اخبارالرئيسيةعيون

الحرّ يفاقم أزمة كهرباء ليبيا

العربي الجديد-

فاقمت موجة الحرّ التي ضربت ليبيا أخيراً، والتي وصلت الحرارة فيها إلى 47 درجة مئوية، أزمة الكهرباء المزمنة في البلاد.

وتزامن ارتفاع درجات الحرارة مع تصاعد حاد في ساعات انقطاع التيار الكهربائي اليومية، لتزيد معاناة المواطن الليبي. وقد وصلت فترات انقطاع الكهرباء في مناطق عدّة، من بينها مصراتة وزليتن وبني وليد والخمس والزاوية وصبراته في الغرب، إلى ثماني ساعات يومياً. كذلك عانت مناطق الجنوب من انقطاع وصل إلى ستّ ساعات على الأقلّ. أمّا في الشرق، فسُجّل في مناطق عدّة انقطاع متواصل لأكثر من يوم، في مشهد أعاد إلى الأذهان محطات من الأزمة الطويلة التي عرفتها البلاد في عام 2014.

وانقطاع التيار الكهربائي لا تنحصر تبعاته بالعتمة وغياب التكييف وتلف مواد تتطلّب تبريداً، سواءً أكانت غذائية أم غير ذلك. فهو يؤثّر سلباً على حالات صحية، وقد يصل الأمر إلى حدّ تهديد الحياة. في هذا الإطار، تداول ناشطون على مواقع التواصل الاجتماعي خبر وفاة شابة ليبية في مدينة زوارة غربي البلاد، قبل أيام، وذلك على أثر تعرّضها لنوبة ضيق تنفّس حادة. جاء ذلك في سياق تدوينات ساخطة عبّر من خلال مواطنون عن استيائهم إزاء انقطاع الكهرباء في ليبيا لساعات طويلة يومياً.

وتفيد المعلومات التي جرى تداولها، نقلاً عن ذوي الشابة، بأنّها كانت تعتمد على جهاز لتنظيم ضربات القلب يعمل ببطارية قابلة للشحن، لكنّها واجهت صعوبة في تشغيل جهازها بسبب انقطاع الكهرباء المستمرّ، الأمر الذي تسبّب في تدهور في حالتها الصحية ووفاتها بعد وقت قصير من نقلها إلى المستشفى. وشدّد كثيرون، في سياق تعليقاتهم على الحادثة، على العلاقة ما بين أزمة الكهرباء المتفاقمة والتهديدات التي قد يتعرّض لها الأشخاص الذين يعانون من حالات صحية حرجة.

إلى جانب ذلك، تسبّبت أزمة الكهرباء، ولا سيّما عدم استقرار التيار، في حوادث عدّة، من بينها حرائق. ففي العاصمة طرابلس، أعلن جهاز الإسعاف والطوارئ الحكومي في ليبيا عن تدخّل فرقه لإنقاذ تسع حالات اختناق سُجّلت قبل أيام، على خلفية اندلاع حريق في منزل في منطقة الهضبة بطرابلس. وقد أشارت التقديرات إلى أنّ سبب الحريق الرئيسي يعود إلى تماس كهربائي نتيجة عدم استقرار الشبكة. في سياق متصل، نشر مركز طبّ الدعم والطوارئ الحكومي خبراً مفاده أنّ فرقه تمكّنت من إنقاذ خمسة أفراد من عائلة واحدة علقوا وسط حريق شبّ في منزلهم بحيّ دمشق في طرابلس، بسبب تماس كهربائي تسبّب فيه عدم استقرار شبكة الكهرباء كذلك.

وفي بنغازي شرقي ليبيا، نظّم سكان حيّ السلام أخيراً وقفة احتجاجية طالبوا فيها السلطات بالتدخّل العاجل لإنهاء معاناتهم من جرّاء انقطاع التيار الكهربائي عن الحيّ منذ ثلاثة أيام متواصلة. وفي أوباري جنوبي البلاد، أفاد عميد البلدية أحمد ماتكو بأنّ تراجع التغذية بالكهرباء إلى حدود ستّ ساعات فقط يومياً تسبّب في ازدحام غير مسبوق عند محطات الوقود وإلى ارتفاع جنوني في أسعار المحروقات في السوق السوداء. وقد وصل سعر 20 لتراً إلى 100 دينار لبيبي (نحو 19 دولاراً أميركياً)، وذلك في ارتفاع بنسبة 10 أضعاف مقارنة بالسعر الرسمي.

وبعدما تمكّنت الشركة العامة للكهرباء في ليبيا من تجاوز أزمتها في العامَين الأخيرَين، بعد نحو عقد من معاناة الشبكة من انهيارات متتابعة، يربط المهندس في الشركة موسى الكشر الأزمة المستجدّة بـ”أسباب عديدة”، بحسب ما يقول لـ”العربي الجديد”. ويشرح أنّ “من تلك الأسباب ما يتعلّق بجانب البنية التحتية لمحطات التوليد”، مشيراً إلى ما أعلنته الشركة قبل أيام عن خروج 10 وحدات توليد عن الخدمة. يضيف الكشر أنّ “الانهيارات المتكررة في محطات التوليد، خصوصاً مع ارتفاع درجات الحرارة، لها أسباب فنية خطرة تتجاوز العمر الافتراضي أو الصيانة”، لافتاً إلى “أزمة التحميل الهائل وغير القانوني على المولّدات”.

ويوضح الكشر أنّ “المولّدات في محطات كثيرة مصمّمة لأحمال محدودة، فيما يُصار إلى تحميلها أضعاف قدرتها، وذلك من خلال التوصيلات غير القانونية والخطوط العشوائية المرتبطة بالمصانع الكبيرة وبمشاريع غير مرخّصة، الأمر الذي يتسبّب في انهيارات متتالية عند ارتفاع حرارة المولدات نفسها بصورة تفوق طاقتها المحدّدة عند تصميمها”.

لكنّ الأزمة لا تبدو مرتبطة بالأسباب الفنية فحسب، فالانقسام المسجَّل في ليبيا منذ سنوات طاول الشركة العامة للكهرباء. وبينما تقع الإدارة الرئيسية للشركة في العاصمة طرابلس، أنشأت حكومة مجلس النواب في الشرق المتمركزة في بنغازي إدارة مستقلة للكهرباء في مناطق سيطرتها، الأمر الذي ضاعف تعقيدات الأزمة وأفقد التخطيط الوطني الموحّد لقطاع الكهرباء.

وتنقل شهادات مواطنين معاناتهم وسط الأزمة. ويقول عادل المغيربي من حيّ فشلوم بالعاصمة طرابلس لـ”العربي الجديد”، بانزعاج واضح، إنّ “الكهرباء عادت إنّما ليس بصورة نهائية. فهي ما زالت تنقطع لبضع ساعات يومياً”، مضيفاً أنّ “المياه بالكاد تصل إلى خزّانات المبنى الذي يسكنه وسط حرارة مرتفعة”. ويشير المغيربي إلى أنّه يلجأ، كما جيرانه، إلى محال بعيدة تعتمد على مولّدات صغيرة لتشغيل ثلاجاتها، من أجل شراء المياه الباردة.

من جهته، يشكو صالح حميدة، أحد سكان الهواري في بنغازي، من صعوبة الوصول إلى شقّته وسط انقطاع التيار الكهربائي، فهو يسكن في الطبقة السادسة. كذلك يشير لـ”العربي الجديد” إلى أنّ “المولّدات الصغيرة التي يلجأ إليها جيران له غير قادرة على توصيل المياه إلى الخزانات على سطح المبنى”.

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى