العربي الجديد-
يعاني المزارع محمد الفطيسي من خسارة أشجار الزيتون بسبب الجفاف الذي يسيطر على ليبيا يقول لـ “العربي الجديد” إنه “كل أسبوع أشاهد شجرة عمرها مئات السنين تموت تدريجياً، والحكومات لم تقدم لنا شيئا حتى الآن لإنقاذ هذه الثروة المباركة”.
ويشرح المزارع عز الدين الورشفاني أن خسائر أشجار الزيتون تتراكم منذ أكثر من عامين، بحيث إن الجفاف يحبس الأمطار، فيما تتناقص كميات الأمطار، أما المياه الجوفية فمعرضة للشح المتواصل وهي تتناقص تدريجياً.
ويؤكد الخبير الزراعي الهادي خلف لـ”العربي الجديد” أن وزارة الزراعة كانت تسعى لإطلاق مشروع متكامل لإنقاذ الآلاف من أشجار الزيتون في ليبيا وخاصة المنطقة الغربية، عبر اعتماد نظام التقطير، ولكن المشروع توقف بسبب عدم وجود اعتمادات مالية ويدعو خلف إلى ضرورة تفعيل البرامج الحكومية ودعم المزارعين من أجل المحافظة على أكثر من ثمانية ملايين شجرة زيتون في ليبيا متوزعة على مختلف أنحاء البلاد.
وحول نظم زراعة الزيتون في البلاد، يشرح أنها تعتمد إلى حد كبير على الأمطار ومياه الري. وفي سياق متصل، أعلن المركز الليبي للاستشعار عن بعد وعلوم الفضاء، عن تعرض ليبيا للجفاف خلال الثلاث سنوات الأخيرة، مطالباً بضرورة الإسراع في توفير البديل من المفقود، مثل المياه للشرب والري، أو الأعلاف للمربين لحماية الثروة الحيوانية، مطالباً بالحد من آثار الجفاف على البلاد في أسرع وقت ممكن وإعلان حالة الطوارئ.
وضربت موجة الجفاف مناطق أقصى الساحل الغربي وسهل الجفارة والجبل الغربي؛ ما أدى إلى تصحر الأراضي وتأثر الغطاء النباتي وموت بعض الأشجار المعمرة. ويبلغ الاستهلاك المحلي من زيت الزيتون ما بين 60 إلى 70 ألف طن سنوياً نصفها يصنع محلياً والباقي يستورد من الخارج. وعرف الليبيون شجرة الزيتون منذ العصور القديمة فاستغلوها أحسن الاستغلال. وشهدت هذه الزراعة تطوراً كبيراً خلال السنوات الماضية.
وارتفع عدد أشجار الزيتون من 800 ألف شجرة في العام 1932، ليصل في العام 1971 إلى 3.31 ملايين شجرة، ومن ثم شهد القطاع توسيعاً في كافة المناطق الزراعية إلى 12 مليون شجرة بنهاية عام 2007، وذلك وفق مصلحة الإحصاء والتعداد، ثم تراجع العدد إلى ثمانية ملايين شجرة خلال عام 2020. وكانت ليبيا تقوم بدعم سلعة زيت الزيتون بشرائها من الخارج وتوزيعها بسعر مدعوم خلال فترة الثمانينيات من القرن الماضي عبر الأسواق العامة.
ومن ثم ألغت الدعم عن زيت الزيتون مطلع التسعينيات واستبدلته بدعم الزيت النباتي بحيث تستهلك ليبيا سنوياً 130 ألف طن من الزيت عبر الجمعيات الاستهلاكية، ثم ألغت الدعم السلعي بشكل نهائي عام 2015. وتركت الأزمات الأمنية والسياسية التي طال أمدها منذ عام 2011، صداها في قطاع المياه الذي يعاني تراجع الخدمات والمشاريع والصيانة، مع استهدافه بالتخريب، بموازاة عدم وجود خطط للتنمية الزراعية منذ عام 2012، ما أثر مباشرة على الأراضي الزراعية، وأحجم العديد من العاملين في القطاع عن هذه المهنة، بسبب تناقص المردود سنوياً.