العربي الجديد-
تجدد الحديث بشكل كثيف في ليبيا عن ملف الانتخابات، بعدما فرضت الأمم المتحدة عودته من خلال مقترح مستشارة الأمين العام للأمم المتحدة، ستيفاني وليامز، والذي يقضي بتشكيل لجنة دستورية مشتركة من مجلسي النواب والأعلى للدولة لإعداد قاعدة دستورية تجري على أساسها الانتخابات في أقرب الآجال.
وخطت وليامز خطوة في اتجاه تفعيل أعمال اللجنة بالبدء في اجتماعات تشاورية مع ممثلي المجلس الأعلى للدولة في اللجنة، في تونس، خلال الأسبوع الحالي. وتهدف الخطوة للضغط على مجلس النواب، من أجل التجاوب مع المبادرة، وإرسال ممثليه “للشروع رسمياً في العمل”، بحسب كلمة وليامز في افتتاح الجلسة التشاورية الأولى، أول من أمس الثلاثاء.
ومع بدء الجلسة التشاورية الثانية، أمس الأربعاء، وعلى الرغم من عدم حضور ممثلي مجلس النواب، إلا أن الحدث جعل الكثير من المتغيرات التي أحدثها الصراع بين حكومتي البلاد، حكومة الوحدة الوطنية والحكومة المكلفة من مجلس النواب، تتراجع لحساب تقارب جديد بين المجلسين تحت إشراف أممي يطمح في الدفع قدماً بعجلة الانتخابات.
من الواضح أن هذا الاتجاه الذي تشرف عليه الأمم المتحدة، ولقي دعماً وترحيباً من خمس عواصم كبرى، هي واشنطن وباريس ولندن وروما وبرلين، لإجراء انتخابات برلمانية ورئاسية في أسرع وقت، يخالف خريطة الطريق التي أنتجها مجلس النواب، بتوافق نسبي مع مجلس الدولة، والتي تؤجل إجراء الانتخابات إلى 14 شهراً مقبلة.
وفي حين علّل مجلس النواب تأجيله للانتخابات بضرورة زوال الظروف القاهرة التي عرقلت إجراءها في 24 ديسمبر الماضي، يبدو أن الأمم المتحدة ترى أن المشكلة في غياب الأساس الدستوري للانتخابات، دون النظر إلى الخلافات السياسية العميقة بين الأطراف الليبية، وأيضاً عامل توفر الأمن المهم لإجراء الانتخابات.
لكن قد تبدو وراء هذه الرغبة الدولية الغربية الملحّة لإجراء الانتخابات سريعاً، أسباب تتعلق بالمتغيرات الدولية الحاصلة أخيراً، وعلى رأسها الغزو الروسي لأوكرانيا. فإنتاج سلطة سياسية جديدة بوجوه جديدة يمكن أن يكون خياراً هاماً للتضييق على الوجود الروسي العسكري في ليبيا. كما يمكن للسلطة الجديدة أن تكون شريكاً مهماً لإدارة ملف الطاقة، النفط والغاز، وهو ملف مهم لموازنة مراكز القوى الاقتصادية التي تقف فيها موسكو على أرضية صلبة تمكّنها من ابتزاز الأوروبيين وواشنطن.