العربي الجديد-
جددت البعثة الأممية في ليبيا، استعدادها لتقديم دعمها الفني واللوجستي للجنة (6+6) المشتركة، المشكلة من مجلس النواب والمجلس الأعلى للدولة لوضع قوانين انتخابية.
جاء ذلك في تغريدة للبعثة على حسابها في “تويتر”، الثلاثاء (25 ابريل 2023م) مرفقة بجزء من إحاطة للمبعوث الأممي، عبد الله باتيلي، قدمها في 18 إبريل الجاري، قال فيها “أحثُ قيادتي المجلسين على تسريع عمل لجنة (6+6) ونشر برنامج عمل اللجنة المحدد بإطار زمني، إذ إنه في سبيل تنظيم الانتخابات هذا العام، يجب إنجاز القوانين الانتخابية في الوقت المناسب كي تبدأ المفوضية الوطنية العليا للانتخابات في تنفيذ العملية الانتخابية بحلول أوائل يوليو/ تموز”.
وتشكلت لجنة 6+6 من مجلسي النواب استنادا إلى التعديل الدستوري، المقر من المجلسين، والذي ينص في مادته الثلاثين على “تشكل لجنة مشتركة من قبل مجلسي النواب والدولة بواقع ستة (6) أعضاء عن كل مجلس للتوافق بأغلبية الثلثين من أعضاء كل مجلس، وذلك لإعداد مشروعات قوانين الاستفتاء والانتخابات”.
وفيما أفاد باتيلي، في الإحاطة ذاتها، بأنه عرض على لجنة 6+6 “تقديم الخبرة الفنية” لدعم أعمالها، أوضح عضو ممثلي المجلس الأعلى للدولة في لجنة 6+6، فتح الله السريري، أن البعثة راسلت ممثلي مجلس الدولة بهذا الشأن، وأنهم ردوا عليها بأن “الدعم الممكن من جانب البعثة هو الدعم الفني فقط، كإمكانية تقديم الدعم من أجل إجراء التصويت إلكترونيا، وكيفية ضمان صحة التزكيات للمترشحين لمنع تزويرها، أو ما يتعلق بالتحقق الإلكتروني من هوية الناخب، ومثل هذه الجوانب الفنية فقط”، مضيفا أن “دور البعثة، وفق قرار إنشائها، هو تقديم الدعم الفني والمساندة للمؤسسات الليبية للوصول إلى بناء دولة المؤسسات والقانون، وهذا واجب على هيئة الأمم المتحدة، وحق للدولة الليبية باعتبارها عضوا في المنظمة الأممية”.
وحول استئناف لجنة 6 +6 اجتماعاتها، قال السريري، في تصريح لـ”العربي الجديد”، إن “اللجنة سبق وأن اجتمعت في طرابلس خلال شهر رمضان، لكن ممثلي مجلس النواب طلبوا تأجيل الاجتماعات إلى ما بعد إجازة عيد الفطر”، متوقعا أن تستأنف اللجنة اجتماعاتها الأسبوع المقبل باعتبار انتهاء إجازة العيد هذا الأسبوع، وقال “نحن مستعدون لمواصلة الاجتماعات، وننتظر رد ممثلي مجلس النواب”.
وكانت لجنة 6 +6 قد عقدت أول اجتماعاتها بمقر مجلس الدولة بطرابلس في السادس من إبريل/نيسان الجاري، لتبادل “وجهات النظر حول استراتيجية عملها والآليات التي ستتبعها لأداء مهامها الموكلة إليها”.
وأوضح السريري أن اللجنة “سوف تبدأ بمناقشة القوانين الخاصة بالانتخابات البرلمانية، وتحديدا السلطات التشريعية بغرفتيها مجلس النواب ومجلس الشيوخ كشروط الترشح وتوزع الدوائر الانتخابية”، مشيرا إلى أن الأعمال بشأن قوانين الانتخابات البرلمانية “هي الأوسع، بخلاف قوانين الانتخابات الرئاسية لتعلقها بانتخاب شخص واحد هو رئيس الدولة”.
وحول الإشكالات المحيطة بشروط ترشح رئيس الدولة، وتحديد شرطي منع العسكريين ومزدوجي الجنسية من الترشيح للانتخابات، قال “سوف نناقش موضوع الشروط، وإذا عرض مجلس النواب طرحا جديدا ومقعنا بشأنها فنحن نرحب، لكن ما يطرحه ويتمسك به مجلس الدولة هو ما يتفق والنظم القانونية السائدة في العالم فيما يتعلق بشروط الترشح للانتخابات الرئاسية”، مشيرا إلى أن تلك النظم السائدة في العالم لا تقبل بترشح مزدوجي الجنسية.
وتابع السريري قائلا “وبالنسبة لشرط منع العسكريين من الترشح، فهدفنا منه هو المحافظة على المؤسسة العسكرية وحيادها، وكذلك الحفاظ على وحدة البلاد والحيلولة دون انجرافها إلى أتون ما يحدث مثلا في دولة السودان التي دخلت في صراع مسلح، فالأصل في المؤسسة العسكرية الحياد، وهي الضامن”، مشيرا إلى أنّ تحفظ مجلس الدولة ليس بشأن العسكريين بل حيال كل المؤسسات “كمؤسسة القضاء، لأنها مؤسسات ضامنة”.
وحول قدرة لجنة 6+6 على إنجاز القوانين الانتخابية قبل نهاية يونيو كما تأمل البعثة الأممية، قال السريري “إذا توفرت الجدية، فإنجاز القوانين الانتخابية قبل يونيو المقبل ليس صعبا، فالقوانين وسيلة وليست غاية”، مستدركا بالقول “الدعم الذي يجب أن يقدمه باتيلي والمجتمع الدولي هو توفير الأجواء الموضوعية لإجراء الانتخابات، كالبيئة الأمنية والسياسية، لكن وضع قوانين انتخابية دون توفر هذه الشروط الموضوعية يمكن أن يعمق الانقسام”.
وسبق وأن شكل المجلسان لجنة مشتركة للتوافق على قاعدة دستورية، لكن الشروط المتعلقة بمزدوجي الجنسية والعسكريين حالت دون اتفاقهما، حيث يطالب مجلس النواب بالسماح لهما بالترشح، فيما يرفض مجلس الدولة ترشحهما.
وكرر باتيلي، في عديد المناسبات، أن دوره يقتصر على لعب “دبلوماسية الوسيط المتنقل لتشجيع التوصل إلى حل وسط بشأن القضايا الرئيسية التي تعيق إحراز تقدم بشأن الانتخابات”، مشيرا إلى عمله على “توسيع العملية السياسية لتشمل نطاقا أوسع من الأطراف الفاعلة”.
وعلى الرغم من إعلانه، منذ نهاية فبراير الماضي، عن عزمه إطلاق مبادرة تهدف لتجاوز الانسداد السياسي وإجراء الانتخابات البرلمانية والرئاسية خلال العام الحالي، فإنه لم يعلن لاحقا عن تفاصيلها، باستثناء إمكانية تشكيل “لجنة توجيهية رفيعة المستوى تجمع كل أصحاب المصلحة، والمؤسسات، والشخصيات، والقادة القبليين، والأطراف ذات المصلحة، والنساء والشباب”، بحسب تصريحات له.
لكن تحركاته في المشهد تشير إلى أن لقاءاته الكثيفة مع الأطراف الليبية تسير ضمن مبادرته لتوسيع مشاركة الأطراف الفاعلة في العملية السياسية. ففي مارس الماضي وإبريل الجاري، أشرف باتيلي على تيسير اجتماعين في طرابلس وبنغازي ضمّا أعضاء لجنة 5+5 العسكرية المشتركة، بالإضافة إلى عدد من القادة العسكريين والأمنيين من غرب وشرق البلاد، أكد أنهم أعلنوا “التزامهم بدعم الانتخابات بجميع مراحلها ونبذ العنف في جميع أنحاء ليبيا”، بحسب حديثه خلال إحاطته الأخيرة التي قدمها إلى مجلس الأمن. ولفت إلى أن جهوده لتيسير الاجتماعين جاءت في إطار سعيه “لتعزيز الاستقرار وضمان الأمن أثناء الانتخابات والفترة التي تليها”.
كما أكد، في الإحاطة ذاتها، أن انخراطه “في العمل مع المجلس الرئاسي وحكومة الوحدة الوطنية والمجلس الأعلى للدولة ومجلس النواب وقادة الجيش الوطني الليبي، فضلاً عن قادة الحكومة المعينة من مجلس النواب”، ولقاءاته “مع قادة الأحزاب السياسية وائتلافات القوى السياسية، والزعماء القبليين والأعيان وقادة المجموعات النسوية والشباب من جميع مناطق ليبيا”، يأتي في إطار توسيع دائرة المشاركة في الإعداد للانتخابات.
وتلقى جهود باتيلي دعما دوليا واسعا، بالإضافة لدعم مجلس الأمن، من أجل إجراء الانتخابات الليبية المؤجلة خلال العام الجاري.