العربي الجديد-
وسّعت السلطات الأمنية الليبية عملياتها لملاحقة شبكات تهريب المهاجرين السريين في البلاد، وتمكنت من توقيف أفراد عدة شبكات خلال الأيام الماضية في مناطق وسط وجنوب البلاد.
وأعلن “اللواء 444 قتال” التابع لحكومة الوحدة الوطنية، في نهاية الأسبوع الماضي، ضبط ثلاث سيارات محملة بمجموعات من جنسيّات أفريقيّة، مشيراً إلى أن هؤلاء المهاجرين تم تهريبهم عبر الحدود، وقال عبر صفحته الرسمية على “فيسبوك”، إنه أطاح بشبكة المهربين المسؤولة عن نقل هؤلاء المهاجرين، وكان بحوزتهم “قطع من الأسلحة النّاريّة”.
وفي مطلع نوفمبر الجاري، أعلن ذات اللواء، الإطاحة بشبكة أخرى في ذات المنطقة، وكانت تضم ثلاثة مهربين جرى ضبطهم بعد اشتباكات مسلحة معهم، وتم ضبط ومصادرة سيارتين، وعددٍ من الأسلحة والذخائر.
ويعد “اللواء 444” من أنشط التشكيلات المسلحة العاملة في تتبع ورصد شبكات التهريب في مناطق غرب ليبيا، لكن تحولت عملياته مؤخراً لتغطية مناطق وسط وجنوب البلاد، في خطوة لتوسيع دائرة العمليات، بهدف “الحدّ من جرائم التهريب والاتجار بالبشر”.
ويقول نصر الشويطر، الضابط في إدارة القوافل الصحراوية التابعة لجهاز مكافحة الهجرة، إن “مسارات التهريب تتجه من الحدود الجنوبية إلى مناطق الشمال، وتنتشر عدد من النقاط التي يقيمها المهربون لنقل المهاجرين إلى عرض البحر لارتياد قوارب الهجرة، لكن مناطق الوسط والجنوب تعد منطقة عبور متشعبة المسارات في وسط الصحراء، كما تتواجد فيها الكثير من مخازن تجميع البشر”.
ونشطت السلطات الأمنية المكلفة بتتبع ورصد شبكات تهريب المهاجرين منذ أشهر في منطقة بني وليد (190 كم جنوب شرق العاصمة طرابلس)، والتي تعد نقطة تجميع المهاجرين النهائية قبل نقلهم إلى نقاط التهريب على الساحل الغربي.
وفي إبريل الماضي، تمكن اللواء 444 من مداهمة أربعة أوكار لعصابات مسلحة في مدينة بني وليد، تم خلالها تحرير 18 مخطوفاً من جنسيات أجنبية، تواجدوا داخل زنزانات، بعضها انفرادية، وتعرّضوا فيها للتعذيب والانتهاكات الجسدية والمعنوية.
وخلال عمليات مشابهة بين إبريل ويونيو، أكد اللواء أن عملياته تستهدف “رؤوس التهريب”، وأن هذه العمليات “ستتوالى ولن تتوقف حتى القضاء عليهم، وجلب السلام”.
ومن بين أبرز العمليات، عملية جرت في شهر يونيو الماضي، واستهدفت ستة أوكار تتّخذها شبكات التهريب لتجميع المهاجرين السريين قبل نقلهم إلى نقاط الإبحار، واصفة عمليتها بأنها “واسعة وغير مسبوقة”، وتم خلال العملية “القبض على أحد المطلوبين في قضية قتل سقط ضحيتها مهاجرون قبل سنوات”.
وفي عملية أخرى، تم ضبط أحد رموز التهريب في ليبيا، وكان بصحبته ثمانية مهربين آخرين من جنسيات مختلفة، ومداهمة أوكار كان يقبع فيه 195 مهاجراً، من بينهم 23 امرأة وطفلان، وكان المهربون يحتجزونهم لطلب فدية مالية من ذويهم في مقابل إطلاق سراحهم.
ويؤكد الشويطر لـ”العربي الجديد”، على أهمية توسيع تلك العمليات، خصوصاً في ظل الأوضاع الأمنية الحالية، وكونها تجري في عمق الصحراء، وأن لا تتوقف دوريات البحث والرصد ليلاً أو نهاراً.
ورغم كثافة الجهود المبذولة في ملاحقة شبكات التهريب، والإيقاع برؤوس الشبكات، إلا أن الشويطر يؤكد أن “التحدي أكبر من الإمكانيات المتوفرة لسلطات الرصد والبحث والقبض على المهربين، ويقول: “كل الجهود ذاتية، ولا نتلقى أي دعم من المجتمع الدولي الذي لا يتوقف عن الحديث عن مخاطر ملف المهاجرين، على الرغم من علمهم بمسارات التهريب، لكنهم لا يقدمون أي دعم، ولو حتى المساعدة بالمراقبة الجوية، وعلى الحكومة الليبية مطالبة المجتمع الدولي في كل المناسبات بضرورة مؤازرة جهودها في مكافحة شبكات تهريب المهاجرين، وخصوصاً دعم قوات خفر السواحل التي تبذل جهوداً مضاعفة، ويتم في كثير من الأحيان تعرّض المهاجرين للغرق أو لمشكلات صحية بسبب تجاهل المنظمات الدولية القيام بدورها تجاههم”.
ويشير الضابط الليبي إلى أن “العديد من المنظمات الدولية تنشر سفنها في عرض البحر المتوسط، وبعضها بالقرب من السواحل الليبية، لكنها لا تقوم بأي شيء سوى عمليات الإنقاذ، ثم لاحقاً إعادة المهاجرين إلى الأراضي الليبية من دون أن تتحمل جانباً من العبء الإنساني تجاه هؤلاء المهاجرين”.
وكررت السلطات الليبية أن البلاد “منطقة عبور”، وأنه في ظل الأوضاع القائمة طوال السنوات العشر الأخيرة، فإنها لا يمكنها تحمل الأعباء الأمنية والاقتصادية والمالية من جرّاء استفحال ظاهرة تهريب المهاجرين الراغبين في الوصول إلى السواحل الأوروبية.