العربي الجديد-
كشف وزير التعليم في حكومة الوحدة الوطنية، موسى المقريف، أن 20 في المائة من أفراد الكادر الوظيفي بقطاع التعليم غير مؤهلين تربوياً، وأن البقية يحتاجون إلى دورات تأهيلية، مشيراً إلى أن اتفاقاً للتدريب والتطوير تم توقيعه مع مكتب التعليم الكندي “سيدخل حيز التنفيذ قريباً”.
وأوضح المقريف، في تصريحات لوسائل إعلام محلية، أن “قطاع التعليم عانى من تركة السنوات السابقة، وتجاوز العقبات التي يعيشها القطاع لا يمكن حلها بجرة قلم، بل تحتاج إلى خطط قصيرة وطويلة المدى. قطاع التعليم تم تحميله بموظفي شركات جرى تصفيتها، حتى وصل عدد الكادر إلى 600 ألف موظف”، مرجعاً سبب تدني مستوى المعلمين في ليبيا إلى غياب الأموال التي تحتاجها الوزارة للتدريب والتطوير.
وأوضح أن اتفاقية تأهيل المعلمين ستضم في البداية 120 معلماً في تخصص الحاسوب لتكوين نواة تدريب، مشيراً إلى جملة من العقبات التي تواجه استقرار العملية التعليمية، وأنها “نتيجة سياسات سابقة لم تسهم في التطوير”، ومنها الكتاب المدرسي. وخلال العام الدراسي المنقضي، ورغم أن مركز المناهج التعليمية أكمل التعاقدات والجانب الإداري، فإن غياب الموازنة المالية لتنفيذ التعاقدات تسبب في عدم توفير الكتب، وفي حال عدم صرف الأموال المخصصة لطباعة الكتاب المدرسي قد يكون العام المقبل أيضاً من دون كتب مدرسية.
وتعتبر شريفة البوراوي، وهي معلمة بمرحلة التعليم الابتدائي، أن إعادة النظر في توظيف حملة المؤهلات غير التربوية تأخر كثيراً، وأنه “قرار صائب، ويجب تنفيذه فوراً. المعلم هو أساس العملية التعليمية، ولن تعود هيبة المدرسة إلا إذا كان المعلم قادراً على تحمل مسؤوليته من واقع درايته بصلب العملية التعليمية، كما أن القرار يعد الخطوة الأمثل لتخفيف ازدحام المدارس بأشخاص لا شأن لهم بالتعليم”.
ولضمان مخرجات تعليم جيدة، تؤكد البوراوي لـ”العربي الجديد”، أن “العناصر الدخيلة على التعليم أفسدته، وتسببت في مظاهر السوء التي يعيشها حالياً. قبل أيام شاهدنا تسرب أسئلة امتحانات الشهادة الثانوية، وأجزم أنها لم تحصل على يد معلم، بل على يد الدخلاء”.
وفي حين ينتقد أبوبكر القواس، وهو معلم بالمرحلة الإعدادية، القرار، موضحاً لـ”العربي الجديد”، أنه “يجب أن تكون الخطة الحكومية شاملة، ولا تقتصر على قرارات وزارة التعليم. أنا معلم لا أحمل مؤهلاً تربوياً، وتخصصي تقني، ما مكنني من تدريس مادة الحاسوب، وإذا تم استبعادي بسبب مؤهلي غير التربوي فماذا سيكون مصيري؟”.
يدرس القواس مادة الحاسوب منذ 18 سنة، ويضيف: “بعد أن راكمت كل هذه الخبرة، أعتقد أنني أفضل من أي متخرج جديد في تخصصي، والوزارة تقر بعدم قدرة الخريجين في هذا التخصص على التدريس، حتى أنها ستوفدهم للتدريب في الخارج”، مشيراً إلى أن اضطراره للعمل في قطاع التعليم كانت سببه إقفال الدولة على مدار عقود ماضية أبواب التوظيف في القطاعات الأخرى.
وأوضح أن “كثير من المعلمين يحملون شهادات غير تربوية، لكنهم يدرسون في ذات التخصصات، فخريج الهندسة يدرس مادة الهندسة، وقس علي ذلك التخصصات الأخرى، وقد راكمنا خبرة طويلة، فلماذا يتم نقلنا إلى قطاع آخر بعد كل هذه السنوات من العمل؟ بدلاً من هذه الفوضى في القرارات والإجراءات، على الوزارة تصفية القطاع من البطالة المقنعة لتخفيف العبء، إذ يوجد مئات من الموظفين من دون عمل، أو توجيه الجهد لرفع كفاءة المدارس. لم تنفع دورة تدريبية لمدرس في تخصص الحاسوب بينما المدارس لا يتوفر فيها معمل حاسوب”.
وينتقد المفتش التربوي موسى الزليطني، توقيت القرار رغم اعترافه بأهميته، ويقول لـ”العربي الجديد”، إنه “ليس القرار الوحيد، بل هناك إقرار التعليم الإلكتروني، وهي خطوة يجب أن تسبقها خطوات، على رأسها توفير البنية التحتية لمثل هذا النوع من التعليم، فلا كهرباء ولا إنترنت في بعض المناطق، كما أن تحديد التخصصات مهم، فليس كل التخصصات في المواد الدراسية يتوفر لها معلمون من ذوي المؤهلات التربوية، ومخرجات كليات التربية متدنية، فالجامعات جزء من قطاع التعليم، وهي تعاني من التردي الذي يعانيه كامل القطاع”.
ويرى الزليطني أن “خطط إنقاذ التعليم يجب أن تتدرج حسب الأولويات، ومنها صيانة المدارس، وبناء المتهدم منها، وسبق أن أعلنت الوزارة مشروعاً لبناء 1500 مدرسة جديدة، وكشفت عن تبرع أهلي بــ150 قطعة أرض لبناء مدارس عليها، ومر الوقت من دون أي إنجاز، رغم أنها أولوية. تتحدث الوزارة حالياً عن تعاون مع مكتب التعليم الكندي، وقبلها تم اعتماد المنهج السنغافوري، وهذه القرارات غير المدروسة لا تولي أولوية لمشاكل التعليم، بل ستكون من عوامل زيادة انهياره”.