القائد الأعلى للجيش الليبي، بعد خمسة أيام من قرار مجلس النواب سحب هذه الصفة من المجلس الرئاسي ونقلها إلى رئيس مجلس النواب، عقيلة صالح، في خطوة قوبلت بترحيب من قائد مليشيات حفتر.
وأصدر المجلس الرئاسي الليبي بيانه عقب اجتماع موسع ضم رئيس المجلس محمد المنفي ونائبيه موسى الكوني وعبد الله اللافي، الأحد (18 أغسطس 2024م) في أحد المقرات العسكرية بطرابلس. الاجتماع، الذي وصفه المجلس بأنه “الأول من نوعه على هذا المستوى”، شهد حضور عدد من القيادات العسكرية التابعة لحكومة الوحدة الوطنية، بما في ذلك رؤساء الأركان النوعية وآمرو المناطق العسكرية ووكيل وزارة الدفاع.
الرئاسي الليبي: توحيد الجيش ضرورة
وأكد المجلس الرئاسي في بيانه أهمية “الاستمرار في دعم المؤسسة العسكرية لحماية ليبيا والمحافظة على وحدة أراضيها”، وشدد على أن “توحيد المؤسسة العسكرية ليس خياراً، بل ضرورة ملحة” لـ”تأسيس جيش قوي ومستقر”، مؤكداً “ضرورة زيادة العمل لمواجهة جميع التحديات التي تعوق المؤسسة العسكرية”، بهدف التصدي لأي تهديدات تمس الأمن القومي لليبيا.
اختتم المجلس بيانه بتأكيد أن “الجيش هو صمام الأمان لبناء الدولة وحمايتها”، مشيراً إلى أهمية الحفاظ على وحدة الوطن واستقراره، مستشهدًا بالدول التي بقيت مؤسساتها العسكرية متماسكة رغم التحديات التي واجهتها.
والثلاثاء الماضي، أعلن رئيس مجلس النواب، عقيلة صالح، عن سحب صفة القائد الأعلى للجيش وصلاحياته من المجلس الرئاسي الليبي ونقلها إليه، معلناً أيضاً انتهاء ولاية حكومة الوحدة الوطنية، استناداً إلى انتهاء المدد المحددة لاتفاق جنيف، الذي أُبرم في بداية عام 2021 وشكل الأساس للسلطة التنفيذية المتمثلة في المجلس الرئاسي وحكومة الوحدة الوطنية.
تزامن قرار مجلس النواب مع تصعيد عسكري من قبل حفتر، الذي أعلن عن نقل أرتال من قواته باتجاه مدينة غدامس الحدودية مع الجزائر ومناطق الجنوب الغربي. في مواجهة هذا التصعيد، أصدر المجلس الرئاسي الليبي بصفته القائد الأعلى للجيش، أوامر بعودة كافة القوات إلى ثكناتها ومنع أي تحرك دون إذن رسمي.
وفي بيان له، أكد المجلس الرئاسي أن “رفع درجة الاستعداد وحشد القوات” هو من اختصاص القائد الأعلى للجيش الليبي فقط، محذراً من أن “أي تصعيد قد يؤدي إلى الفوضى ويؤثر سلباً على الأمن”، وأضاف أن “أي تحرك عسكري دون إذنه يعتبر خرقاً لاتفاق وقف إطلاق النار”.
فور الإعلان عن سحب صفة القائد الأعلى للجيش من المجلس الرئاسي، رحب حفتر بهذه الخطوة، مؤكداً أن قواته ستؤدي “واجباتها الوطنية” لحماية الحدود الليبية ضمن مهامها الاعتيادية. في المقابل، أعلن المجلس الأعلى للدولة رفضه للقرار، مشيراً إلى أنه صدر بشكل أحادي وبدون التنسيق اللازم مع المجلس الأعلى، وهو ما يخالف نصوص الاتفاق السياسي.
وفي مؤتمر صحافي عقده الأربعاء الماضي، أكد نائب رئيس المجلس الرئاسي، موسى الكوني، أن المجلس يمتلك صلاحيات عسكرية محدودة، وأن منح صفة القائد الأعلى للجيش بموجب اتفاق جنيف كان يهدف إلى منع أي طرف من استخدام هذه الصفة لإعلان حالة الحرب أو الطوارئ.
وفي بيان متلفز، أشار الكوني إلى أن المجلس الرئاسي “لم يكن قادراً على ممارسة صلاحياته العسكرية في شرق البلاد بسبب عدم امتثال بعض الأطراف لأوامره، كما أن الوضع لم يكن مختلفاً في غرب البلاد”. وأضاف الكوني أن مجلس النواب يسعى لتولي صفة القائد الأعلى للجيش، موجهاً انتقادات إلى عقيلة صالح، مؤكداً أن الأخير “يجب أن يُظهر للشعب الليبي أنه يمثل الدولة بأكملها وليس جزءاً منها فقط”، في إشارة إلى انحياز صالح لطرف معسكر حفتر في شرق البلاد.
كما اتهم الكوني مجلس النواب والمجلس الأعلى للدولة بـ”التشبث بالسلطة” واعتبرهما “المعرقلين الأساسيين للعملية الانتخابية”، محذراً من خطر انقسام ليبيا والوصول إلى حافة حرب جديدة.
وأصدرت البعثة الأممية بياناً أعربت فيه عن قلقها من “الإجراءات الأحادية الأخيرة من جانب أطراف ومؤسسات ليبية”، محذرة من أن هذه الإجراءات قد تؤدي إلى تصعيد التوتر في البلاد. وذكرت البعثة أن “الأفعال الأحادية في ظل المناخ القائم قد تفضي إلى تصعيد التوتر وتقويض الثقة، بالإضافة إلى تعزيز الانقسام المؤسسي والفرقة بين الليبيين”. وأكدت على أهمية التوافق والحوار الشامل بين جميع الأطراف الليبية، مشيرة إلى ضرورة الالتزام بالاتفاق السياسي الموقع في الصخيرات وتعديلاته، بما في ذلك اتفاق جنيف المضمن فيه.
من جانبه، أكد رئيس حكومة الوحدة الوطنية عبدالحميد الدبيبة أن حكومته “تستمد شرعيتها من الاتفاق السياسي المضمن في الإعلان الدستوري”، واصفاً قرار مجلس النواب بشأن انتهاء ولاية حكومة الوحدة الوطنية بأنه “رأي سياسي غير ملزم”. وأضاف الدبيبة أن حكومته تتعامل مع “بيانات مجلس النواب المتكررة على أنها تعبير عن رأي سياسي غير ملزم”، مشيرًا إلى أنها “عبارة عن بيانات ومواقف صادرة عن طرف سياسي يسعى للتمديد لأطول فترة ممكنة”، وأنها “لا تغير من الواقع شيئًا”. كما أشار إلى أن عقيلة صالح مصمم على “عقد جلسات غير مكتملة النصاب ولا تتسم بالنزاهة والشفافية”، مؤكداً أن الإعلان المتكرر بسحب الثقة من الحكومة وتنصيب حكومة موازية ليس له أي تأثير ملموس على الأرض.