عربي 21-
أثار قرار رئيس حكومة الوحدة الليبية، عبد الحميد الدبيبة، باستنفار القوات الجوية والإذن لها بضرب أي تحركات في العاصمة طرابلس تساؤلات عن أهداف ورسائل الخطوة، وما إذا كانت تستهدف قوات تابعة لرئيس حكومة البرلمان فتحي باشاغا أم آخرين.
وأصدر الدبيبة، وهو يتولى وزارة الدفاع أيضا، أمرا للقوات الجوية بإعلان “الاستنفار في غرفة عمليات الطيران المسير، ومراقبة أي تحركات مسلحة في نطاق طرابلس الكبرى والتعامل المباشر بالذخيرة الحية مع أي تحركات مشبوهة من شأنها زعزعة الاستقرار”، وفق القرار.
وجاءت الخطوة قبل دخول فتحي باشاغا المكلف من قبل برلمان الشرق، برئاسة الحكومة، واندلاع اشتباكات عنيفة بطرابلس وبالتزامن مع وقوع اشتباكات عنيفة كذلك في منطقة جنزور بالأسلحة الثقيلة والمتوسطة بين مجموعات مسلحة أسفرت عن قتلى وعشرات الجرحى، وكذلك مع ظهور بعض المقاتلين التابعين لتنظيم “داعش” جنوب العاصمة الليبية.
والسؤال: ما وراء قرار الدبيبة العسكري؟ وهل يستهدف قوات مؤيدة لباشاغا أم يحاول ردع مخالفيه وردع مقاتلي “داعش”؟
“صد باشاغا وحفتر“
من جهته رأى الضابط الليبي عقيد طيار سعيد الفارسي أن “خطوة إعلان الطوارئ والنفير العام لسلاح الطيران من قبل رئيس الحكومة الدبيبة بصفته وزيرا للدفاع المقصود منها في الأساس استهداف أي قوات مؤيدة لباشاغا ومنعها من دخول طرابلس”.
وأوضح في تصريحات لـ”عربي21″ أن “حفتر يحاول استغلال الأزمة الحالية ويستغل باشاغا وحكومته كورقة أخيرة لدخول العاصمة بإحداث شرخ وانقسامات بين المجموعات المسلحة في طرابلس، ليتم الاستيلاء عليها بسهولة ومن ثم التحكم في ليبيا كلها”، بحسب رأيه.
وتابع: “حتى ملف داعش وظهور مقاتلين منهم جنوب طرابلس هو أيضا من ترتيب وصناعة جهاز المخابرات لدى حفتر ليسهل فتح الطريق لقواته حول العاصمة وتشتيت القوات المتمركزة هناك في عدة محاور”، كما قال.
“سيطرة المليشيات“
لكن الباحث والأكاديمي الليبي، عماد الصهك رأى أن “الدبيبة يحاول من خلال هذه البيانات غير الواقعية إرسال رسائل محلية وأخرى دولية تفيد بأنه ما زال يبسط نفوذه على رقعة من الأراضي الليبية على الأقل طرابلس وما حولها، وأنه مستعد لدخول أي مواجهات عسكرية وصد أية قوات تحاول دخول طرابلس”.
وأضاف في تصريحه لـ”عربي21″: “كما أنه في الوقت نفسه يريد أن يثبت بأنه قادر على كبح جماح التشكيلات المسلحة، وأنه لا يعاني فوضى أمنية، وأن الدولة تبسط نفوذها، وهذه التصريحات بطبيعة الحال لا تساوي الحبر الذي كتبت به كون الدبيبة نفسه رهين هذه المجموعات وقابعا تحت حراستها وفي مناطق نفوذها، مع غياب كلي لأجهزة الدولة الأمنية”، بحسب كلامه.
وتابع: “بل تمارس هذه المجموعات ضغوطا عليه وتبتزه ماليًا من خلال دعمها بمئات الملايين دون طائل، فإذا كان صادقًا في حربه على هذه التشكيلات العسكرية فما عليه إلا أن يمنع عنها الدعم من خزانة الدولة، وهو لا يستطيع أن يفعل ذلك ناهيك عن أن يحاربها عسكريًا”، كما صرح.
“مغازلة الخارج“
الإعلامي من الشرق الليبي، عاطف الأطرش قال لـ”عربي21″ إن “الخطوة بمثابة رسالة مبطنة للداخل بأنه يمتلك مخالب وأنيابا يستطيع بها الدفاع عن نفسه ضد أي تحرك عنيف ضده”.
وبين أن “القرار يحمل أيضا رسالة موجهة للخارج بأنه مستعد لضرب مكامن الإرهاب أينما وجدت لأنه يعرف أن مصطلح الإرهاب في التسويق السياسي للخارج صار يستخدم لمخاطبة المجتمع الدولي بهدف كسب الدعم المعنوي للحفاظ على الشرعية”، بحسب رأيه.
“أحداث جنزور“
الصحفي والناشط من الجنوب الليبي، موسى تيهو ساي قال إن “هدف القرار المعلن هو الحيلولة دون تكرار الصدامات المسلحة على غرار أحداث جنزور الأخيرة التي قد تتطور إلى صراع بين الحكومتين وبالتالي العودة إلى مربع العنف في مناطق مكتظة بالسكان”.
وأشار إلى أنه “رغم أهمية الأمر لكنه للأسف مجرد حل تلفيقي غير مجد تماما ويعد عجزا حقيقيا حيال التعامل مع الوضع الأمني في كامل البلاد، كون هذه المواجهات العبثية لن تتوقف حتى تعي السلطات المركزية في ليبيا أن الحلول التلفيقية مع كل مشكلة هي تعميق للأزمات ومعاناة المواطن”، بحسب رأيه.
وقال لـ”عربي21”: “تأجيل حل هذه المعضلة المركبة لا يجعلها أقل كلفة وهي برهان على فشل الحكومات التي لم تعط أي اهتمام للمؤسسة الأمنية ومتابعة مدى انضباطها بشكل دقيق حيث إنها تكتفي فقط بالبيانات في كل مشكلة من هذا النوع”، كما رأى.