الرئيسيةالراي

“الجوعانين”. هل نحن شعب جوعان حقا..؟؟!!

* كتب/ خالد الجربوعي،

شارع الجعانين اسم وعنوان أصبح يتكرر ويطلق على أكثر من مكان وشارع خاصة في العاصمة طرابلس.

وهو يعني أن هذا الشارع أصبح مكانا لعديد المطاعم والمقاهي وكل ما يوفر الأكل لا غير.. ليكون عنوانا يعلمه الجميع، بل حتى الإشارات الدالة على عديد الأماكن في بلادنا ومدننا أصبحت مرتبطة بهذا النوع من الأماكن، مثل المطاعم والمقاهي والمخابز والأسواق، أي كل ما له علاقة بالأكل والطعام والشراب، وكل ما يدخل البطن “التي كما يبدو أصبحت قبل وأهم من كل الوطن”، دون أن تجد تقريبا عنوانا واحدا أو علامة دالة لها علاقة بغذاء الروح والعقل، من مكتبات أصبح وجودها من الغرائب، أو مسارح لا وجود لها تقريبا، أو دور سينما أقفلت وانتهى دورها، وغيرها من أماكن خارج دائرة الأكل والطعام.. طبعا دون أن ننسى ما يحدث بهذه الأماكن وأمامها من ازدحام وطوابير وغيرها، منذ ساعات الصباح الأولى حتى ساعة متأخرة من الليل، حتى أصبح وجودها في بعض الشوارع يعني عرقلة حركة المرور وازدحام للطرق، بسبب ما يحدث أمامها من فوضى وازدحام وتوقف عشوائي وهو ما يطرح السؤال.

“هل نحن شعب جوعان حقا..؟؟!!”

وتسمية “الجعانين” لبعض الشوارع والأماكن التي تمتلئ بالمطاعم وكل ما له علاقة بالأكل لم تأت من فراغ، بعد أن أصبح هم الكثيرين من أبناء الوطن الطعام والأكل، وكل ما يدخل جوف الإنسان، وترك كل ما عده من ثقافة وقراءة وإبداع، وغيرها مما ترفع من مكانة وقيمة الإنسان قبل ما يدخل جوفه ويملأ بطنه..

حتى إننا أصبحنا نأتي بكل ـنواع أكل الدول الأخرى، وكأن لا طعام لدينا ولا أكل خاصا بنا، ونفتح المطاعم بكل تسميات الدول الأخرى وأطعمتها، التي أصبحت تغزو بيوتنا ومطاعمنا بكل الأنواع والأشكال، دون أن نعرف حتى مدى صحتها وكيف تعد ومما تعد، ومدى إضرارها بالصحة والجسم.. ولعل ما نعايشه من أمراض لا تنتهي خير دليل على ذلك.

حتى أصبح انتشار المطاعم لأكلات الشعوب الأخرى أمرا لا حد له، بعضها لا يقدم إلا الأكل الفاسد والنتن، ولعل انتشار مطاعم الطعمية برائحتها المقرفة وطريقة تحضيرها المليئة بالزيوت.. وكثرة مطاعم الشاورما وتجميعها للأتربة وعوادم السيارات من خلال وضعها في وجاهة المحلات وغيرها الكثير، والتزاحم عليها خير دليل على ذلك.. دون أن ننسى مطاعم وأكلات عديد الدول التي أصبحت لا حد لها، من تركي مصري إيطالي وتونسي ولبناني، بكل أنواع الأكل المستساغ وعكسه، وما يحدث من تزاحم أمامها، وما يدفع من أمول لا حد لها، رغم شكاوى الكثير من مرتاديها على قلة ذات اليد وضعف الإمكانيات المادية.. حتى أصبح تناول الأكل خارج البيوت بداية من قهوة الصباح بمختلف أنواعها وتسمياتها اليوم، نهاية بعشاء آخر الليل، مرورا بوجبة الغداء وما بينها من وجبات مختلفة طيلة اليوم والليل، تجعلك تظن أنه لم يعد في البيوت من يطهو ويحضر الأكل، لعدم التواجد بها، أو عدم المعرفة رغم انتشار برامج الطهي وتصدرها للشاشات والصفحات رجالا ونساء، تحول من خلاله الرجال إلى طباخين، وتصدرت النساء المشهد لشعب كان مجرد تصوير نسائه أو نشر صورهن يعتبر من المحرمات، فأصبحت اليوم تتصدر كل المشاهد، وعبر كل الشاشات، حتى في تعليم الطبخ والمكملات.

فعندما تشاهد الازدحام أمام المقاهي والمطاعم بمختلف أنواعها تقول “ما فيه حد يأكل في حوشه” وعندما تشاهد الأسواق والقدرة الشرائية الغير عادية والازدحام على صرافيها تقول ما فيه حد يأكل في مطعم..

فعلا شعب أكول بامتياز وما أحد يسبقه في ذلك، والباقي كله كلام زايد.. أما المناسبات وما يصرف فيها من الأكل فحدث ولا حرج.. فكلها مرتبطة بالأكل والطعام، وما يصرف عليه وغيرها من عزومات اجتماعية لا تنتهي حتى إن بعضا من الناس يبحثون عن هذه المناسبات والدخول إليها دون دعوة من أصحابها من ولا علاقة لهم بها من أجل الحصول على وجبة الأكل، حتى كان عندنا يوما من يسمونهم “أصحاب الكشيك” لأن كشيكهم كان دائما في جيبهم للدخول إلى أي خيمة مناسبة ومشاركة الأكل، عندما كانت للمناسبات مكانة وقيمة وحضور رجالي دائم.

بل حتى خروجنا للتمتع والتنزه وما يعرف عندنا بالزردة يكون أساسها الأكل، فإن انتهى الأكل انتهت الزردة، وعاد كل إلى بيته حتى قبل الموعد المفترض للعودة.

ورغم كل ما يكتشف من فساد مطاعم ومواد منتهية الصلاحية يتم بها تحضير أكل المطاعم وغيرها عبر كل الجهات الرقابية وينشر عبر الشاشات والصفحات، والذي يفترض أن تجعل الفرد يقاطع كل أنواع المطاعم وغيرها، إلا أنه لا أحد يهتم أو يقاطع، لتتحول المطاعم والمقاهي إلى إحدى أهم الوجهات والتي يتزاحم عليها الليبيون رجالا ونساء، وخاصة نساء اليوم بشكل لا مثيل له، وهو ما يجعلنا نكرر السؤال.

“هل نحن فعلا شعب جعان حقا..؟؟!!”

لا يهمنا الا ما يدخل جوفنا قبل كل شيء..

الجعانين ..

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى