العربي الجديد-
بتقصّي آراء الخبراء ومضامين التقارير الدولية المتخصصة، يتبيّن أن محاولات ليبية لاستقطاب الاستثمارات الخارجية تصطدم بجملة من الأمور التي تعوق نجاحها، لا سيما الفساد الذي لا يزال مستشرياً في هذه الدولة، وسيطرة المليشيات في كثير من الأحيان على مفاصل أساسية فيها.
في السياق، يقول المحلل الاقتصادي أبو بكر الهادي لـ”العربي الجديد” إن هناك عوامل كثيرة طاردة للاستثمار الأجنبي، منها هشاشة الوضع الأمني بالبلاد، وعدم الاستقرار السياسي، فضلاً عن عدم وجود مستوى عال للشفافية، وكذلك غياب البيئة القانونية المحفزة للاستثمار، وزد على ذلك عدم الاستقرار الكلي للاقتصاد.
وأضاف أن هناك عوامل أخرى منها قطاع مالي ومصرفي غير متطور، وعدم وجود اقتصاد منفتح يعتمد على آلية السوق.
ورأى المحلل الاقتصادي محمد الشيباني أنه خلال العامين الأخيرين شهدت ليبيا إلى حد ما صفقات تجارية لعودة الشركات الأجنبية للبلاد، منها مشروعات الشركة العامة للكهرباء، وكذلك قطاع النفط والغاز، وعودة شركة “إيني” بعقود وصفقات للنفط والغاز، إضافة إلى الشركات الإنكليزية، وعودة الشركات التركية والمصرية للعمل دليل على الاستقرار الأمني.
كما أشار إلى أن مشاريع نُفذّت عبر شركات أجنبية خلال العام الماضي، ما يشير إلى عودة الاستثمار تدريجاً.
وفي هذا الإطار، يشير المحلل الاقتصادي حسين البوعيشي إلى أن المشكلة الأساسية لطرد أي استثمارات هي انتشار السلاح، وفرض المليشيات المسلحة سطوتها على الدولة، وتغولها على دور مؤسساتها، والتحكم بكل مفاصلها، وبالتالي، يصعب القيام بأي مشروعات جديدة إلا عبر الفساد.
وفي محاولة لجذب الاستثمار، اعتمد وزير الاقتصاد والتجارة في حكومة الوحدة الوطنية المؤقتة محمد الحويج، الأحد الفائت، 16 مشروعاً استثمارياً للقطاع الخاص بمناطق مختلفة، وقالت وزارة الاقتصاد والتجارة إن المشاريع تختص بعدد من الشركات المحلية بمجالات صناعة وتعبئة المواد الغذائية، وصناعة مواد البناء، والاستثمارات السياحية، وصناعة الرخام، وصناعة الكرتون والورق، وصناعة زجاج السيارات.
وحافظت ليبيا على ترتيبها من ضمن قائمة الدول العشر الأكثر فساداً في العالم، حيث قالت “منظمة الشفافية الدولية” إن المسؤولين العامين الفاسدين يخدمون أنفسهم بدلاً من الشعب، في وقت تتصارع النخب مع بعضها البعض على موارد النفط، وخلصت إلى أن البلاد “لن تستطيع المضي قدماً إلا عندما يوقف القادة حلقة الفساد”.
وحصلت ليبيا على 17 درجة على مقياس من صفر (فاسد للغاية) إلى 100 (نظيف للغاية) لتحل بالمركز 171 عالمياً، من ضمن 180 دولة، وفق مؤشر مدركات الفساد لسنة 2022 الذي تصدره “منظمة الشفافية الدولية” سنوياً. وتعزو المنظمة أسباب هذا الترتيب إلى تداخل الفساد، والنزاع والأمن بشكل عميق، ففي حالة ليبيا “أدت عقود من عدم المساواة والفقر والفساد إلى تأجيج التوترات في أثناء الربيع العربي، ما تسبب في وضع أمني هش واستمرار الاضطرابات”.
وسبق أن انتقدت وزارة الخارجية الأميركية بيئة الفساد والمليشيات التي تعوق الاستثمار في ليبيا، مشيرة إلى أن تدفقات الاستثمار الأجنبي الخارجية بلغت 205 ملايين دولار عام 2020، هبوطاً من 2.7 مليار دولار عام 2010.